قلم على ورق

«مش روميو وجوليت».. أوبرا شعبية

محمد قناوي
محمد قناوي

يبقى للمسرح سحره الخاص الذى لا ينافسه فيه أى فن آخر، ولم لا وهو أبو الفنون؟ فهو يشعرنا بنشوة لا مثيل لها، نشوة الفرجة بحواسك، عندما تنتقل من بيتك، وجلستك المريحة وتنقطع لساعات عن برامج التليفزيون الموجهة وعالم السوشيال ميديا الذى غرقنا فيها بالإكراه، لتستمتع بعرض مسرحى يناقش أفكارا ويقدم قيمة فكرية تنهى حالة الملل ورتابة الأفكار الهدامة والعنصرية والطائفية، لتعيش كل هذا السحرعلى المسرح، وتلتقى ممثلين»لحما ودما» واحداث مباشرة دون كاميرا وفلتر وطبع وتحميض ومونتاج، لتجد نفسك فى متعة ما بعدها متعة.

 وخلال إجازة عيد الأضحي، قررت أن أعيش هذه المتعة الساحرة، فاصطحبت أسرتى إلى المسرح القومى بالعتبة، لمشاهدة عرض»مش روميو وجوليت» انتاج فرقة المسرح القومى بقيادة د.أيمن الشيوي، الفنان وعميد المعهد العالى للفنون المسرحية، واعداد واخراج القدير عصام السيد، أحد رموز الحركة المسرحية المصرية، وعاونه فى اعدادها محمد السورى.

كنت أنتظر الاستمتاع بمشاهدة عرض مأخوذ عن النص المسرحى الشهير»روميو وجوليت» لشكسبير، الذى يُعد أحد أهم الكلاسيكيات المسرحية العالمية والتى أعُيد تقديمها بمئات المعالجات على مسارح العالم، ولكن وجدت أمامى عرضا غنائيا استعراضيا عبارة عن «أوبرا شعبية» تتحدث عن أهم العلاقات الإنسانية وهو «الحب»، الحب بين البشر عموما، بغض النظر عن الجنس أو اللون أو الدين، الحب كأسمى معانى الإنسانية، ويقدم دعوة للتسامح وقبول الآخر مهما كان، دعوة أن نرى العالم بقلوبنا لا بأعيننا، ولا نفرض وصاية على أحد، اتخذ العرض من علاقات طلاب أحد المدارس الثانوية بشبرا نقطة انطلاق لمناقشة الفكرة، وعلاقات الطلاب ببعضهم ومعلميهم فى ظل اختلافات عقائدية وفكرية وطرح فكرة وجود التعصب فى كل العقائد وذلك فى قالب موسيقى غنائى استعرضي، أبدع فى ترجمته أبطال العرض بداية من المطرب الكبير على الحجار العائد للمسرح بعد غياب 17 عاما  منذ مسرحية «يمامة بيضا»، والذى قدم بمشاركة «رانيا فريد شوقي» و»ميدو عادل» لوحات غنائية موسيقية استعراضية مبهرة، ومعهم «عزت زين والمطربة أميرة أحمد ودينا النشار وطه خليفة وآسرعلي، وطارق راغب، من خلال صياغة شعرية لأمين حداد وموسيقى أحمد شعتوت واستعراضات شيرين حجازي،وإضاءة ياسر شعلان، وأبرزت ديكورات محمد الغرباوى الجو العام الذى تدور فيه أحداث العرض وهو حى شبرا العريق، ليقدموا «أوبرا شعبية» لا تربطها برائعة شكسبير سوى مشهدين فقط، فهنا المعالجة مختلفة شكلا ومضمونا لتصبح «مش روميو وجوليت»، أوبرا شعبية مصرية خالصة.