معان حقيقية

فداء بين الأبوة والنبوة

محمد الحداد
محمد الحداد

من كمال نعم الله سبحانه وتعالى أن جعل الأنبياء بشرا مثلنا لهم من القلوب والمشاعر وحب الزوجة والأبناء واشتهاء الذرية والحب الشديد لهم، بل الخوف عليهم ما يجعلهم قدوة لنا فى الحرص على الأسرة ومكوناتها، 

فالأبناء نعمة وزينة فى الحياة الدنيا وذخر فى الآخرة كما قال الله سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز «المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا» (الكهف: 46)

وهنا تكون الذرية مظهرا من مظاهر المنح والمنع والعطاء من الله سبحانه وتعالى للبشر وحين يمنح الله سبحانه وتعالى فهذا المنح لابد أن يعقبه شكر على عطاء الله وعند المنع لابد أن يلازم المنع الدعاء والصبر  خرج إبراهيم خليل الله مهاجرا من بلده، هاجراً الوطن والأهل ذاهبا إلى الله «وقال إنى ذاهب إلى ربى سيهدين» (الصافات: 99)

وبعد الهجرة يجد إبراهيم عليه السلام نفسه تتوق للذرية فيدعو ربه أن يرزقه غلاما صالحا يكون مؤمنا حقا وبداية لأهل وأسرة مؤمنة «ربِ هبْ لِى مِن الصالِحِين» (الصافات: 100).

وكان الدعاء بالذرية من إبراهيم عليه السلام دعاء مخصصا أن تكون ذرية صالحة .. والله سبحانه مجيب الدعاء، يستجيب دعاء الداعى إذا دعاه «فبشرناه بغلام حليم» (الصافات: 101).. ومع الفرحة العارمة بمجيء إسماعيل واكتمال السعادة ببلوغه السعى يأتى الاختبار العظيم.. اختبار العاطفة واختبار الطاعة والاستسلام برؤيا إبراهيم بذبح إسماعيل، فكان التسليم لأمر الله ولو كان تلميحا وليس تصريحا «فلما بلغ معه السعى قال يا بنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدنى إن شاء الله من الصابرين» (الصافات: 102).

وعند التسليم والاستسلام من الأب المحب لابنه، والطاعة من الابن الصالح ظهرت نتيجة الاختبار فجاء النداء لإبراهيم وإسماعيل بالفداء العظيم لعظمة الاختبار والنتيجة ، فهى رحمة الله بعباده..  رحمة الله أعظم ومهما كان لطف الآباء بأبنائهم فلطف الله أكبر «وفديناه بذبح عظيم. وتركنا عليه فى الآخرين. سلام على إبراهيم. كذلك نجزى المحسنين. إنه من عبادنا المؤمنين» (الصافات: 107-111).