الطفل لا ينهزم كالكبار، بل يظل ممسكا بلُعبة الأمل في يده، متكئا على قلبه المفعم بالبراءة، يردد بينه وبين نفسه بطفولية: «غدا ينتهى هذا الكابوس»، ولكن ما أصبح عليه العالم اليوم من انتهاكات ضد الأطفال، يجعل الجميع عراة من ضمائرهم، فاقدين كل معاني الإنسانية التي سقطت منا بقصد أمام ترك أطفالنا تغتالها يد الحرب والنزاع والجوع والفقر والعنف والاستغلال، وسط أرقام مفزعة تسحق ضحكات أطفالنا وترسم على أيديهم بالدم وتصلب أجسادهم وتثبتها بأوتاد عجزنا وصمتنا، والذين طال عليهم الأمد وأحرقتهم أيادي الحرب التي حرمتهم من الحرية والطفولة والأمان، حتى «شاخوا قبل أوانهم».
اقرأ أيضا| الهواء فيه سم قاتل.. «المناخ» يحصد أرواح أطفال العالم
اقرأ أيضا| حوار| مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة: أطفال غزة يتعرضون للقتل والتعذيب والتجويع
عالم الأطفال - الذي يقدر بنحو 2.3 مليار طفل - أصبح جرحا غائرا لا يتوقف نزيف الأرقام فيه عن السيلان، لتجد نفسك أمام أرقام مرعبة حيث في عام 2019 كان 1.6 مليار طفل يعيشون في بلد متضرر من النزاع، وما يقرب من 426 مليون طفل يعيشون في منطقة نزاع؛ وقد أدت الصراعات إلى نزوح أكثر من 30 مليون طفل؛ يتعرض كثيرون منهم للاستعباد والاتجار وسوء المعاملة والاستغلال، وفي الفترة بين عامي 2005 و2022، تم توثيق أكثر من 315 ألف انتهاك خطير ضد الأطفال، ارتكبتها الأطراف المتحاربة في أكثر من 30 نزاعا، وما لا يقل عن 120 ألف طفل قتلوا أو شوهوا بسبب الحروب حول العالم بين عامي 2005 و2022.
فيما يعيش نحو بليون طفل في بلدان تعاني ضعفا حادا في قدرتها على الصمود أمام آثار التغير المناخي، كما تم تهجير ما لا يقل عن 36.5 مليون طفل من ديارهم؛ فيما ارتفع عدد الأطفال العاملين في العالم إلى 160 مليون طفل، بالإضافة إلى أن عام 2022 شهد إصابة 148 مليون طفل دون الخامسة من العمر بالتقزم، وتعرض 45 مليون طفل للهزال و 37 مليون طفل يعانون من الوزن الزائد، ولا يزال ملايين الأطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية، بخلاف أن ما يصل إلى مليار طفل في المرحلة العمرية بين عامين إلى 17 عاما قد تعرضوا إلى عنف بدني أو جنسي أو وجداني أو عانوا من الإهمال في عام 2021، وسيكون أكثر من 60 مليون طفل في سن التعليم الابتدائي خارج المدارس دون أن يحصلوا على حقهم في التعليم، ويرجح أن تتزوج أكثر من 150 مليون فتاة إضافية قبل بلوغهن سن الـ 18 بحلول عام 2030.
المجتمع الدولي الذي انشغل بحروب هنا وصراعات وأزمات هناك، يجب أن ينتبه لهذه الأرقام التي تتفاقم يوما بعد يوم، ولابد أن تنتبه الإنسانية جمعاء، إلى هؤلاء الأطفال الذين إن فرطنا فيهم فنحن نفرط في مستقبلنا وبقائنا، ويجب على الحكومات وجميع أطراف النزاعات الدائرة أن تعمل على الوفاء بالتزاماتها بحماية الأطفال، ويجب على المؤسسات الدولية المعنية بالسلام والأمن والغذاء والصحة أن تفعل المزيد لإيلاء الأولوية لسلامة هؤلاء الأطفال حتى لا نصل إلى منتصف متاهة، حيث لا طريق العودة متاح، ولا الطريق إلى الأمام مفتوح.
ورغم كل هذه الأرقام المفزعة والحروب والدماء والرعب الذي يكتنف أفئدة هؤلاء الأطفال، وسط تجاهل العديد من الدول والمؤسسات الدولية لكل ما يلاقيه الأطفال من كوارث في مختلف دول العالم، جاءت مصر بخطى الواثق من إنسانيته لتسير على جمر التحديات وسط أشواك التركة القديمة لإهمال الأطفال وعدم رعايتهم، ومنذ أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد البلاد، حمل على عاتقه حماية الأطفال من منطلق الأب المسؤول قبل القائد المُكلف، والذين يقدر عددهم وفق آخر إحصائية رسمية 39.6 مليون طفل، وبإرادة سياسية صادقة أنطلق في رعاية أطفالنا صحيا واجتماعيا، وأطلق العديد من المبادرات التي كان لها عظيم الأثر الإيجابي عليهم، والتي كان أبرزها المبادرات الصحية مثل: «الاكتشاف المبكر وعلاج ضعف وفقدان السمع عند الأطفال حديثي الولادة، والكشف المبكر عن الأمراض الوراثية لحديثي الولادة، وعلاج أطفال مرضى الضمور العضلي الشوكي، ودعم الصحة النفسية والتدخل المبكر لاضطرابات طيف التوحد للأطفال، ونور حياة لمكافحة مسببات ضعف وفقدان الإبصار، والتي تستهدف الكشف المبكر على 5 ملايين طالب بالمرحلة الابتدائية، واكتشاف وعلاج حالات سوء التغذية بين طلاب المدارس الابتدائية، ومبادرة العناية بصحة الأم والجنين».
كما كان للمبادرات الاجتماعية نصيب كبير من الاهتمام بحقوق وحماية الطفل، والتي كان أهمها: «مبادرة حماية الأطفال من الخطر، والتي تبنت أولى الخطوات لإنقاذ مليون طفل من أطفال الشوارع، وإطلاق تطبيق نبتة مصر للإبلاغ عن حالات تعرض الأطفال للخطر، وإطلاق مبادرة دوى لتشجيع الفتيات على التحاور وإبداء آرائهن وتطوير قدراتهن، وإطلاق مبادرة قرية صديقة للطفل، وإطلاق فعاليات الحملة التوعوية لسة نوارة للتوعية بمخاطر الزواج المبكر للأطفال، وإطلاق حملة أماني دوت كوم من أجل حماية الفتيات والأطفال من العنف عبر الإنترنت، وإطلاق مشروع حماية ورعاية أطفال الشوارع من المخدرات، وإطلاق مبادرة أشبال مصر الرقمية في مايو 2022 والتي تستهدف تنمية المهارات التكنولوجية للطلاب، بالإضافة إلى تنفيذ أنشطة لتنمية المهارات الشخصية والقيادية، وإطلاق مبادرة «من إنسان لإنسان» ترتكز المرحلة الأولى منها على مشاركة الأطفال في تجهيز المساعدات الموجهة لفلسطين، والتي تأتي تحت شعار «من طفل لطفل»، حيث تستهدف رفع التوعية لدى الأطفال والنشء حول أهمية القضية الفلسطينية ودور مصر القيادي في دعمها على مدار التاريخ، وإطلاق مبادرة تمكين الطفل المصري، والتي تهدف إلى إكسابه السلوكيات الإيجابية والمهارات الاجتماعية التي تمكنه من أن يكون مبادرا ومشاركا في حل مشاكل مجتمعه، كما أنه في مايو 2019 تم تشكيل اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث بهدف توحيد جهود مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني للقضاء على ختان الإناث، كما تم تعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون الطفل الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2075 لسنة 2010، بخلاف إصدار الرئيس السيسي القانون رقم 189 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 وذلك لمواجهة التنمر ضد الأطفال».
كل هذا يأتي وسط فيض من الجهود الصادقة الأخرى التي تؤكد أن الطفل المصري يعيش عصرا ذهبيا في ظل القيادة الحكيمة تحت رعاية الرئيس السيسي، والتي كان آخرها إطلاق مبادرة تحت عنوان «بداية» والتي تهدف إلى خلق جيل جديد مشبع بالهوية المصرية، مع الاهتمام بنشأة الطفل منذ الولادة.