تمثل مشاهد وزن القلب في الفصل 125 من كتاب الموتى واحدة من أبرز الرموز الدينية والفلسفية في مصر القديمة.
ومن بين تلك المشاهد الفريدة، يظهر مشهد من بردية "ثنت آمون"، التي تعود إلى عصر الأسرة الحادية والعشرين، حيث تقدم الحواس، كالعينين والفم، شهادتها أثناء عملية وزن القلب.
هذه البردية، المحفوظة اليوم في المكتبة الوطنية بباريس، تكشف عن تفاصيل مذهلة حول العلاقة بين الحواس، القلب، والعدالة الإلهية في مصر القديمة.
وزن القلب.. عدالة ماعت في العالم الآخر
في العقيدة المصرية القديمة، كان وزن القلب يمثل مرحلة حاسمة في رحلة المتوفى إلى العالم الآخر. يُوضع قلب المتوفى في كفة ميزان، بينما تُوضع ريشة "ماعت"، رمز الحق والعدالة، في الكفة الأخرى. يشرف "أنوبيس"، إله التحنيط وحارس المقابر، على عملية الوزن، لضمان تحقيق العدالة.
بردية "ثنت آمون" وشهادة الحواس
تبرز بردية "ثنت آمون" مشهدًا غير مألوف؛ حيث تظهر المتوفاة على الجانب الأيمن وهي تقدم حواسها، مثل العينين والفم، كشهود في عملية وزن القلب. يعكس هذا المشهد الفريد الإيمان بأن الحواس كانت أدوات الإدراك في الحياة، وبالتالي تُطالب بالإدلاء بشهادتها حول أفعال المتوفى.
الحواس في كفة الميزان
في بعض مشاهد وزن القلب، كما تشير بردية "ثنت آمون"، كان يتم وزن الحواس بدلًا من القلب أو بجواره في نفس الكفة. يعكس ذلك أهمية الحواس في تقييم نقاء الروح، إذ كانت تُعتبر شاهدة على أفعال الإنسان خلال حياته.
التحليل الفني والديني للمشهد
تمثل بردية "ثنت آمون" عمق الفكر الديني والفني للمصريين القدماء في عصر الأسرة 21، استخدام الحواس في مشهد الوزن قد يرمز إلى تقييم شامل للإنسان، لا يقتصر على القلب فقط، بل يشمل أفعاله وأدوات إدراكه.
أهمية البردية
تُعرض بردية "ثنت آمون" اليوم في المكتبة الوطنية بباريس، حيث تُمثل إحدى الوثائق النادرة التي تلقي الضوء على تنوع التفاصيل في كتاب الموتى.
تُظهر هذه الوثيقة تطورًا في الفكر الديني المصري، مما يضيف بعدًا جديدًا لفهم الطقوس الجنائزية.
يبقى مشهد وزن القلب في بردية "ثنت آمون" شهادة حيّة على تطور العقيدة المصرية القديمة ورمزيتها العميقة.
إذ يعكس الإيمان بعدالة ماعت ودور الحواس كشاهدة على رحلة الإنسان في الحياة والممات، ليظل هذا المشهد جزءًا من تراث مصر الخالد.
اقرأ أيضا | تمنحك الشعور بالشبع.. تعرف على فوائد بذور الشيا
