رؤى مصرية

قرار تاريخى لتصحيح المسار

مروى حسن حسين
مروى حسن حسين


فى خطوة غير مسبوقة، وتصحيحا لمسار طويل من الظلم التاريخى للشعب الفلسطيني، وحالة التغاضى المريب عن انتهاكات بشعة يتعرَّض لها طيلة ستةٍ وسبعين عاماً من الاحتلال، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت، لارتكابهما مختلف الجرائم بين الثامن من أكتوبر 2023 وحتى 20 مايو 2024 على الأقل، وهو تاريخ تقديم الادعاء العام طلبات إصدار مذكرات توقيف.

أمر الاعتقال يضع إسرائيل فى حضيض أخلاقي، كدولة يتهم قادتها بارتكاب جرائم خطيرة ضد الإنسانية وجرائم حرب ضد السكان الفلسطينيين فى قطاع غزة.

وتتمثل التهم فى»تجويع ملايين الفلسطينيين فى غزة، والذين تحولوا إلى نازحين بعد طردهم من منازلهم المدمرة، وحرمانهم من المساعدات الإنسانية والكهرباء والبنزين والغذاء والمياه، والدواء، ومستلزمات التخدير».

بالإضافة إلى «الهجمات المتعمدة» على المدنيين، وقتل الأطفال الذين «ماتوا من الجوع والجفاف»، وغير ذلك من «الأعمال اللاإنسانية». يجب أن تضع مذكرات الاعتقال حدا للفظائع التى ترتكبها إسرائيل، وتؤدى لمساءلة حقيقية لجميع المذنبين. فهى خطوة ضرورية للحفاظ على النظام القانونى الدولي، نظرًا لحجم الجرائم والأدلة الدامغة التى جمعها الصحفيون الفلسطينيون الذين قتلوا أثناء تغطيتهم للأحداث.

استوفت الأدلة على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المعايير المطلوبة لإقناع المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، ما يبرز قوة القضية، وإن نتنياهو وجالانت ليسا الوحيدين اللذين يجب أن يخشَيَا العدالة، بل يجب أن يشمل ذلك أيضاً قادة إسرائيليين وجنودا،

لا تعنى مذكرة الاعتقال إدانة، ولكنها إشارة قوية إلى أن المحكمة تأخذ الاتهامات الموجهة ضد أى فرد على محمل الجد بما يكفى للتحقيق فيها، لضمان مثول الشخص فعليا أمام المحكمة، أو لمنعه من الاستمرار فى ارتكاب الجرائم.

ولاتملك المحكمة الجنائية الدولية سلطة شرطية تنفذ قرارات الاعتقال التى تصدر ومن ثم يكون من غير المنتظر أن يمثل من يصدر بحقه هذا القرار من إسرائيل أو من حماس. غير أنه من بين أبرز تبعات إصدار مذكرات اعتقال بحق أفراد من قبل المحكمة، أنه يقيد حركة الصادر بحقه بشكل كبير إذ تتردد الدول الـ124 الموقعة على الاتفاقية الخاصة بالمحكمة فى استقباله. وتلزم اتفاقية تشكيل المحكمة الدول الأعضاء بالقبض على من يصدر بحقه مذكرة اعتقال وتسليمه للمحكمة، غير أن ذلك لم يحدث فى معظم الحالات فسبق أن أصدرت المحكمة أوامر اعتقال بحق الرئيس الروسى الحالى فلاديمير بوتين والرئيس الليبى الراحل معمر القذافى والرئيس السودانى السابق عمر البشير.