توصيلة موت.. اللصوص قتلوا «محمد» طمعًا في الموتوسيكل

الضحية
الضحية

الشرقية‭: ‬إسلام‭ ‬عبدالخالق‭ ‬

 جريمة مروعة ألقت بظلالها على كل أهالي عزبة «أبو هيف» التابعة لقرية بساتين الإسماعيلية في دائرة ونطاق مركز شرطة بلبيس أقصى جنوب محافظة الشرقية؛ بعدما سولت نفس اثنين من اللصوص لهما التربص بشاب يكد ويعمل لرعاية أهله بعد مرض والده، قبل أن يغافلانه ويقتلانه شر قتله ويتخلصان من الجثة بإلقائها في مياه مصرف بدائرة المركز، بيد أن الصدفة وحدها كانت بمثابة كلمة السر في الإيقاع بالمتهمين وكشف الجريمة.

على بُعد أمتار من أحد المساكن البسيطة وسط العزبة الواقعة وسط القرية المعروفة بـ «بساتين الإسماعيلية» بمركز بلبيس بمحافظة الشرقية، وبينما تعلو الشمس صفحة سماء يوم الجمعة الماضية، كان «محمد» الشاب العشريني يبتسم كأنما يلوح بفؤاده مودعًا أسرته في طريق عمله على دراجته البخارية (موتوسيكل) اعتاد أن يقضي به حوائج الجيران وأهل البلدة وتوصيل بعضهم إلى وجهته نظير مقابل مادي بسيط يعينه على تحمل نفقات أسرته كونه العائل الوحيد بعد شقيقه الذي يكبره بنحو عامين؛ بعدما أقعد المرض الأب رب الأسرة قبل سنوات.

بجسده الضئيل وسنواته العشرين وطاقته التي سخرها للعمل لأجل أسرته ويوفر لهم تكاليف المعيشة بعدما ابتلى الله والده بالمرض قبل تسع سنوات، استقل الفتى دراجته النارية التي هي مصدر رزقه وسار بحثًا عن الرزق، وفي طريقه استوقفه القدر مجسدًا في اثنين من اللصوص لم يفسر هو ذلك ظنًا بأن حالهما كغيرهما يبحثان عمن يوصلهما إلى غايتهما، بيد أن غاية اللصين كانت الخلاص منه في سبيل الحصول على دراجته وبيعها.

«وصلنا في سكتك وخد اللي انت عاوزه».. كانت العبارة الأبرز على لسان أحد الشابين اللذين استقلا الموتوسيكل خلف «محمد» في طريقهم إلى وجهتهم التي أخبرانه بها، وفي غضون عشر دقائق، وعقب مغادرة الدراجة مناطق العمار وسيرها وسط الزراعات، بدأ الشابان في تنفيذ مخططهما الإجرامي؛ إذ أمسك أحدهما رقبة قائد الموتوسيكل وأحكم وثاقه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة وفارق الحياة، بعدما أجبراه قبلها على التوقف، وفي ظرف لحظات جرداه من كل متعلقاته وتمكنا من الاستيلاء على حافظة نقوده وهاتفه المحمول والدراجة التي كانت هدف سرقتهما، قبل أن يحملا الجثة ويتخلصان منها بإلقائها في مياه مصرف على أطراف نطاق مركز شرطة بلبيس.

سارت الأمور عادية دون أن يلحظ أحد شيئًا، فيما كانت السرعة والتسرع العاملان الأبرز في سلوك الجناة؛ حيث راحا يبيعان الموتوسيكل بمبلغ زهيد (ثلاثة آلاف جنيه) إلى أحد الشباب في قرية «الزوامل» التابعة لنطاق مركز شرطة بلبيس، لكنها الصدفة وحدها وكأن القدر حمل سبب كشف الجريمة في يومها؛ إذ أخذ الشاب الذي اشترى الموتوسيكل المركبة وذهب بها إلى صاحب ورشة ميكانيكا في العزبة مسقط رأس صاحب الدراجة – دون أن يعلم – بغرض فحص الدراجة وإصلاحها، وهناك تعرف الميكانيكي صاحب الورشة على «موتوسيكل محمد» ذهب يبلغ أسرته والمباحث وتحفظ الجميع على الشاب الذي أحضر الدراجة حتى حضر رجال الشرطة، وبعدها توالت الأحداث حتى سقط المتهمين في أيدي العدالة.

يقظة الشرطة

«حرموني من أعز ما ليا».. بهذه الكلمات بدأت «سميحة» والدة المجني عليه حديثها، منوهةً بأن نجلها كان يعمل على دراجته النارية لأجل مساعدة والده الذي يعاني منذ 9 سنوات من ضعف بالنظر أقعده في البيت دون عمل، وكان «محمد» يتحمل وشقيقه الأكبر عبء العمل لتوفير نفقات معيشة الأسرة.

الأم المكلومة أكدت خلال حديثها لـ «أخبار الحوادث»، على أن ولدها «محمد» كان شابًا طيبًا ومحبوبًا من جميع أهل قريتهم لكونه صغير الجسد ويحاول بشتى الطرق كسب نفقاتهم بالحلال، فكان الجميع يقصده لقضاء مصالحهم بدراجته وشراء المستلزمات لهم، لكن الجناة تربصوا به وقتلوه طمعًا في دراجته، مؤكدةً أنها لا ترجوا غير القصاص العادل من القتلة الذين حرموها من ابنها.

يلتقط «شحتة فهمي» عم المجني عليه أطراف الحديث، مشيرًا إلى أنه فور تغيب نجل شقيقه ذهبوا جميعًا إلى مركز شرطة بلبيس ليبلغوا عن تغيبه، مشيدًا بجهود رجال المباحث الجنائية، وعلى رأسهم المقدم محمد فؤاد، رئيس مباحث مركز شرطة بلبيس، في كشف تفاصيل الواقعة وضبط الجناه.

العم قال لـ «أخبار الحوادث» إن رئيس المباحث اهتم بنفسه بالواقعة وظل على تواصل معهم منذ تحرير البلاغ حتى كشف ملابسات الواقعة وضبط المتهمين في اقل من ساعة، وبعدها متابعة انتهاء إجراءات التشريح والتصريح بالدفن وتشييع جنازة المجني عليه، مؤكدًا أنهم يثقون في العدل ولا يطالبون بأكثر من القصاص العادل من المتهمين بقتل فقيدهم.

بلاغ الجريمة

البداية كانت بتلقي الأجهزة الأمنية في مديرية أمن الشرقية، إخطارًا يفيد بشأن ما تبلغ لمركز شرطة بلبيس من أسرة الشاب «محمد السيد فهمي» 20 سنة، يقيم في عزبة أبو هيف التابعة لقرية بساتين الإسماعيلية في نطاق المركز، بتغيب نجلهم عن المنزل وعثور أحد الأشخاص على دراجته النارية (موتوسيكل) مع شاب من قرية الزوامل التابعة لدائرة مركز شرطة بلبيس.

بالانتقال والفحص تبين من التحريات الأولية؛ أنه أثناء ذهاب الشاب المتغيب «محمد» إلى العمل على دراجته النارية (الموتوسيكل) استدرجه شابان بزعم توصيلهما إلى إحدى المناطق في نطاق مركز شرطة بلبيس، وفي الطريق تعدى الشابان على «محمد» وخنقاه مستغلين ضعف بنيانه، قبل أن يتخلصا من جثته بإلقائها في مياه مصرف على أطراف نطاق ودائرة مركز شرطة بلبيس.

تبين من التحريات؛ أن المتهمين قد تمكنا من سرقة هاتف المجني عليه وحافظة نقوده ودراجته النارية (موتوسيكل) وتمكنا من بيع الدراجة بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه لأحد الأشخاص من قرية قريبة من مسقط رأس الشاب المجني عليه.

توصلت تحريات المباحث إلى هوية الجناة المتهمين والشخص الذي اشترى منهما الدراجة النارية (الموتوسيكل) رغم علمه أنها متحصلات سرقة، وبمواجهة المتهمين أقرا بارتكابهما لجريمتهما وأرشدا عن مكان جثة المجني عليه في مياه المصرف، وتم استخراج الجثة بمعرفة قوات الشرطة ونقلها إلى مشرحة مستشفى الأحرار التعليمي في مدينة الزقازيق والتحفظ عليها تحت تصرف النيابة العامة، التي قررت انتداب أحد الأطباء الشرعيين لإجراء الصفة التشريحية على الجثمان لبيان سبب الوفاة وكيفية حدوثها، وصرحت بالدفن عقب الانتهاء من الإجراءات القانونية اللازمة، قبل أن تأمر بحبس المتهمين على ذمة التحقيقات بتهمة القتل المقترن بالسرقة.

اقرأ أيضا : استغلت سفر زوجها وقتلت حماتها خنقًا

 

 

;