الإمام الطيب.. انحياز للإرادة الشعبية

الإمام الأكبر أحمد الطيب
الإمام الأكبر أحمد الطيب

جمع مشهد 3 يوليو2013 رموز وقيادات الدولة الذين انحازوا إلى الإرادة الشعبية، ومن بينهم الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الذى لعب دورًا فى  دعم ثورة الثلاثين من يونيو.

كان لظهور الإمام الأكبر، بجوار رموز وقيادات الدولة، بحضور الفريق أول عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع فى ذلك الوقت، والبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وممثلين عن حزب النور، وحركة تمرد، خلال إعلان بيان عزل الرئيس محمد مرسي، بمثابة غلق الطريق أمام مزاعم جماعة الإخوان التى روجت لها فى الداخل والخارج، عقب تصديرها للمشهد بأن الاجتماع حرب على الإسلام.

قبل خطاب 3 يوليو الشهير بيوم، حث بيت العائلة المصرية، جموع المصريين على لم الشمل، والحفاظ على وحدة نسيجها الوطنى، وإعلاء القيم العليا للإسلام والمسيحية، ومعها قيمة المواطنة المصرية، وعدم الزج بالدين فى الصراع السياسى، والتحلى بالسلمية فى كل المواقف وفى كل الظروف والأحوال ووضع الوطن فى المكانة العليا فى القلوب والعقول وإعلاء مصلحته والبعد عن التشرذم والانقسام، وصيانة الدماء المصرية حتى تصل سفينة الوطن إلى بر الأمان.
وطالب شيخ الأزهر، فى بيان له فى 2 يوليو 2013، الجميع بتحمل مسئولياته أمام الله والوطن والتاريخ فى اتخاذ خطوات جادة وفاعلة للخروج العاجل من هذه الأزمة، تقديراً لصوت الشعب الذى فاجأ العالم بإلهام حضارى جديد من خلال تعبيره الراقى عن مطالبه، وحقناً للدماء، وصوناً للأعراض والأموال، وحفاظاً على الأمن القومى من التعرض للمخاطر المحدقة به داخلياً وخارجياً.

وحذر شيخ الأزهر من فتنة تجر البلاد إلى هاوية خطيرة ومستنقع كريه يشوه وجه مصر العظيم، قائلاً: «أحذركم من فتنة مهلكة، تذهب بوحدتكم، فتنة تصرف قواتنا المسلحة الباسلة عن مهمتها الوطنية الأصلية، وأن الدين والوطنية براء من أى دم يسفك وبراء من كل من يشارك فى كل قطرة دم تسفك».

خاض الطيب حرباً ضروسا مع جماعة الإخوان طوال سنوات عديدة، تعود إلى بداية توليه رئاسة جامعة الأزهر وامتدت بعد ثورة يناير وسيطرتهم على البلاد والأغلبية داخل البرلمان، بسبب محاولتهم اختطاف مصر بكل مؤسساتها وعدائهم الشخصى له منذ كان رئيسًا لجامعة الأزهر، فقد شهدت فترة رئاسته للجامعة محاولة طلاب الجماعة إقامة عرض عسكرى داخل الجامعة.

واستمر عداء الجماعة للشيخ بعد توليه منصب شيخ الأزهر، فكانت تدفع شبابها كثيرًا للتظاهر ضده ما وصل إلى حد محاولة اقتحام المشيخة، بسبب موقف الإمام الأكبر الرافض والمتصدى بقوة لمحاولات الجماعة المستمرة للسيطرة على الأزهر الشريف ومؤسساته، فكان الإخوان يريدون سحب البساط من تحت الأزهر وتحجيمه لتصبح مراكز الثقل للشيوخ والدعاة من غير الأزهريين وتكون حكرًا للمنتمين للجماعة وأنصارها.

وكان الأزهر العائق الأكبر أمام طريقهم لنشر فكرهم ورؤيتهم السياسية المختلطة بشعارات دينية، فكان من الطبيعى أن يسعى من أرادوا تطويع الدين لخدمة أهدافهم لتكون أكبر مؤسسة إسلامية فى العالم تحت سيطرتهم لخدمة مصالحهم الخاصة، وهو ما وقف الأزهر ضده بقوة وحافظ على استقلاليته رغم كل الضغوط.

تعرض الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف لهجمات شرسة من قبل جماعة الإخوان المسلمين قبيل وعقب ثورة 30 يونيو بعد إعلانه مساندة ودعم الثورة، ولكن الإمام الأكبر ضرب بتلك الهجمات عرض الحائط وقرر الانضمام إلى صفوف الجماهير التى خرجت إلى الميادين غاضبة، معلنة رفضها لرئيس الجمهورية وقتئذ محمد مرسى، وأعضاء جماعته فى 30 يونيو عام 2013.

وعقد بيت العائلة المصرية المنوط به لم شمل المصريين وقتها، عدة اجتماعات أصدر خلالها بياناً قال فيه: إن بيت العائلة المصرية وهو يقوم بدوره فى جمع شمل مصر، والحفاظ على وحدة نسيجها الوطني، وإعلاء القيم العليا للإسلام والمسيحية، ومعها قيمة المواطنة المصرية، وعدم الزج بالدين فى الصراع السياسى، وتميز مصر الحضاري عبر تاريخها الطويل فى السلم والتعايش فى الوسطية والاعتدال، فإننا نناشد المصريين جمعياً السلمية في كل المواقف وفى كل الظروف والأحوال، ووضع الوطن فى المكانة العليا فى القلوب والعقول، وإعلاء مصلحته فوق كل مصلحة والبعد عن التشرذم والانقسام، وصيانة الدماء المصرية حتى تصل سفينة الوطن إلى بر الأمان وتبقى مصر حصن الأمن للجميع.

وأصدر الإمام الأكبر بياناً عقب إلقاء السيسي بيان 3 يوليو، وضع الإمام الطيب 4 أسس بنى عليها موقف الأزهر من ثورة 30 يونيو فى خطابه الشهير، كانت بمثابة السند الشرعى للمؤسسات الوطنية للخروج على حكم الإخوان الفاشى، الأساس الأول: أن قرار الدعم للثورة كان منعا لصدام المصريين بسبب تصارع القوى السياسية وتعنت جماعة الإخوان، الأساس الثانى: الوقوف حائلًا ضد أى محاولة طائفية لمنع سيلان الدم المصرى.

واعتمد الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر فى الأساس الثالث ببيان ثورة 30 يونيو على قانون الشرع الإسلامي الذي يقضي بأن ارتكاب أخف الضررين واجب شرعى، والأساس الرابع: دعم قرار إجراء انتخابات رئاسية مبكرة يحتكم فيها الشعب إلى صندوق انتخاب يضمن نزاهته كلًا من القضاء والجيش والشرطة.

أكد الإمام أن مصر أغلى من أن تُسفك فيها دماء أبنائها تحت أى شعار، وأن موقف الأزهر هو الانحياز لشعب مصر الأصيل، والحفاظ على وحدة المصريين وحُرمة الدم المصرى، لافتاً إلى أن ذلك هو منهج الأزهر وتاريخه دائماً، ومصر تستحق من الجميع موقفاً وطنياً صادقاً.