تجلس الكاتبة والإعلامية الأردنية إيناس فارس أمام الميكروفون، مساء كل أربعاء لكي تتحدث إلي المستمع العربي من خلال برنامجها الإذاعي "تانجو شرقي".

كانت فكرة البرنامج تطارد إيناس في فترة دراستها الجامعية بكلية اللغات الحديثة من الجامعة الأردنية، تخصص اللغتين الإسبانية والإنجليزية ومع بعض الاقتراحات من الزملاء في راديو البلد، والحقيقة أن الفكرة كانت بالبداية مقتصرة علي تناول أدب أمريكا اللاتينية في كل حلقة، ومن ثم فكرت بتوسيع دائرة الاهتمامات لتشمل كافة الميادين من سياسة لأدب وفنون وتاريخ وحضارة، وذلك كان نابعاً من إيمانها التام بأن قارة أمريكا اللاتينية تستحق المشاهدة والمعاينة عن قرب أكثر من قبل العرب.

اختيار إيناس لذلك العنوان للبرنامج لأن الاسم الموسيقي بامتياز كوسيلة جذب للمستمع العربي، وحاولت بنفس الوقت التقريب بين العالمين من خلال دمج اسم أشهر الرقصات التراثية في أمريكا اللاتينية والتي هي رقصة الحرية في وجه شخصيات ذات عقول منغلقة، فكان تانجو بطابع شرقي.

ترى إيناس أن "الوجع" أكثر أوجه الترابط بين العالمين، أن الظروف التي واجهتها أمريكا اللاتينية منذ اكتشاف كولمبوس لها من احتلال وأطماع أجنبية ومحاولات التطهير العرقي والديني وإلغاء الهوية للسكان الأصليين تتشابه كثيرا مع ما يعانيه العرب أيضا، وهذا الوجع ترك أثره العميق وشكل ملامح الثقافتين،تنوه بأن أمريكا اللاتينية استطاعت النهوض والتحرر والوقوف بوجه العاصفة ووظفت كل ما مرت به من ظروف قاسية من احتلال وقتل وعصابات وأطماع في سبيل حريتها ونهضتها، والعرب يرون في تجربة أمريكا اللاتينية بصيص أمل لغد أفضل.تقدم إيناس كل أسبوع وجبة إذاعية خفيفة متنوعة للمستمع العربي من خلال فقرات متعددة، أخبار عن أمريكا اللاتينية" هذه الفقرة الأولي نتناول فيها أهم الأحداث التي حدثت في القارة خلال الأسبوع، ومن ثم "حكاية من أمريكا اللاتينية" وفي هذه الفقرة أتناول قصة قصيرة لأحد الكتاب وأحيانا تتناول قصة من القصص المحكية في تراثهم، وبعد ذلك يكون معها ضيف لنتحدث معه حول موضوع معين من أمريكا اللاتينية، وطوال مدة الحلقة تصاحبها أغان متنوعة من أمريكا اللاتينية وبعض الأغاني العربية التي تحمل الطابع اللاتيني أيضا.
تتناول إيناس مواضيع أدبية وتقديم كتاب مشهورين في برنامج ولعل تقديم مناضل ثوري أو شخصية تاريخية أسهل بكثير، ربما لأننا شعوب بالعموم لا تهتم بالقراءة وبالتالي لن تهتم بشيء لا تعرفه، ومع ذلك حاولت أن تقدم هؤلاء الأدباء بطريقة ممتعة وحاولت جذب المستمع للبحث عنهم أكثر، جابريل جارسيا ماركيز علي سبيل المثال حاضر معي تقريبا في كل حلقة منذ بداية البرنامج من خلال أقوال مأثورة له أو من القصص القصيرة وكذلك بابلو نيرودا وبورخيس وغيرهم من الكتاب أمثال ايزابيل الليندي أدواردو غالينو وأوكتافيو باث، أيضا حاولت المزاوجة والمقاربة بين الثقافتين فنيرودا علي سبيل المثال يشبه نزار قباني في قصائده وطريقة تعاطيه مع الحب والمرأة وحتي السياسة أما جابريل جارسيا ماركيز صاحب الواقعية السحرية فهو متأثر بشكل جلي بثقافتنا العربية والمواضيع التي تناولها في رواياته تتقاطع كثيرا مع الوجدان والواقع العربي.