انسحاب القوات الغربية.. وتصاعد للوجود الروسي ..دول غرب إفريقيا تواجه الإرهاب بمناورات مشتركة

 القوات المسلحة فى غرب أفريقيا
القوات المسلحة فى غرب أفريقيا

بعد أسابيع من التدريبات المكثفة والتحركات الاستراتيجية، اختتمت القوات المسلحة فى غرب أفريقيا مناورات عسكرية، نظمتها غرب النيجر بالقرب من مالي، وشاركت فيها قوات عسكرية من جيوش النيجر، ومالي، وبوركينا فاسو، وتشاد، وتوجو، مما يجعل الأمر يحمل دلالات عميقة ورسائل متعددة الأبعاد، خاصة أن المناورات تأتى فى وقت حرج، حيث تواجه المنطقة تحديات أمنية متزايدة، وتحديدا تهديدات من تنظيمات إرهابية وتداعيات الانقلابات العسكرية التى شهدتها بعض الدول فى السنوات الأخيرة. وقد أظهرت هذه التدريبات العسكرية القدرة على التنسيق والتعاون بين الدول المشاركة، مما يعكس رغبتها فى تعزيز الاعتماد على الذات وتقوية العلاقات البينية لمواجهة التحديات الأمنية.

مع انتهاء المناورات، يتطلع المجتمع الدولى والإقليمى إلى تقييم النتائج والتأثيرات المحتملة على الاستقرار والأمن فى المنطقة. وترجمة هذه التدريبات إلى خطوات عملية تسهم فى تحقيق السلام والأمان لشعوب غرب أفريقيا، وسط تغيرات عديدة، تتمثل فى سحب دول غربية جانبا من قواتها، مع تزايد النفوذ الروسى بها.

اقرأ أيضًا| «وشهد شاهد من أهلها» .. إسرائيليون ضد العدوان على غزة

وترى د.نرمين توفيق الباحثة المتخصصة فى الشئون الأفريقية وشئون الحركات المتطرفة بالقارة أن هذه التحركات الهامة، تأتى فى إطار التغيرات الجذرية التى تشهدها منطقة غرب أفريقيا فى السنوات الأخيرة، والتى تجسدت بشكل أساسى فى رغبة أكثر من دولة بالإقليم فى التخلص من السيطرة الفرنسية، وعقد تحالفات مع قوى أخرى مثل روسيا، وعززت ذلك التغيرات السياسية التى حدثت هناك، وعلى رأسها وقوع انقلابات عسكرية فى دول، مثل مالى وبوركينا فاسو والنيجر وغيرها، وسعى زعماء تلك الدول إلى الاتحاد بعيدا عن القوى الأجنبية ولسد فراغ انسحاب القوات الفرنسية، فكان لا بد لهم من التضامن من أجل مكافحة الإرهاب بمنطقة تشهد نشاطًا كبيرًا لحركات تابعة لتنظيمات متطرفة مثل القاعدة وداعش، وهو الأمر الذى يفسر التحالف الثلاثى الذى أعلنت عنه مالى مع بوركينا فاسو والنيجر فى نهاية العام الماضى وعُرف بتحالف دول الساحل، ويقوم بشكل رئيسى على التعاون فى مكافحة الإرهاب هناك، لذا أصبح من الطبيعى تنظيم مثل هذه المناورات العسكرية المشتركة.

وتشير المناورات إلى اتجاه هذه الدول لإيجاد آلية إقليمية لمكافحة الإرهاب بعيدا عن الوجود العسكرى الغربي.. وهو الأمر الذى تؤكده توفيق، وتوضح أن هذه الاتجاه جاء بعد فشل فرنسا فى مهمة مكافحة الإرهاب فى دول الساحل، رغم عملياتها المتعددة منذ ٢٠١٣، وتضيف: قد تكون هذه القوات نجحت فى المساعدة فى الحفاظ على عدم حدوث انفصال بين شمال مالى وجنوبها، لكنها لم تنجح فى القضاء على نشاط الحركات الإرهابية، كما أعلنت مالى وبوركينا والنيجر انسحابها من تحالف ٫5 الذى كان لفرنسا تواجد قوى به، وبدأت الدول التى شهدت انقلابات عسكرية فى مطالبة القوات الأجنبية بالانسحاب منها وغلق قواعدها العسكرية بها، وعلى رأسها القوات الفرنسية والأمريكية، ومن ثم كان البديل أمامها تكوين تحالفات إقليمية لمكافحة الإرهاب ومواجهة أى تهديد بشكل عام، واتضح ذلك جليا عندما أعلنت مالى وبوركينا فاسو أنها لن تقبل أى تدخل عسكرى من قبل منظمة الإيكواس فى النيجر، وسترد عليه بالقوة.. الأحداث التالية أكدت قدرة روسيا على استغلال التغيرات فى منطقة غرب أفريقيا وتنامى الرأى العام المناهض لفرنسا لصالحها، حيث ترى د. نرمين أنه مع انسحاب القوات الأجنبية سواء الفرنسية أو الأمريكية مثلت روسيا بديلا لها، من خلال الاتفاقيات العسكرية والأمنية التى عقدتها موسكو مع دول المنطقة، ومع العلاقات التى ربطت روسيا ببعض قادة انقلابات هذه الدول، دعمها فى ذلك عدم وجود تاريخ استعمارى فى أفريقيا، بالإضافة إلى العلاقات الاقتصادية بينها وبين دول الأقليم، وأيضا الدور الذى تلعبه شركة الأمن الخاصة فاجنر التابعة لموسكو، وحرص بوتين الشديد على تعزيز علاقة بلاده مع دول المنطقة وزعمائها الجدد، وكل ذلك يؤكد أن الفترة القادمة ستشهد تواجدا أكبر للقوات الروسية لتدريب جيوش غرب أفريقيا على مكافحة الإرهاب والحفاظ على الأمن فى دولها، والأهم أن تقدم قيادات دول هذه المنطقة مصلحة شعوبهم على مصلحة أى قوى أجنبية تتواجد هناك مهما كانت هذه القوى.