خبير آثار يكشف عن سر رقم «21» وتعامد الشمس على معابد مصر

صورة موضوعية
صورة موضوعية

اليوم 21 يونيو تتعامد الشمس على معبدي رمسيس الثالث ومرنبتاح وتنير مقاصيرهما المقدسة وقت الظهيرة بزاوية عمودية.

وفى ضوء هذا يؤكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، أن سر الرقم 21 وظاهرة تعامد الشمس على معابد مصر هى قيمة عالمية استثنائية تستحق التسجيل كتراث ثقافى لامادى على القائمة التمثيلية لليونسكو طبقًا لاتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي الذي اعتمدها المؤتمر العام لليونسكو في 17 أكتوبر 2003 ودخلت حيز النفاذ عام 2006 وصدّقت عليها 161 دولة.

وعن سر رقم 21 أوضح الدكتور ريحان، أن الشمس تتعامد اليوم 21 يونيو على معبدي رمسيس الثالث ومرنبتاح، وفي مناسبة يوم الانقلاب الصيفي اليوم يتكرر التعامد فى معبد إدفو بأسوان، ومعبد هيبس بالوادي الجديد، ومعبد أبيدوس بسوهاج، ومعبد دندرة بقنا، وأن السنوات الأخيرة شهدت توثيق أكثر من 22 ظاهرة فلكية بالمقاصير والمعابد المصرية القديمة المنتشرة في محافظات مصر، كما تشهد معابد الكرنك ظاهرة تعامد الشمس على المحور الرئيسي لمعبد آمون رع يوم 21 ديسمبر من كل عام وهو بداية فصل الشتاء رسميًا.

اقرأ أيضا | سر الانقلاب الشتوي.. حين تتعامد الشمس على معبد الكرنك

كما كانت تتعامد الشمس على معبدى أبو سمبل يومي 21 أكتوبر و21 فبراير من كل عام وبعد نقل المعبد على تل ارتفاعه 66 متر تأخرت الظاهرة 24 ساعة لتصبح 22 أكتوبر و22 فبراير من كل عام، وقد نقل المعبدين إلى موقعهما الحالى فى الحملة العالمية التى أطلقتها منظمة اليونسكو لإنقاذ المواقع المهددة بالغرق من جرّاء بناء السد العالى خلال الفترة من 1960 إلى 1980م بتكلفة بلغت وقتها 80 مليون دولار وشاركت فيها 50 دولة وساهم فيها الإيكوموس.

وتخترق أشعة الشمس الممر الأمامى لمدخل معبد رمسيس الثانى بطول 60 متر حتى تصل إلى قدس الأقداس الذى يضم منصة تشمل تمثال الملك رمسيس الثانى جالسًا وبجواره تمثال الإله رع حور آختى والذي يحمل على رأسه قرص الشمس وثعبان أوريوس والإله آمون إله الشمس والريح والخصوبة، بينما يظل تمثال الإله "بتاح" في ظلام لأن قدماء المصريين لكانوا يعتبرونه "إله الظلام"، وتستغرق ظاهرة تعامد الشمس 20 دقيقة وقد تصل إلي 25 دقيقة .

وأردف الدكتور ريحان بأن أسباب ذلك هو تصميم المصريين للمعبد بناءً على حركة الفلك لتحديد بدء الموسم الزراعى وتخصيبه والآخر لبدء موسم الحصاد .

ونحت المعبدين فى الجبل في عهد الملك رمسيس الثاني في القرن ال 13 قبل الميلاد كنصب دائم له وللملكة نفرتاري للاحتفال بذكرى انتصاره في معركة قادش، وتم نقله على تلة اصطناعية مصنوعة من هيكل القبة وفوق خزان السد العالي في أسوان.

وتم اكتشاف معابد أبوسمبل لأول مرة فى أغسطس عام 1817 عندما نجح المستكشف الإيطالى جيوفانى بيلونزى، فى العثور عليها ما بين رمال الجنوب وسمي المعبد بهذا الاسم على اسم طفل صغير قاد المستكشفين إلى الموقع من جديد والذي كان يراه من وقت إلى آخر في الرمال المتحركة وفي نهاية المطاف أطلق المستكشفون اسمه على المعبد .

وتابع الدكتور ريحان، بأن الشمس تتعامد أيضًا يوم 21 ديسمبر من كل عام على قدس الأقداس بمعبد قصر قارون بالفيوم بالتزامن مع تعامد الشمس على معبد الكرنك بالأقصر، ويبعد معبد قصر قارون حوالى 65 كم عن مدينة الفيوم ويقع جنوب غرب بحيرة قارون ضمن التقسيم الجغرافى فى شمال غرب إقليم الفيوم بمركز يوسف الصديق، وتسمى المدينة بمدينة ديونيسيوس، وهي مدينة شيدت في العصر البطلمى حوالى القرن الثالث قبل الميلاد وكانت تسمى ديونيسيوس نسبة إلى إله الخمر عند اليونانيين، فى منتصف المدينة شيد معبد للإله سوبك الإله المحلى لإقليم الفيوم والذى كان يعبد فى صورة تمساح، شيد المعبد من الحجر الجيرى.

وقد اكتشف الظاهرة الدكتور مجدى فكرى وبدأ الاحتفال بها 2010 وتتعامد الشمس لمدة 25 دقيقة حتى تدخل لمدخل المعبد ثم تتسرب من خلال محور المعبد لتضىء المقصورة الوسطى لقدس الأقداس والتى يفترض انها كانت تحتوى على المركب المقدس للإله سوبك لتنحرف يمينا لتنير المقصورة اليمنى والتى يفترض انها كانت تحتوى على تمثال الإله فيما تظل المقصورة اليسرى غارقة فى الظلام حيث كانت تحوى على مومياء للإله سوبك التمساح والتى كانت يجب أن تبقى فى الظلام.

ونوه الدكتور ريحان، أن سر رقم 21 يكمن فى عبقرية قدماء المصريين فى الفلك ورصدهم للظواهر الفلكية مثل كسوف الشمس كما اتخذوا أسماء الكواكب كآلهة فعبدوا اله الشمس (رع) واعتمدوا النظام الشمسي وقسموا السنة إلى 3 فصول  كل فصل يتألف من أربعة أشهر، وقد أطلقوا على الأول الفيضان أو "اخت" والثاني فصل بذر الحبوب أو "برت"، والثالث فصل الحصاد أو "شمو"، بل واستطاعوا أن يتعرفوا عن الكواكب الأخرى، كعطارد، الزهرة، المريخ، المشتري، زحل، كما استطاعوا رصد حركة بعض النجوم والأجرام السماوية وتحديد أبراجها واستطاعوا أن يتعرفوا على الكواكب الأخرى مثل عطارد ، الزهرة، المريخ ، المشتري، زحل و ابتكروا الساعة الشمسية.

واختتم الدكتور ريحان بأن أحفاد قدماء المصريين أصبح لهم نصيبًا من ظاهرة التعامد حيث تتعامد الشمس أيضًا بكنيسة الملاك ميخائيل بكفر الدير بمنيا القمح محافظة الشرقية في ظاهرة فلكية روحانية تحظى بزيارة المصريين مسلمين ومسيحيين وتعد الكنيسة محطة هامة فى مسار العائلة المقدسة والذى يعود تاريخها إلى القرن الرابع الميلادي وتتعامد الشمس بها ثلاث مرات سنويًا أول مايو على مذبح القديس مار جرجس فى عيد استشهاده، و 19 يونيو على مذبح الملاك ميخائيل فى عيده والذى حدث منذ أيام، و 22 أغسطس على مذبح السيدة العذراء فى عيدها ولكن حجبت أشعة الشمس عن هذا المذبح نتيجة إضافة مبنى خرسانى للخدمات الكنسية على واجهة الكنيسة عام 1984‪ ‬‬‬‬.‬‬‬

ومن الجدير بالذكر أن فريقًا من المهندسين المعماريين والأثريين فى المتحف المصرى الكبير قاموا بمحاكاة هذه الظاهرة وإقامة تمثال الملك رمسيس الثانى فى البهو العظيم بالمتحف فى زاوية من خلالها تشرق الشمس وتتعامد على وجه الملك يوم 21 فبراير و21 أكتوبر من كل عام وذلك منذ تطبيق الفكرة عام 2021.

وقد أوضح المهندس عادل سعد أحد مسؤولي المتحف المصري الكبير، كيف تم تنفيذ الفكرة موضحًا أن العمل بدأ بدراسة صاحب الفكرة المهندس أحمد عوض؛ بتحديد ارتفاع تمثال رمسيس الثاني ثم تحديد الزاوية المراد فتحها وما يمكن أن يعيق وصول ضوء الشمس إلى وجهه وتم تعديل التصميم في منطقة صغيرة للسماح بدخول ضوء الشمس وتكرار التجربة للتأكد من أن الأشعة ستضيء وجه التمثال في التاريخ المحدد كل عام.

وبدأت التجربة الأولى فبراير 2021 من خلال ثلاث نقاط مختلفة وتم اختيار أفضلها لتحقيق الظاهرة حسب الظروف المناخية، وتوج العمل بمحاذاة الشمس على وجه التمثال يوم 21 فبراير 2022، وتم تكسية الواجهة بنوع خاص من الزجاج الذي يسمح للضوء بالنفاذ ويكمل الشكل الجمالي للواجهة.