أصل الحكاية| دور فن الاستشراق في تسليط الضوء على تاريخ «مدرسة السلطان حسن»

صورة موضوعية
صورة موضوعية

في قلب القاهرة القديمة، تنتصب مدرسة السلطان حسن كتحفة معمارية تروي حكاية عظمة العمارة الإسلامية في القرن الرابع عشر، أمر ببنائها السلطان حسن بن الناصر محمد بن قلاوون، الذي كان يحلم بإنشاء معلم يجمع بين التعليم والدين والخدمة الاجتماعية، ليكون إرثًا خالدًا للأجيال القادمة.

بدأت أعمال البناء في عام 1356م، واستمرت خمس سنوات، حيث تم استحضار أفضل المهندسين والمعماريين والحرفيين من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، استخدم في بناء المدرسة مواد فاخرة مثل الرخام والأحجار الجيرية المنقوشة بأدق التفاصيل، مما جعلها واحدة من أعظم الإنجازات المعمارية في عصرها.

** تاريخ مدرسة السلطان حسن

مدرسة السلطان حسن، التي أُنشئت في عهد السلطان حسن بن الناصر محمد بن قلاوون، تعتبر واحدة من أعظم الأمثلة على العمارة المملوكية. تأسست المدرسة في القرن الرابع عشر، وهي مشهورة بتصميمها المعماري المميز الذي يجمع بين الجمالية والوظيفية، حيث تحتوي على مسجد، ومدرسة، وضريح، ومستشفى، مما يعكس رؤية السلطان حسن لبناء مؤسسة شاملة تخدم المجتمع بأسره، عند دخولك إلى المدرسة، تستقبلك بوابة ضخمة تزينها نقوش قرآنية وزخارف هندسية تعكس جمال العمارة الإسلامية. 

الداخل يتسم باتساعه وروعة تصميمه، حيث يتوسطه صحن كبير محاط بأربعة إيوانات، يعلو كل منها قبة رائعة تنقل أصوات تلاوة القرآن بشكل مدهش.

في إحدى اللوحات التي رسمها المستشرق البريطاني ديفيد روبرتس في القرن التاسع عشر، تظهر مدرسة السلطان حسن في أبهى صورها، التقط روبرتس تفاصيل النقوش والزخارف المعمارية بدقة متناهية، مما جعل لوحته وثيقة بصرية هامة توثق جمال وروعة المدرسة، وقد أُعجب المستشرقون الآخرون بهذا الصرح أيضًا، فرسم جان ليون جيروم وإدوارد لير لوحات تجسد الحياة اليومية داخل المدرسة، وكيفية تفاعل الناس مع هذا المكان المقدس.

ومع مرور الوقت، واجهت المدرسة تحديات عدة، منها زلزال قوي هز أركانها في القرن السابع عشر، إلا أنها صمدت واستمرت في أداء دورها التعليمي والديني، اليوم، ما زالت مدرسة السلطان حسن تقف شامخة، تروي حكاية من مجد تاريخي وفن معماري قل نظيره.

تعد مدرسة السلطان حسن اليوم موقعًا سياحيًا وثقافيًا يجذب الزوار من كل أنحاء العالم، الذين يأتون لرؤية هذه التحفة المعمارية والتمتع بجمالها الفريد. كل حجر ونقش في المدرسة يحمل في طياته قصة وحكاية عن زمن كانت فيه القاهرة مركزًا للعلم والفن والحضارة الإسلامية.

**عن تصوير مدرسة السلطان حسن في لوحات المستشرقين: نظرة تاريخية وفنية

تعد مدرسة السلطان حسن في القاهرة واحدة من أبرز المعالم المعمارية الإسلامية في مصر،  بُنيت في القرن الرابع عشر، وجذبت بجمالها وعمارتها الفريدة انتباه العديد من المستشرقين الذين زاروا الشرق الأوسط خلال القرون الماضية، قام هؤلاء المستشرقون بتوثيق رؤيتهم لهذا الصرح العظيم من خلال لوحات فنية تنقل جماله وروعة تفاصيله.

 يقدم هذا التقرير نظرة تحليلية حول كيفية تصوير مدرسة السلطان حسن في لوحات المستشرقين، وما تعكسه هذه الأعمال من تقدير واحترام للثقافة الإسلامية.

** تصوير المستشرقين لمدرسة السلطان حسن

عبر القرون، زار العديد من المستشرقين مصر وانبهروا بجمال مدرسة السلطان حسن، قام هؤلاء الفنانين بتوثيق تفاصيلها المعمارية من خلال لوحاتهم، مما ساهم في نقل صورة حية عن هذا المعلم الرائع إلى أوروبا وبقية العالم.

** تحليل بعض اللوحات

- لوحة ديفيد روبرتس : واحدة من أشهر اللوحات التي تصور مدرسة السلطان حسن، تُظهر اللوحة المدرسة بتفاصيلها الدقيقة، وتعكس قوة وجمال العمارة الإسلامية. استخدم روبرتس تقنية دقيقة لتسليط الضوء على تفاصيل النقوش والزخارف.

- لوحة جان ليون جيروم : رسم جيروم مدرسة السلطان حسن بطريقة تركز على التفاعل البشري داخل المدرسة. لوحته تظهر الحياة اليومية للمسلمين داخل هذا الصرح الديني، مما يعكس الدور الاجتماعي والثقافي للمدرسة.

- لوحة إدوارد لير : التقط لير مشهدًا بانوراميًا لمدرسة السلطان حسن، مع التركيز على التصميم المعماري المتناسق والزخارف الجميلة. تعكس لوحته روح المكان وتأثيره الكبير على الزوار.

** دور لوحات المستشرقين في توثيق التاريخ :

تلعب لوحات المستشرقين دورًا مهمًا في توثيق تاريخ مدرسة السلطان حسن، إذ توفر لمحات فنية عن كيفية رؤية الغربيين للعمارة الإسلامية. تساعد هذه الأعمال الفنية في الحفاظ على التراث الثقافي والعماري للمسلمين وتقديمه للعالم بأسره.

تعكس لوحات المستشرقين عن مدرسة السلطان حسن تقديرًا عميقًا للثقافة الإسلامية وجمال عمارتها. من خلال دراسة هذه اللوحات، يمكننا فهم كيفية تأثير هذا الصرح الرائع على الفنانين الغربيين وكيفية نقلهم لهذا التأثير من خلال فنهم. تُعد مدرسة السلطان حسن، بفضل هذه اللوحات، رمزًا للتواصل الثقافي والفني بين الشرق والغرب.

اقرأ أيضا | حكاية «القاهرة» مدينة الألف مئذنة