خواطر الشعراوى.. موقف الإسلام من الطلاق

الشيخ الشعراوى
الشيخ الشعراوى

يقول الشيخ الشعراوى فى تفسيره للآية 227 من سورة البقرة «وَإِنْ عَزَمُواْ الطلاق فَإِنَّ الله سَمِيعٌ عَلِيمٌ»: الإسلام دين واقعى يعطى الزوج المسلم أشياء تنفس عن غضبه، وأشياء تمكنه من أن يؤدب زوجته، ولكن الإسلام يحب ألا يتمادى الرجل فى التأديب. وإذا تمادى وتجاوز الأربعة الأشهر نقول له: لابد أن يوجد حد فاصل.

وبعد ذلك ينتقل الحق سبحانه وتعالى فى التكليف إلى أن يتكلم عن الطلاق وقد تكلم من قبل عن الزواج والإيلاء حتى وصل الطلاق.

اقرأ أيضًا | خواطر الشعراوي.. بكة ومكة

وعندما نتأمل موقف الإسلام من الطلاق نجده يتكلم كلامًا واقعيًا يناسب الميول الإنسانية؛ لأننا ما دمنا أغيارًا فمن الممكن أن يطرأ على حياة الزوجين أحداث أو مشاعر لم تكن فى الحسبان ساعة الزواج.

ويجوز أن يكون الإنسان فى ساعة الزواج مدفوعا بحرارة ملكة واحدة، وبعد ذلك عندما يجىء واقع الحياة تتملكه ملكات متعددة، وقد تسيطر عليه المسألة الجنسية، وتدفعه للزواج، وفى سبيل إرضاء شهوته الجنسية قد يهمل بقية ملكات نفسه، فإذا ما دخل واقع الزواج وهدأت شِرّة وحرارة غرائز الإنسان تتنبه نفس الإنسان إلى مقاييس أخرى يريد أن يراها فى زوجته فلا يجدها ويتساءل ما الذى أخفاها عنه؟

أخفاها سعار وعرامة النظرة الجنسية، فقد نظر للمرأة قبل الزواج من زاوية واحدة، ولم ينظر لباقى الجوانب. مثلا قد يجد الزوج أن أخلاق الزوجة تتنافر مع أخلاقه، وقد يجد تفكيرها وثقافتها تتنافر مع تفكيره وثقافته، وربما وجد عدم التوافق العاطفى بينه وبينها ولم يحدث تآلف نفسى بينهما، والعواطف كما نعلم ليس لها قوانين.

فمن الجائز أن يكون الرجل غير قادر على الاكتفاء بوليمة جنسية واحدة، فهو لذلك لا يبنى حياته على طهر، وإنما يريد من امرأته أن تكون طاهرة عفيفة فى حياتها معه، بينما يعطى لنفسه الحرية فى أن يعدد ولائمه الجنسية مع أكثر من امرأة، وربما يحدث العكس، وذلك أن يجد الرجل أنّ امرأة واحدة تكفيه، لكن المرأة تريد أكثر من رجل.

وقد يكون الرجل طاهر الأسلوب فى الحياة، وتكون زوجته راغبة فى أن يأتيها بالمال من أى طريق، فيختلفان. وقد تكون المرأة طاهرة الأسلوب فى الحياة فلا ترضى أن يتكسب زوجها من مال حرام.

من هنا يأتى الشقاق، إن الشقاق يأتى عندما يريد أحد الزوجين أن تكون حياتهما نظيفة طاهرة، مستقيمة، ولا يرى الآخر ذلك. مثل هذه الصورة موجودة فى الواقع حولنا، فكم من بيوت تشقى عندما تختفى الوحدة الأسرية، وتختلف نظرة أحد الزوجين للأمور عن الآخر.

وهذا هو سبب الشقاق الذى يحدث بين الزوجين عندما لا يكتفى أحد الزوجين بصاحبه. ولو اتفق رجل وامرأته على العفاف، والطهر، والخيرية لاستقامت أمور حياتهما. ولذلك يأتى الإسلام بتشريعاته السامية لتناسب كل ظروف الحياة.