خارج النص

سبع سنوات «خُضر» فى أرض توشكى

د. أسامة السعيد
د. أسامة السعيد

10 ساعات فى قلب ملحمة زراعة صحراء الجنوب رغم التحديات

400 فدان فقط مستصلحة منذ 20 عاماً
وأبطال توشكى زرعوا 420 ألفاً فى 84 شهراً

المشروع تجسيد لقوة الإرادة المصرية ودرس ملهم للقدرة على صناعة الأمل

تطلب الأمر استخدام 3 ملايين طن من المتفجرات، ليشق رجال الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة طريق الحياة إلى توشكى الخير، ويعيدوا الأمل لمشروع حاصرته التساؤلات، فإذا به يتحول إلى موطن للإجابات، إجابات تمنحنا ثقة بقدرتنا على اجتياز التحديات.

شتان الفارق بين أن تقرأ مجموعة من الأرقام أو تستمع إلى شرح من أحد المسئولين، وبين أن ترى الواقع متجسداً أمام عينيك.
 على أرض الواقع تدرك الحقائق بعينيك، تعرف أن ثمة أموراً لا يمكن أن تُختزل فى أرقام، ولا تجسدها العبارات والكلمات مهما بلغت روعة الوصف أو دقة الصياغة.
قبل أقل من شهر، توقفت طويلاً أمام رقم عُرض خلال إطلاق الرئيس عبد الفتاح السيسى موسم حصاد القمح فى توشكى وشرق العوينات، كان الرقم يشير إلى أن حجم ما تم استصلاحه فى توشكى منذ إطلاق المشروع عام 1997 لم يتجاوز 400 فدان فقط، بينما بلغت المساحة الفعلية المزروعة اليوم على أرض المشروع بعد إعادة إحيائه، ومنذ 2017 وحتى يناير من العام الحالى 420 ألف فدان.
المفارقة فى الأرقام تبدو بالفعل هائلة، وبالتأكيد وراءها قصة تستحق أن تُروى، صحيح أن العديد من المسئولين حاولوا تقديم بعض الأجوبة حول كيفية تحقيق تلك «المعجزة»، إلا أن تعطش الصحفى لمزيد من المعلومات والحقائق لا ترويه الأرقام ولا العروض التقديمية مهما بلغت من الإتقان والتدقيق، فالصحفى دائماً يبحث عن إجابات شافية ومشاهدات عينية تجيب عن أسئلته التى لا تهدأ، وهو ما تحقق بالفعل بتنفيذ توجيه الرئيس السيسى بتنظيم زيارات للإعلاميين لمشاهدة ما يجرى هناك فى أقصى جنوب مصر.
بعد أقل من شهر كنا على موعد مع معاينة معجزة حقيقية تجرى وقائعها فى أرض بعيدة عن صخب الجدل على منصات التواصل الاجتماعى، بأيادٍ لا تجيد سوى العمل، وعقولٍ لا تفكر إلا فى النجاح لخدمة وطنها، وبينما كنت أنتقل من موقع إلى آخر خلال الزيارة التى امتدت لساعات طويلة، كانت تتردد فى عقلى الآية الكريمة «فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِى الْأَرْضِ».
■■■
فى درجة حرارة اقتربت من نصف درجة الغليان، وفى ذروة موجة حر لافح، بدأت الزيارة صباح أمس الأول، لكن ما رأيناه هناك  فى توشكى، على بعد ما يزيد على 1000 كم من القاهرة، وفى قلب صحراء لم تعرف العمران منذ آلاف السنين، أثلج الصدور، وألهمنا شعوراً بمدى قدرة الإرادة المصرية على تحدى كل الصعاب ومجابهة أية عوائق لتحقيق مستقبل يليق بهذه الدولة العريقة وشعبها الأبى.
الزيارة التى تولى تنظيمها فرع الإعلام العسكرى بإدارة الشئون المعنوية كانت حافلة بالكثير من التفاصيل التى أجاد رجال الشئون المعنوية فى إعدادها وترتيبها على أكمل وجه، وباحترافية ليست بجديدة عليهم، مما أتاح لجميع المشاركين من الإعلاميين والشخصيات السياسية والأعضاء بمجلس أمناء «الحوار الوطنى»، أن يحظوا بتجربة ثرية، طرحوا خلالها كل ما تبادر إلى الأذهان من تساؤلات، وتلقوا عنها إجابات شافية وشفافة.
أسئلة كثيرة تتزاحم على العقل، كيف يبدو الواقع هناك فى توشكى التى نسمع عنها منذ ثلاثة عقود؟ لماذا توقف الحلم الكبير آنذاك وانحسر فى بضع مئات من الأفدنة؟ وكيف أعادت الدولة المصرية بعث الحياة من جديد إلى الحلم القديم فأحالته حقيقة وواقعاً، وجعلت منه ملحمة يجب أن نزهو بها، تُضاف إلى ملاحم وبطولات خالدة صنعتها أيادى المصريين قبل عقود مثل: بناء السد العالى، وتحطيم خط بارليف.
الإجابات بدأت تتوالى، حتى قبل أن نصل إلى توشكى، الطائرة العسكرية ، حلقت بنا وهى تجوب الأجواء باتجاه مطار «أبو سمبل»، فوق آلاف من الدوائر الخضراء التى تقهر اللون الأصفر، كل دائرة بؤرة أمل تزرعها الأيادى الفتية فى قلب صحراء قاسية حاصرت بوعورتها وجفافها لآلاف السنين حلمنا فى الخروج من الوادى الضيق، لكن يبدو أنه آن الأوان لكى تخضع تلك الصحراء لإرادة المصريين المتسلحة بالعلم، وأن ترفع الصحراء راية لن تكون بيضاء هذه المرة، بل «خضراء».
كانت المياه - ولا تزال - هى العامل الرئيسى فى تحديد مساحة الأراضى الزراعية فى مصر، فتوفير المياه يعنى وصول الحياة، وكذلك كان وصول المياه إلى توشكى العائق الذى كاد أن يجهض حلم التنمية فى أقصى جنوب الوادى، فبعد سنوات من التخطيط والعمل، اصطدم الحلم بصخرة، والتعبير هنا ليس مجازياً، بل حرفى.
نعم.. اصطدم الحلم بصخرة هائلة من الجرانيت، وضعتها الطبيعة منذ ملايين السنين فى ذلك الموقع، تلك الصخرة كانت أشبه  بساتر جرانيتى عرضه 20 متراً وطوله 9 كيلومترات، لكنه كان يقف كعقبة كئود عصية على كل محاولات الترويض، حاجباً وراءه ما يزيد على 300 ألف فدان  تنتظر قطرة مياه، كى تتفجر من داخلها ينابيع الخير.
فى سنوات ماضية، ضُعفت الإرادة فى مواجهة الصخرة الجرانيتية، لكن من روضوا الجرانيت فى أسوان ليبنوا السد العالي، وأزالوا وأذلوا الساتر الترابى وخط بارليف فى 1973 ليحرروا أرضهم، وانتفضوا ليطهروا بلادهم من شراذم «الفاشية الدينية» خلال ثورة 30 يونيو 2013، لم يكن مستحيلاً عليهم أن يستعيدوا ذاكرة التحدى، متسلحين بإرادة صلبة وعزيمة لا تلين، ومستخدمين كل ما توافر من أدوات العلم والمعرفة والعمل.
تطلب الأمر استخدام 3 ملايين طن من المتفجرات، ليشق رجال الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة طريق الحياة إلى توشكى الخير، ويعيدوا الأمل لمشروع حاصرته التساؤلات، فإذا به يتحول إلى موطن للإجابات، إجابات تمنحنا ثقة بقدرتنا على اجتياز التحديات، وتنعش بداخلنا التفاؤل حول مستقبل أمننا الغذائى.
والإجابات الأهم - فى تقديرى - التى يمكن أن نستلهمها من ملحمة إعادة الحياة لتوشكى، تتعلق بقدرة وقوة الشخصية المصرية التى يراهن البعض على هزيمتها وتشويهها وطمس هويتها، فإذا بها تتجلى هناك تحت لهيب شمس الصحراء ناصعة قوية متحدية، تأبى الاستسلام لمحاولات نشر الإحباط واليأس، فتزرع مع النخيل والقمح وأشجار الفاكهة، أملاً فى غدٍ أفضل، هذا الأمل لا يثمر فقط هناك فى توشكى، بل فى قلب كل مصرية ومصرى محب لوطنه.
■■■
أسئلة عديدة سعيت للحصول على إجابات عليها خلال الزيارة، الأمر لا يقتصر على الأرقام والحقائق، لكن الأهم بالنسبة لى كان الحصول على كيفية تحقيق ذلك التحول الهائل فى الأداء والنتائج، وإذا ما كانت التجربة قابلة للتكرار فى ميادين أخرى.
أول الأسئلة كان يتعلق بإعادة الدولة إحياء مشروع توشكى بعد سنوات من التوقف، ومدى الجدوى الاقتصادية والاجتماعية أيضاً لذلك، إضافة إلى تجربة العاملين فى المشروع أنفسهم، وأسئلة عديدة أخرى تولى الإجابة عنها اللواء توفيق سامى توفيق رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية لاستصلاح وزراعة الأراضى الصحراوية، والتى كان عملها فى توشكى نقطة تحول حقيقية لمصير ومستقبل تلك الأرض.
يبدو اللواء توفيق بملامحه المصرية الأصيلة أشبه بذلك الفلاح الخالد على جدران المعابد المصرية القديمة، منحته الشمس سمرة تميز الوجوه العاملة هنا فى كل مكان، لكنها لم تخف بريق الحماس والحسم المتدفق دائماً من عينيه وهو يوجه رجاله، فسمات القائد متشابهة مهما تبدلت الميادين.
يفتخر اللواء توفيق بأنه ينتمى إلى جذور ريفية عريقة، يعرف تماماً قيمة الأرض ويجيد مخاطبتها لتبوح بأسرارها، عندما سألناه عن سبب عودة الدولة إلى مشروع توشكى استعان بكلمات الرئيس السيسى وهو يجيب عن سؤال مشابه فى مناسبة سابقة، بأن المشكلة لم تكن فى الجدوى الاقتصادية للمشروع أو فى التخطيط، وإنما كانت فى إرادة التنفيذ والقدرة على اجتياز العقبات، وهو ما تحقق بالفعل مع إسناد الأمر للشركة الوطنية لاستصلاح وزراعة الأراضى الصحراوية، وهى شركة تتبع القوات المسلحة، لكنها تلتزم بكل ما يوجبه القانون على الشركات العاملة فى مجالها.
وحول التحديات التى واجهتها الشركة عندما تسلمت أرض توشكى عام 2017 ولم يكن هناك سوى مساحة 400 فدان فقط مستصلحة، أوضح اللواء توفيق أن التحدى لم يكن قسوة درجات الحرارة أو وعورة التضاريس أو بعد المسافة عن مدن عامرة بالحياة، بل كان التحدى الحقيقى هو استعادة ثقة الناس فى إمكانية إعادة الحياة إلى توشكى.
كان الرجل يتحدث بصوت مُفعم بعمق وصعوبة التجربة، وأشار إلى أن حالة الإحباط من جدوى إعادة العمل فى مشروع مر عليه عقدان دون تحقيق شىء يُذكر كان كبرى العقبات التى حاول أن يتصدى لها، وقال كلمة صغيرة فى مبناها كبيرة فى معناها، فقد كان يردد لنفسه صباح كل يوم أن «توشكى مشروع لا يقبل الفشل».
لكن الإرادة وحدها لم تكن أداة هؤلاء الرجال فى مواجهة الموقف الصعب، بل العلم والعمل والاجتهاد والاستعانة بالخبرات والكفاءات المتخصصة، وكانت البداية باستئجار الشركة لقطعة أرض تصل مساحتها ألف فدان فى منطقة قريبة من مفارق الطرق بين توشكى وأسوان والعوينات وأرقين، وكان الهدف أن يرى الجميع بأعينهم ثمرة الجهد وعائد العمل، وبالفعل نجحت التجربة، واخضرت الأرض، وأيقن الجميع أن ثمة أملاً جديداً يمكن أن يخرج من جوف الرمال الصفراء.
هناك تجولنا بين مناطق حصاد القمح، رأينا السنابل الذهبية وهى تنحنى تواضعاً أمام إرادة الرجال السمر الذين لا يأبهون بحرارة صيف أو برد شتاء، طالما كانت قلوبهم مطمئنة بإيمان حقيقى فى توفيق ربهم، وعامرة بعشق وطنهم، ومليئة باحترام قيادتهم.
سألت أحد الضباط المهندسين العاملين فى الموقع منذ بدايته، هل كنت تصدق أننا سنقف اليوم وسط هذا المشهد؟ أجاب بحسم: طبعا لا.. واستطرد: عندما جئنا للموقع فى 2017 كان كل شىء يدعو إلى الاعتقاد بأننا نحرث فى البحر، مناطق جبلية أو صحراوية قاحلة، لكن بالإصرار والعمل ليلاً ونهاراً دون النظر إلى معوقات أو عقبات وبتحفيز هائل من قياداتنا استطعنا أن نفعل شيئاً.
عبارة لن أنساها من ذلك الضابط الشاب، وهو يصف حجم الجهد الذى بذله كل من عملوا فى الموقع بداية من قيادات الشركة الذين لم يغادروا الموقع طيلة أشهر طويلة، عندما قال: هنا نؤمن بمقولة «إن كنت إمامى .. فكن أمامى»، فالتزام وإصرار وتفانى القيادة هو أكبر دافع لمن يقفون وراءهم صفاً واحداً على بذل كل ما يملكون من جهد.
اليوم.. يعمل فى الشركة 4 آلاف عامل مدنى من مختلف المحافظات، يتقاضون أجوراً تنافسية، كما تعمل شركات عربية بنجاح فى الموقع ذاته، مستفيدة مما تحقق من طفرة وتسهيلات، والباب مفتوح لمزيد من المستثمرين للاستفادة من فرص واعدة وميسرة للعمل، بعدما اجتازت المنطقة «عنق الزجاجة»، وباتت أرضها ممهدة وطرقها معبدة ومرافقها مكتملة من كهرباء ومياه واتصالات وشبكات ومناطق لوجستية للنقل.
فى توشكى اليوم أكبر مزرعة للتمور فى العالم، تضم 1.6 مليون نخلة، من المستهدف زيادتها إلى 2.5 مليون قريباً، تنتج عشرات الأنواع من التمور المطلوبة فى الأسواق الإقليمية والعالمية، والتى يجرى تصدير كميات كبيرة منها، وهو ما وضع مصر إلى جانب مناطق أخرى تجود بها زراعة النخيل ضمن العشرة الكبار المصدرين للتمور فى العالم.
ولا يُكتفى هنا بما تنتجه أرض توشكى من تمور، بل يجرى حالياً تنفيذ مصنع لإنتاج الأخشاب من مخلفات النخيل، إضافة إلى مجموعة من وحدات التصنيع الزراعى الأخرى القادرة على زيادة القيمة المضافة لما تنتجه أرض توشكى.
الأمر نفسه ينطبق على مزارع العنب والمانجو وغيرها من المحاصيل التى تجود زراعتها فى أجواء توشكى، إضافة إلى تطبيق تجربة زراعة المساحات البينية بين النخيل ومزارع العنب وغيرها، حيث يستغل العاملون هنا كل شبر من الأرض، فيزرع القمح والذرة الصفراء والنباتات الطبية والعطرية وغيرها للاستفادة من كل قطرة مياه.
وهناك أيضاً خطة طموح لإطلاق مشروعات للثروة الحيوانية، مستفيدة مما بات متوافراً من أعلاف توفره نواتج زراعة القمح، الذى يحتل الأولوية فى زراعات توشكى، باعتباره محصولاً استراتيجياً، إضافة إلى زراعة آلاف الأفدنة الأخرى بالذرة الصفراء، الأمر الذى يجعل مشروعات الثروة الحيوانية ذات ميزة تنافسية مع انخفاض تكلفة التغذية.
■■■
أحد الأسئلة المهمة التى طُرحت خلال الزيارة كان حول مدى التزام الشركة بدفع التزاماتها لمؤسسات الدولة كالكهرباء وغيرها، وكان الرد حاسماً من اللواء توفيق سامى، عندما أشار إلى أن الشركة كغيرها من الشركات، سواء الخاصة أو المملوكة للدولة، تدفع التزاماتها كاملة لمختلف جهات الدولة، وأن توجيهات القيادة السياسية حاسمة فى هذا الأمر.
كما تلتزم الشركة بكل محددات ترشيد استخدام المياه، القادمة من ترعة الشيخ زايد، والتى تحددها وزارة الرى، فضلاً عن استخدام أحدث تقنيات الرى التى توفر كل قطرة مياه وتوظيفها للزراعة، ويجرى التعاون لرفع كفاءة الإنتاج مع مختلف مؤسسات الدولة العلمية مثل مراكز البحوث الزراعية التى تطبق العديد من دراساتها فى حقول استرشادية بتوشكى، أملاً فى استنباط محاصيل جديدة أعلى إنتاجية ومناسبة للأجواء المناخية هناك.
البعد الاجتماعى أيضاً لم يكن غائباً عن رؤية العمل فى توشكى، فالأمر لا يقتصر فقط على توفير سبل تحقيق الأمن الغذائى أو بناء واحد من أكبر مشروعات التنمية فى مصر والمنطقة، بل يتضمن كذلك بناء مجتمع عمرانى قابل للحياة على مدار العام، وهو ما تقوم به الدولة أيضاً عبر بناء مساكن بأسعار مناسبة للراغبين فى الانتقال للحياة الكاملة، وتوفير كل سبل الحياة والخدمات لهم.
■■■
تنساب الكلمات وتضيق العبارة عن وصف حقيقة ما يجرى هناك فى قلب توشكى، التى أتمنى أن تتحول إلى مزار لكل مصرى تتزاحم حول عقله محاولات التأثير المصطنع لإحباطه، وإفقاده ثقته فى نفسه وفى قدرته على البناء ونشر العمران فى كل مكان.
ما يجرى فى توشكى ملحمة حقيقية يصنعها مصريون ارتدوا ثوب الجدية فى كل أمورهم، وشمروا عن سواعد الاجتهاد والإخلاص فأنجزوا ما بدا يوماً أنه مستحيل.
ما يتحقق اليوم فى توشكى درس ملهم فى قوة الإرادة وقدرة الإدارة، والتمسك بصناعة الأمل وبناء كل ما ينفع الناس .. ليمكث فى الأرض.