الخطابات

كارلوس إلى خوليو وكارلوس فوينتس
كارلوس إلى خوليو وكارلوس فوينتس

كارلوس إلى خوليو
26 يناير 1867
91 شارع بروكا باريس

صديقى العزيز:
تمكنت بفضل "إما" من الحصول على عنوانك.. أعتقد أنك ربما تكون قد حصلت على العدد الأول من المجلة المكسيكية للأدب.. ويشرفنا أن ننتظر أحد إسهاماتك فى الأعداد المستقبلية من المجلة، فجميعنا يعرف قدرك ككاتب.

كما تعرف "إما" قدرك كصديق. أثق فى أن رامون خيراو، وهو صديق عزيز وناقد ممتاز يعمل فى جامعة باريس سيتواصل معك. وأنا سأرسل لك العدد الثانى من المجلة.. حتى يصلنى ردك لك منى خالص المحبة.
كارلوس فوينتس



عزيزى فوينتس
وصل خطابك إلى باريس بينما كنت أنا فى جنيف، إلا أنهم أرسلوه لى بعدها بأسبوع. وللأسف فإن انشغالى فى بعض أعمالى وإصابتى بالحمى قد منعانى من الرد مبكرا. كما أننى لم أحب أن أكتب لك قبل أن أكون قد جهزت بالفعل الموضوع الذى سأشارك به فى مجلتك. 
نعم لقد تلقيت العدد الأول من المجلة وفى انتظار الثانى الذى أخبرتنى بشأنه.. لا أستطيع أن أناقش معك التفاصل لأننى أعرت العدد لبعض الأصدقاء لإيمانى بأن هذه أفضل طريقة للدعاية للمجلة فى باريس، بل وطلبت منهم أن يمرروها لجميع الناطقين بالإسبانية هنا.
بالنسبة لى، المجلة جيدة بشكل عام وأعتقد أن أية سلبيات فيها ستكون واضحة بالنسبة لك كما هى بالنسبة لى. وعلى أية حال ربما نتحدث حول هذه التفاصيل بعد صدور العدد الجديد.
أرسل لك قصة أخشى أنها طويلة لحد ما ولكن ليس لدىَّ غيرها حاليا. أتمنى أن تقرأها لأننى أعتبرها محاولة فى اتجاه مختلف، إذ أنها مستوحاة من وقائع حقيقية حدثت لخادمة إحدى الصديقات، لقد بدا لى أن هذه الأحداث لشدة طبيعيتها تستحق أن تُخلَّد بالكتابة.
لقد حاولت التواصل مع خيراو، وأشكرك لأنك أخبرتنى بشأنه وبأنه موجود فى باريس. فى المرة القادمة عندما ترى "إما" فلتخبرها أنى كتبت لها من فترة فلا تكن كسولة. أعرف أنها نقلت لك بعضا من آرائى فى قصصك الرائعة. هل تعرف أنى حلمت بـ"جاكمول " (من منحوتات العصر قبل الكولومبى فى وسط أمريكا) تماما كما وصفته فى العشاء الأخير. متى سنقرأ لك أعمالا جديدة؟

حتى نلتقى لك محبتى
خوليو كورتاثر



خوليو إلى ماريو
باريس
13 يونيو 1962
عزيزى ماريو

انتهيت الليلة الماضية من قراءة روايتك التى أثرت فىَّ بشدة. لدىَّ الكثير الذى أود أن أخبرك به بشأنها فلعلنا نلتقى قريبا لبعض الثرثرة. هل يمكن أن تتصل بى فى المنزل لنحدد موعدا للقاء، من الممكن مثلا أن نتناول الإفطار فى اليونسكو أو أن تأتى إلى منزلى.

مع محبتى
خوليو



خوليو إلى ماريو
باريس
13 يونيو 1962
عزيزى ماريو

انتهيت الليلة الماضية من قراءة روايتك التى أثرت فىَّ بشدة. لدىَّ الكثير الذى أود أن أخبرك به بشأنها فلعلنا نلتقى قريبا لبعض الثرثرة. هل يمكن أن تتصل بى فى المنزل لنحدد موعدا للقاء، من الممكن مثلا أن نتناول الإفطار فى اليونسكو أو أن تأتى إلى منزلى.

مع محبتى
خوليو

عزيزى فوينتس
كارلوس إلى خوليو
26 يناير 1867
91 شارع بروكا باريس

صديقى العزيز:
تمكنت بفضل "إما" من الحصول على عنوانك.. أعتقد أنك ربما تكون قد حصلت على العدد الأول من المجلة المكسيكية للأدب.. ويشرفنا أن ننتظر أحد إسهاماتك فى الأعداد المستقبلية من المجلة، فجميعنا يعرف قدرك ككاتب، كما تعرف "إما" قدرك كصديق. أثق فى أن رامون خيراو، وهو صديق عزيز وناقد ممتاز يعمل فى جامعة باريس سيتواصل معك. وأنا سأرسل لك العدد الثانى من المجلة.. حتى يصلنى ردك لك منى خالص المحبة.
كارلوس فوينتس

عزيزى فوينتس

وصل خطابك إلى باريس بينما كنت أنا فى جنيف، إلا أنهم أرسلوه لى بعدها بأسبوع. وللأسف فإن انشغالى فى بعض أعمالى وإصابتى بالحمى قد منعانى من الرد مبكرا. كما أننى لم أحب أن أكتب لك قبل أن أكون قد جهزت بالفعل الموضوع الذى سأشارك به فى مجلتك. 

نعم لقد تلقيت العدد الأول من المجلة وفى انتظار الثانى الذى أخبرتنى بشأنه.. لا أستطيع أن أناقش معك التفاصل لأننى أعرت العدد لبعض الأصدقاء لإيمانى بأن هذه أفضل طريقة للدعاية للمجلة فى باريس، بل وطلبت منهم أن يمرروها لجميع الناطقين بالإسبانية هنا.

بالنسبة لى، المجلة جيدة بشكل عام وأعتقد أن أية سلبيات فيها ستكون واضحة بالنسبة لك كما هى بالنسبة لى. وعلى أية حال ربما نتحدث حول هذه التفاصيل بعد صدور العدد الجديد.

أرسل لك قصة أخشى أنها طويلة لحد ما ولكن ليس لدىَّ غيرها حاليا. أتمنى أن تقرأها لأننى أعتبرها محاولة فى اتجاه مختلف، إذ أنها مستوحاة من وقائع حقيقية حدثت لخادمة إحدى الصديقات، لقد بدا لى أن هذه الأحداث لشدة طبيعيتها تستحق أن تُخلَّد بالكتابة.

لقد حاولت التواصل مع خيراو، وأشكرك لأنك أخبرتنى بشأنه وبأنه موجود فى باريس. فى المرة القادمة عندما ترى "إما" فلتخبرها أنى كتبت لها من فترة فلا تكن كسولة. أعرف أنها نقلت لك بعضا من آرائى فى قصصك الرائعة. هل تعرف أنى حلمت بـ"جاكمول " (من منحوتات العصر قبل الكولومبى فى وسط أمريكا) تماما كما وصفته فى العشاء الأخير. متى سنقرأ لك أعمالا جديدة؟

حتى نلتقى لك محبتى
خوليو كورتاثر

خوليو إلى ماريو
باريس
13 يونيو 1962
عزيزى ماريو

انتهيت الليلة الماضية من قراءة روايتك التى أثرت فىَّ بشدة. لدىَّ الكثير الذى أود أن أخبرك به بشأنها فلعلنا نلتقى قريبا لبعض الثرثرة. هل يمكن أن تتصل بى فى المنزل لنحدد موعدا للقاء، من الممكن مثلا أن نتناول الإفطار فى اليونسكو أو أن تأتى إلى منزلى.

مع محبتى
خوليو


المكسيك،
5 ديسمبر 1963
عزيزى ماريو

أتمنى أن يصلك هذا الخطاب على عنوانك القديم بفضل إخلاص مساعدك السابق. فى البداية دعنى أعبر عن سعادتى وارتياحى خلال الأوقات التى قضيتها معك ومع زوجتك العزيزة خلال جولاتنا فى باريس.. ولكن على الفور دعنا ندخل فى أمور العمل.. لقد تحدثت مع ناشرى الأمريكى روجر ستراوس حول روايتك والآن كتب لى وكيلى فى نيويورك كارل براندت يعرب عن رغبته فى التواصل معك، ولذا أعطيته عنوانك القديم.

كارلوس

باريس
20 ديسمبر 1962
عزيزى ماريو

زفت لى جوليا لتوها الخبر السعيد..لا يمكنك أن تتخيل مدى سعادتى، ذلك أننى حقا تروق لى "المحتالون" كثيرا.. اسمع.. يبدو أنه لا يزال هناك عدل فى هذا العالم (رغم أنه يتحقق فقط فى أوقات قليلة) فلتعش لجنة التحكيم التى أدركت قيمة كتابك.. ولتحيا سيكس بارال . علينا أن نلتقى قريبا.

خوليو

باريس
18 فبراير 1964
عزيزى كارلوس

أكتب إليك هذه السطور لأخبرك أن لجنة تحكيم إسبانية رشحتك مع كاربنتيير وكورتاثر وإستورياس لنيل جائزة بركس الدولية. لقد حدثنى هاتفيا من برشلونة رئيس اللجنة خوسيه ماريا كاستيلت. إنهم يبحثون دون جدوى عن نسخة من "موت ارتمنيو كروث" وطلبوا منى أن أرسل لهم عددا من النسخ ولكن للأسف فإن الكتاب غير موجود فى أى من المكتبات الإسبانية فى باريس وأنا لا أستطيع أن أرسل لهم النسخة الخاصة بى لأنى أحتاجها لكتابة تقرير عن الكتاب فى سالزبرج، فهل تستطيع أن ترسل نسخة أو اثنين لخوسيه ماريا كاستليت أو كارلوس بارال من دار سيكس بارال؟
أريد أن أخبرك أيضا أن النسخة الفرنسية من "المنطقة الأكثر شفافية" قد صدرت فى الأسواق، والأسبوع القادم سنعد برنامجا إذاعيا طويلا حول الكتاب. الليلة الماضية تحدثت مع هوبرت جين وأخبرنى أنه متحمس لروايتك.

مع خالص محبتى وتحياتى
ماريو

المكسيك
30 أكتوبر 1965
عزيزى كارلوس

لم أجد طريقة أحتفل بها بانتهاء النصف الأول من روايتى سوى أن أكتب هذا الخطاب ردا على ذلك الذى أرسلته لى من نيويورك. فى البداية دعنى أقول يا لك من خبيث لكى تلتقى بى فى روما فى ذلك السبت الغائم، ولكن بقليل من الأنانية علىَّ أن أشكرك، ذلك أنه لم يكن لدىَّ من أزوره هناك.. واحتساء الشاى فى أيام الآحاد هو طقس أخصصه للكتابة.
وأخيرا عثرت على عنوان للرواية "مائة عام من العزلة" كيف يبدو لك؟ لقد سرَّنى كثيرا ما قلته لى حول أعمالى فى هربرت أند رو.. وبالنظر إلى ذلك أعطيت تعليماتى لكارمن باسلس لكى تعرض عليهم "مائة عام من العزلة" دون أن تطلب دفعة مقدما، أعتقد .

 

أنهم عندما يعرفون أننى انتهيت من الرواية فسيُتاح لنا أن نفرض شروطا أفضل.
أمر آخر حدث سريعا جدا: أخيرا عثرت على حل للديكتاتور من خلال الرواية التى تعرفها «خريف البطريرك».. أتذكر أن مشكلتى حينئد كانت كيفية صياغة محتوى اجتماعى تاريخى سياسى اقتصادى؟ يا له من عبث! فى تلك الليلة تذكرت محاكمة سوثا بلانكو (ضابط فى الجيش الكوبى حوكم بارتكاب 108 جريمة قتل) وتوصلت للحل.. إن الرواية ينبغى أن تكون مونولوجا للديكتاتور وهو طاعن فى السن، تائه، أصم وفاقد لعقله بشكل كامل، يحاول تبرير كل أفعاله خلال 92 عاما فى الحكم أمام محكمة شعبية منعقدة فى ملعب بيسبول. الحوار كله بضمير المتكلم بكلمات العجوز، بعثراته وبأخطائه اللغوية.. إنه حل ملغوم يمكن أن يكون جاهزا خلال ستة أشهر ويصبح من السهل إعطاؤه الصبغة الشعرية التى تبدو صعبة أو حتى مستحيلة، أنت تعرفنى جيدا ولهذا فلك أن تتخيل مدى سعادتى بهذا الاكتشاف.
وقبل أن أنتهى من الأمور الأدبية أريد أن أطلب منك نصيحة.. دار «سودأمريكانا» كتبوا إلىَّ يطلبون حقوق النشر الحصرية لأعمالى، إن المفاوضات الجارية مع «سيكس بارال» حول عملى القادم تحرز تقدما، فهل ستكون خسارة لى لو أعطيت حقوق النشر لـ»سودأمريكانا» بدلا من «سيكس بارال»؟ أعتقد أنك يمكن أن تفيدنى فى هذا الموضوع وأرجوك أن تفعل هذا سريعا.

جابو

المكسيك، 11 يناير 1966
السيد ماريو بارجاس يوسا
باريس

تمكنت أخيرا من الحصول على عنوانك عن طريق لويس هاريس بعد أن فشلت فى العثور عليك فى المكسيك، خاصة أن كارلوس فوينتس يمضى تائها فى أوروبا ومن يعلم إلى أين وصل به الأمر فى غابات المانجروف هناك.
إن المنتج السينمائى أنتونيو ماتوك يبدو مهتما للغاية بإنتاج فيلم فى بيرو مأخوذ عن روايتك «المدينة والكلاب» يخرجه لويس ألكوريثا. لويس مثلى تماما من أكبر المعجبين بكتابك وأعتقد أنه من الممكن أن يصنع منه فيلما رائعا، بالتعاون معك بالطبع فى كتابة السيناريو. 
أكتب لك هذا الخطاب لأعرف منك إن كان هذا المشروع ممكنا وما إذا كانت الحقوق السينمائية للكتاب متاحة والسعر المحدد لها. أرجو الإجابة سريعا عن هذه التساؤلات.
الأمر الآخر هو أننا هنا نتحرق شوقا لمعرفة موعد نشر «المنزل الأخضر». بدت كارمن باسيلس شديدة الحماسة لها عند مرورها بالمكسيك.
سرتنى الكتابة لك حتى إذا لم يتم المشروع السينمائى المقترح

خالص محبتى
جابريل جارثيا ماركيز

المكسيك، 24 أغسطس 1966
عزيزى ماريو بارجاس يوسا

أبلغتنى جامعة كولومبيا بأنك ستشارك فى سلسلة من الندوات حول الرواية اللاتينية ستعقد فى بوجوتا فى 18 سبتمبر، وعلى هذا فإننى أرغب فى التأكد من حضورك قبل قبول الدعوة التى وجهوها لى للمشاركة.
بعد الصدى المرعب الذى أحدثته «مائة عام من العزلة» والذى أظن أننى لن أستطيع الفرار منه مطلقا، انشغلت فى العديد من الأعمال اليومية المملة لكسب العيش، لكنى على أتم استعداد لإيجاد الوقت للذهاب إلى بوجوتا لمدة أسبوع لو أنك ستحضر الندوات بالفعل. أستطيع أن أؤكد لك أن الجمهور هناك رائع بالفعل وينتظر منا أمورا لطيفة كروائيين وأمورا قاسية وصادقة كمفسِّرين.
فى حال تأكدت مشاركتك أرجو أن تخبرنى بالموضوعات التى تفكر فى الحديث عنها خلال الندوات حتى لا نكرر أنفسنا هناك. أشعر بحماسة حقيقية أمام إمكانية أن أكون أنا من سيفتح لك أبواب بلدى المتفرد، وبالمثل إزاء الحوار المنتظر بيننا على مدار عدة أيام.
انتهيت من قراءة «المنزل الأخضر» إنها رائعة. لقد لاحظت أننا نتفق فى ضرورة ألا نهمل ممالك جاليثيا القديمة، بل على العكس علينا أن نركز عليها كما فعلت أنت وفعلت أنا فى كتابى الأخير حتى نعيدها إلى الطريق الصحيح.
نُشِرت هنا مؤخرا التعليقات الأكثر سخافة وحماقة حول ما يسمونه الطابع الفلكلورى لروايتك.. أنا شخصيا لا أهتم حتى بقراءة ما يُكتَب عن أعمالى. فى الحقيقة لا أحتمل الغضب الذى يصيبنى إزاء هذه الترهات التى يطلقونها حول كتب مثل كتابك تبدو لى شديدة الأهمية. ربما نستطيع الحديث حول هذه الأمور جميعا عندما نلتقى فى بوجوتا.
يبدو أنك بالفعل شخص من الصعب الوصول إليه.. فبينما كنت أفكر فى إرسال كتبى لك فى باريس كتب لى كارلوس فورنتس أنك فى ليما، وفى هذه الأيام ظهرت فى نيويورك وما أن علمت بذلك حتى أخبرنى باكو بروا أنك فى بوينوس أيرس، وعلى هذا أتمنى أن يصلك هذا الخطاب فى أى مكان كان.
علمت أن مشروع الفيلم حول «المدينة والكلاب» قد فشل لأن المنتج خشى من ردود الأفعال فى بيرو، ولكن كما أخبرتنى فى السابق لم يكن هناك ضير من المحاولة.
أرجو منك أن تجيبنى سريعا حتى أستطيع أن أتخذ قرارا بشأن رحلتى إلى بوجوتا، إذ أن هناك الكثير من الأمور التى يتعين علىَّ إنهاءها قبل السفر.

مع محبتى
جابريل


ميلان ، 7 ابريل 1967
السيد بارجاس يوسا ،7 شارع فيلبيتس
لندن
عزيزى ماريو،

أبلغك بأن الرقابة الإسبانية حظرت «تغييبر الجلد». الأسباب تبدو أنها تعود لما بعد الكارتيزيانية.. إباحية، شيوعية، مناهضة للمسيحية، مناهضة لألمانيا، موالية لليهودية.. كما يقول الإنجليز
Put that in your pipe and smoke it!

تحياتى كارلوس


باريس،11 أكتوبر 1983
عزيزى جابو

أرسل لى سجين أرجنتينى خطابا مرفقا به خطاب آخر لك.. ها هو ذا.. مضى وقت طويل منذ سمعت عنك.. لا أعرف سوى أنك فى المكسيك.. بالنسبة لى أعانى متاعب فى المعدة منذ فترة لم ينجح الأطباء فى معرفة أسبابها.. أتمنى أن أتحسَّن بحلول ديسمبر حتى أتمكن من الذهاب لكوبا وبورتريكو وجواتيمالا.. وبالتأكيد سأمر بالمكسيك وأحاول الاتصال بك.
تحياتى لك ولمرسيدس.
خوليو
 من ماركيز إلى فوينتس
المكسيك، 5 يونيو 1967
عزيزى كارلوس

هذه فكرة رائعة ينبغى المضى قدما فى تنفيذها. أعتقد أنه من الأفضل أن يكتب كل كاتب عن طاغية من بلده، لأن ذلك يمنحه مزيدًا من المصداقية والحق، ويقلل من العقبات للوصول إلى الهدف المنشود. 

إن مرشحى هو الجنرال توماس ثيبريانو دى موسكيرا.. فهو أرستقراطى وضابط قديم لدى بوليفار كما احتفظ بالرئاسة لأربع فترات، من المؤكد أن هناك الكثير من أوجه التشابه بينه وبين مرشحك سانتا انا. إن السيد توماس كان مجنونا تماما ولكنه مع ذلك رجل عظيم، فقد كان أول ليبرالى تلفحه الحمى الديكتاتورية لليبرتادور (تعنى المحرر ويقصد بيها سيمون بوليفار) ومن المنطقى أن ينتهى به الأمر بدوره ليصبح ديكتاتورا. 

كان لديه صف أسنان كامل مصنوع من الفضة، وفى فترة حكمه الثانية كان يلبس كملوك فرنسا. كان قاسيا متعسفا وكان تقدميا حقيقيا وكاتبا ممتازا. لقد طرد جميع اليسوعيين من البلاد وعلى رأسهم شقيقه الذى كان كبير أساقفة بوجوتا. وعندما وصل إلى مرحلة الانهيار كان يسير سكيرا مجنونا حاملا سيفه القديم يطارد الأطفال الذين كانوا يسخرون منه فى الشوارع. لقد اشتكى للرئيس، ولما تجاهله، أخرجه من القصر بالقوة وأعلن نفسه القائد الأعلى للمرة الثالثة. باختصار، هذا يتماشى مع نهج الآباء المؤسسين للبلاد.

ديكتاتور آخر مشهور فى كولومبيا، الوحيد الذى يُعترف به رسميًا كديكتاتور، ولكن هناك إشكالية كبيرة حوله فهو فى الواقع كان مصلحًا كبيرًا. أقصد بذلك خوسيه ماريا ميلو، الذى يقدمه التاريخ المكتوب بواسطة الكهنة الآن كطاغية، لكنه فى الواقع كان من أتباع خواريث (بونيتو بابلو خواريث من قادة المقاومة المكسيكية وتولى الرئاسة خمس مرات). لقد حاول ميلو من خلال منصبه كرئيس أن يطبق الليبرالية الراديكالية فى البلاد، لكن الطبقة الأرستقراطية ورجال الدين عرقلوا جهوده وأجبروه على مغادرة البلاد بعد سبعة أشهر من الحكم. إنه لا يصلح لهذا الغرض: كان رجلًا جادًا، مات فى المكسيك أثناء قتاله ضد ماكسيميليانو.

روخاس بينيا، الذى كان ديكتاتورًا تقليديًا بطريقة هزلية، ويفتقر إلى العظمة. إنه لا يهمنى. فهو لا يزال حيًا، كما أن إلقاء الضوء عليه على هذا النحو سيعطيه دعاية انتخابية جيدة. إذن، الشخص المناسب هو دون توماس. الشهر المقبل، عندما أكون فى كولومبيا، سأجمع كل الوثائق المتعلقة به وأحملها إلى إسبانيا، حيث سأكتب سيرته فى أوقات فراغى. هل هناك استعجال؟ لأن مشكلتى هى أنه الآن، فى هذه اللحظات، وبدون حساب الأعمال الجماعية، لدىَّ أربعة كتب أعمل عليها.. الأفكار تتدفق، أستاذى.. دعنا أيضا نتفق على أمر مهم: الكتاب يجب أن يُكتب بدون أى غضب.

هل هناك أى طريقة يمكنك بها أن تأتى إلى كراكاس فى أغسطس؟ ماريو سيأتى أيضًا. نحن متفقون على اللقاء هناك. أعلم أنهم قدموا لك دعوة، وحتى إذا رفضت، يمكن ترتيب الأمر. يمكننى تنظيم بعض المحاضرات أو النقاشات مع الطلاب هناك حتى تحصل على بعض المال الجيد للعودة إلى أوروبا. الفنزويليون طيبون جدًا، وما سنقوم به هناك سيكون احتفالًا بين الأصدقاء بدلاً من المؤتمرات المعتادة. إضافة إلى ذلك، لدىَّ معلومات سرية بأن جائزة رومولو جايجوس ستذهب إلى ماريو. المرشح الكبير كان أستورياس. ليس لدىَّ شىء ضده، لكن الجائزة ليست للأعمال الكاملة بل لكتب محددة، ولا مقارنة بين «مولاتا دى تال» و»البيت الأخضر».
مع محبتى
جابو 

من كورتاثر إلى فوينتس
باريس، 11 أكتوبر 1966
عزيزى كارلوس 

شكرا جزيلا لك على «صندوق باندورا» صفحات قليلة ولكن السهم أصاب الهدف فى القلب، أنت بالفعل تعيش ما تروى وتستخرج منه الضرورى بالضبط، لو أننى ارتكبت شيئا سيئا تستطيع التعبير عنه بنفس الوضوح.. كيف لا أصدق؟ كان لديك كل الحق عندما قلت إنه رائع.. يا لى من من محظوظ بصداقتك.

  خوليو 

من يوسا إلى فوينتس
باريس، 31 ديسمبر 1963
عزيزى كارلوس،

عندما وصلنى خطابك كنت أنا وخوليا فى لندن وعند عودتنا إلى باريس استقبلنى نبأ سيئ.. السلطات الإسبانية صادرت روايتى بذريعة سخيفة: إحدى الصور لم تمر على الرقابة.. هذه الأزمة، التى تم حلها لحسن الحظ، أبقتنى مشغولا تماما وهذا هو ما جعلنى أتأخر فى الرد على خطابك لهذا الحد.
دعنى أشكرك كثيرا على المعلومات التى ترسلها لى، لقد التقيت بالفعل بوكيلك من نيويورك وشرحت له أن جروف برس لديها حقوق الترجمة ومنذ ذلك الحين أصبح التواصل معه أمرا ممتعا للغاية.
 
أتمنى أن تكون قد تلقيت نسختك من «المدينة والكلاب»، وكالعادة أرسلت نسخة إلى فرناندو بنيتيث رغم أننى ليس لدىَّ عنوانه، أتمنى أن تصله على أية حال.. تحدثت مع بابلو أرماندو فى لندن عنكما مطولا وعلى نحو جيد للغاية.

انتهيت لتوى من قراءة مقال فى مجلة «كوادرنوس» كتبه الأرجنتينى مورينا عن «لعبة الحجلة» لكورتاثر. إنه مقال خسيس وتشهيرى وأشعر برغبة فى الرد عليه. إننى الآن أقوم بأخذ بعض الملاحظات عن الرواية وعن رواية «ارتميو كروث» اللتين من وجهة نظرى تعدان أفضل الكتب التى يمكن أن تمثل الأدب الناطق بالإسبانية فى ملتقى بريكس الدولى (سيعقد هذا العام فى سالزبرج). سأكتب فى هذا الشأن إلى لجنة التحكيم الإسبانية التى أشرف بعضويتها وأثق فى أنهم سيوافقوننى الرأى. على أية حال سأطلعك على التطورات. فكرت أيضا فى «مولاتا دى تال» لاستورياس ولكننى غيَّرت رأيى بعدما قرأتها.

أعتقد أنها إحدى أسوأ رواياته. هل قرأت رواية «الموقف» لليسندرو أوتيرو.. إنها تبدو وأن كاتبها تتلمذ على يديك، إنه يتبع نفس البنية الخاصة بـ»المنطقة الأكثر شفافية».. إنه يكتب على نحو جيد لحد كبير وأعتقد أنه الوحيد الذى يستحق الإشادة على إصراره على التعلم. 
لا تتأخر فى الكتابة لى عندما يسمح وقتك بذلك، وبالطبع أنا رهن أمرك فى أى شىء تحتاجه من باريس.
تحياتى  
ماريو  

من كارلوس فوينتس إلى بارجاس يوسا
المكسيك، 29 فبراير 1964
عزيزى ماريو

انتهيت لتوى من قراءة «المدينة والكلاب» وتطلَّب منى الأمر مجهودا كبيرا لأكتب لك لأننى لا أعرف من أين أبدأ. أشعر بالغيرة (من النوع الجيد) أمام هذا العمل الرائد الذى سيحمل الرواية اللاتنينية إلى مستوى آخر، ويحل الإشكالية التقليدية للفن الروائى فى القارة. كنت أتحدث مع كوهين فى لندن واتفقنا فى الرأى على أن مستقبل الرواية يقبع فى أمريكا اللاتينية حيث يتم الحديث عن كل شىء وحيث، لحسن الحظ، الأدب ينبع من الحاجة وليس من الترتيبات التجارية أو ما تفرضه السياسة كما يحدث عادة فى العديد من الدول الأخرى. 
الآن عندما أقرأ هذه الاعمال واحدا تلو الآخر «قرن الأضواء»، «لعبة الحجلة»، «الكولونيل لا يجد من يكاتبه»، و»المدينة والكلاب» يتأكد لدىَّ هذا الإحساس بالتفاؤل، إذ أننى أعتقد أنه خلال العام الماضى لم يكن هناك أى مجتمع ثقافى قادر على إنتاج أربعة أعمال على مثل هذا المستوى من التميز. 

إن التصاعد الروائى المؤلم عبر هذه الروايات التى يمكن وصفها بالوثائقية التى تتناول الغابات والأنهار والثورة والهدف الأخلاقى سمحت بظهور كاربنتيير الذى يحول كل هذه المادة إلى أسطورة، وعبر الأسطورة يصبح كل ما هو لاتينى عالميا. 

غير أن شخصنة الرواية اللاتينية، حيث الشخصيات الحية التى يتم تناولها من وجهة النظر الشخصية للكاتب، لم تتحقق من وجهة نظرى إلا فى رواية «المدينة والكلاب». لماذا؟ سأخبرك عن كل ما أبهرنى فى روايتك الرائعة.. الغموض الحقيقى والسرى للعمل، التجسيد المبهر لجميع المشكلات التى تواجه الشخصيات بطريقة جعلت الهدف الأخلاقى من الرواية يسير بالتوازى وبشكل لا يمكن فصله مع الحبكة الروائية. فى الحقيقة أنك قضيت تماما فى أعمالك على اعتمادنا الكبير على الإشارات المباشرة للعظة والهدف الأخلاقى. إن كل ما فى عملك ينبع بشكل ضمنى من تطورات الحدث ذاته.

وبالطبع لا يمكننى أن أنسى، عذرًا على الارتباك فى هذه السطور، أمر آخر مذهل فى «المدينة والكلاب»: ذلك الدمج المثالى بين التقنية المتجددة والمادة الروائية. ولكل هذا فإننى أشكرك كثيرا عزيزى ماريو. كيف يسير العمل فى روايتك الجديدة؟ ماذا لديك فى جعبتك؟ وما هو موعد الكلمة التى ستلقيها فى سالزبرج؟

خالص تحياتى إعجابى الكبير يا صديقى
كارلوس 

من كورتاثر إلى كارلوس فوينتس
6 أبريل 1956
عزيزى كارلوس،

أتمنى أن تصلك هذه الرسالة لدى عودتك إلى المكسيك. سأغادر بعد غد إلى إسبانيا حيث سأمكث حتى أواخر مايو. حتى الآن لم يظهر خورجى وأخشى أن نفترق بسبب ذلك. لكن من خلال ما قلته لى، أعتقد أننا سنلتقى عند عودتى، حيث أرى أنك ستبقى لفترة طويلة فى باريس. سأكون سعيدًا جدًا بلقائك ومساعدتك فى التأقلم فى بداية العيش فى هذه المدينة المعقدة بالنسبة لنا نحن القادمين من الساحل الآخر. إذا قررت الاتصال به، فأخبره أننى سأكون هنا حتى نهاية مايو وجاهزًا لمساعدته.
سعدت كثيرا لمعرفة أن القصة ستنشر قريباً. تلقيت العدد 3 من المجلة ووجدته جذابًا. الجزء الذى كتبه مانويل كالفيو جعلنى أتوق لقراءة الكتاب كاملاً، فهو يحمل قوة كبيرة ومحكى بشكل ممتاز. بالمناسبة، يجب أن أقول لك إن اهتمامى الخاص تجاه الحيوانات المتوحشة دفعنى للانتباه بشكل خاص للتحذير من التماسيح، الذى أجده فعلاً لا يُنسى. أرجوكم استمروا فى نشر المواد الرائعة مثل هذه، فالنصوص بمثل هذه الجودة ليست متاحة كل يوم.

 حتى نلتقى قريبا لك منى خالص التحيات  
  خوليو كورتاثر
 من كورتاثر إلى بارجاس يوسا 
باريس، 21 مارس 1967
عزيزى ماريو

أشكرك جزيلا على خطابك الأخير والتقارير حول المجلة البيروانية التى تبدو وفقا لكلامك لطيفة وغير ضارة. الحقيقة أننى لا أشعر بأى رغبة فى أن أرسل لهم أى شىء، إلا أنه لو أنك علمت المزيد عنهم فأرجو منك أن تطلعنى عليه فذلك سيساعدنى كثيرا فى اتخاذ قرارى. 
كتب لى بوروا يتحدث حول مشروع أعتقد أنه كتب لك بشأنه أيضا. أقصد بعض المقالات التى يكتبها يوسا عن كورتاثر ويكتبها كورتاثر عن يوسا. لقد أجبته بأننى شخصيا لا يروقنى هذا النظام من المقالات المتبادلة على الإطلاق لأنه يذكرنى بأسوأ ما فى المجلات، كما فى مجلة «سور» التى دأبت على مدار سنوات على نشر مقالات يكتبها هذا عن ذاك وذاك عن هذا فى سلسلة لا تنتهى. أدرك جيدا أننا قادران على كتابة مقال عن أى كاتب كان وخاصة لو كان صديقا أيضا، ولكن لا ينبغى أن يتم ذلك على هذا النحو المتزامن.. أنا على الأقل لا يناسبنى ذلك بشكل شخصى. 
لأنتقل إلى الغرض الرئيسى من هذا الخطاب.. فى موتواليتيه (قاعة مؤتمرات ومعارض فى باريس) سيتم تنظيم فاعلية احتجاجية عن قضية هوجو بلانكو. لقد طلبوا منى ترشيح شخص يمكن أن يعد كلمة مختصرة بالإسبانية يتم ترجمتها لاحقا للفرنسية لتُقرأ باللغتين فى هذه الفعالية، التى سيتحدث فيها سارتر ومثقفون آخرون. وبطبيعة الحال ليس هناك من هو أفضل منك لهذه المهمة، ولكن لأننى أجهل الكثير من التفاصيل حول القضية فإننى لن أقول لك سوى إن الأمر عاجل بالفعل، فإذا قررت قبول المهمة فأرجو أن ترسل لى الكلمة فى أقرب وقت ممكن، حتى أسلمها للجنة الفرنسية للتضامن. أما إذا لم تقبل المهمة فأرجو منك ترشيح شخص بيروانى آخر ليقوم بها. 
أمر آخر.. ما يتعلق بجائزة جاييجوس ليس بمزحة فلجنة التحكيم البيروانية رشحتك لها بالفعل.

  سلامى إلى باتريشيا وجونيور ومحبتى لك يا صديقى 
 خوليو