حج 2014| ماذا يفعل مَن انتقض وضوؤه أثناء الطواف؟… الإفتاء تُجيب

أرشيفية
أرشيفية

تلقت دار الإفتاء سؤال يقول فيه صاحبه: ماذا يفعل مَن انتقض وضوؤه أثناء الطواف؛ هل يبني على طوافه أم يستأنف طوافًا جديدًا؟

وأجابت دار الإفتاء بأن جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة يرون أن الطهارة من الأحداث ومن الأنجاس شرط لصحة الطواف مطلقًا، سواء كان طواف القدوم أو الزيارة أو الوداع، فإذا ابتدأ الطواف فاقدًا الطهارة فطوافه باطل لا يعتد به.

وتابعت الدار: وذهب الحنفية إلى أن الطهارة ليست شرطًا لصحة الطواف وإن كانت واجبة له، فمن طاف بلا طهارة فطوافه صحيح، لكن تجب إعادته ما دام بمكة وإلا وجب عليه الفداء.

وأوضحت الدار أن معني الإعادة هنا عند الحنفية إعادة الطواف كاملًا، أما إذا أحدث أثناء الطواف فله أن يتم طوافه، ويقال فيه ما قيل فيمن طاف ابتداءً بلا طهارة، وله أن يتوضأ ويبني على طوافه دون حاجة إلى استئناف طواف جديد، وقد نقل الإمام محمد بن الحسن عن الإمام أبي حنيفة في كتاب "الحجة على أهل المدينة" (2/ 281، ط. عالم الكتب): [مَن أصابه أمر ينقض وضوءه وهو يطوف بالبيت أو يسعى بين الصفا والمروة أو فيما بين ذلك، فإن أصابه ذلك وقد طاف بعض الطواف أو كله ولم يركع ركعتي الطواف، فإنه يتوضأ ويبني على طوافه ويصلي الركعتين، فإن كان أحدث توضأ وبنى في الطواف]اهـ.

واستشهدت الدار بقول العلامة الكاساني في "البدائع" (2/ 129): [فأما الطهارة عن الحدث والجنابة والحيض والنفاس فليست بشرط لجواز الطواف، وليست بفرض عندنا، بل واجبة حتى يجوز الطواف بدونها.

وأوردت دار الإفتاء قول الشافعي فقالت:  وعند الإمام الشافعي فرض لا يصح الطواف بدونها. واحتج بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «الطَّوَافُ صَلَاةٌ إلَّا أَنَّ اللهَ أَبَاحَ فِيهِ الْكَلَامَ»، وإذا كان صلاة فالصلاة لا جواز لها بدون الطهارة. ولنا قوله تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29] أمر بالطواف مطلقًا عن شرط الطهارة، ولا يجوز تقييد مطلق الكتاب بخبر الواحد، فيحمل على التشبيه كما في قوله تعالى: ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ [الأحزاب: 6] أي: كأمهاتهم، ومعناه الطواف كالصلاة،

إما في الثواب أو في أصل الفرضية في طواف الزيارة؛ لأن كلام التشبيه لا عموم له فيحمل على المشابهة في بعض الوجوه عملًا بالكتاب والسنة، أو نقول: الطواف يشبه الصلاة، وليس بصلاة حقيقة، فمن حيث إنه ليس بصلاة حقيقة لا تفترض له الطهارة، ومن حيث إنه يشبه الصلاة تجب له الطهارة عملًا بالدليلين بالقدر الممكن، وإن كانت الطهارة من واجبات الطواف فإذا طاف من غير طهارة فما دام بمكة تجب عليه الإعادة؛ لأن الإعادة جبر له بجنسه، وجبر الشيء بجنسه أولى؛ لأن معنى الجبر -وهو التلافي- فيه أتم، ثم إن أعاد في أيام النحر فلا شيء عليه، وإن أخَّره عنها فعليه دم في قول أبي حنيفة] اهـ.

 

وبينت الدار قول الجمهور:  أما عند الجمهور فمن أحدث في أثناء الطواف فإنه يذهب ويتوضأ؛ لأن الطهارة شرط الطواف، لكن في إتمام طوافه واستئنافه من جديد خلاف؛ فالصحيح عند الشافعية أنه يبني على طوافه ولا يبتدئ طوافًا جديدًا، والمقصود بالبناء أي من حين أحدث، فلا يعيد الشوط الذي أحدث فيه؛ يقول الإمام الشربيني في "مغني المحتاج" (2/ 244): [(فلو أحدث فيه) -أي الطواف- عمدًا (توضأ) وأولى منه تطهر ليشمل الغسل (وبنى) من موضع الحدث سواء أكان عند الركن أم لا (وفي قول يستأنف) كما في الصلاة، وفرق الأول بأن الطواف يحتمل فيه ما لا يحتمل فيها، فإن سبقه الحدث فخلاف مرتب على العمد وأولى بالبناء إن قصُر الفصلُ،

وكذا إن طال في الأصح، ولو تنجس ثوبه أو بدنه أو مطافه بما لا يعفى عنه أو انكشف شيء من عورته -كأن بدا شيء من شعر رأس الحرة أو ظفر من رجلها- لم يصح المفعول بعد، فإن زال المانع بنى على ما مضى كالمحدث، سواء أطال الفصل أم قصر كما مر؛ لعدم اشتراط الولاء فيه كالوضوء؛ لأن كلا منهما عبادة يجوز أن يتخللها ما ليس منها بخلاف الصلاة، لكن يسن الاستئناف خروجًا من خلاف من أوجبه] اهـ.