كلام يبقى

الداء والدواء

ممتاز القط
ممتاز القط

منظومة الدعم لمحدودى الدخل تواجه عثرات كثيرة رغم الزيادات المستمرة لقيمة ما تتحمله الدولة

لا أدعى علما بالأسرار وبواطن الأمور عندما أتحدث عن عبدالفتاح السيسى الإنسان قبل الرئيس والذى تأتى حواراته ومداخلاته وملاحظاته كاشفة لحد كبير عن مكنون شخصيته وأسلوب تفكيره.

الأحاديث من القلب لا تأتى اعتباطا ولكنها تعتمد على أساس من المعرفة والقدرة على التفكير السريع وسرعة البديهة تشاركه فى ذلك المفكرة الصغيرة والقلم الذى لا يفارقه وهو يستمع وينصت لأحاديث معاونيه ويسجل بين سطورها ملاحظاته.

فى أى لقاءات يحضرها يحرص الرئيس على التأكيد بأنه لا توجد لديه آراء مسبقة أو نهائية فى كل ما تتعرض له المناقشات وهو ما يشجع كل الحضور على الإدلاء بالآراء والأفكار. سياسة بتر الداء وعدم اللجوء للمسكنات فى حل مشاكلنا تؤتى مردودا إيجابيا على مر الأيام.

لقد اجتاحت مصر خلال الأسابيع القليلة الماضية حمى غلاء عشوائى أصبحت تؤرق فئات كثيرة من المجتمع وخاصة معدومى ومحدودى الدخل. لم يعد هناك ضابط أو رابط يوازن كلفة الحياة ويجعلها فى الحدود الدنيا المقبولة للاستمرار وتخطى المراحل الصعبة فى عملية الإصلاح الاقتصادى.

أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مرات عديدة أنه يتحمل تبعات عملية الإصلاح باعتبارها خيارا وحيدا لابد أن تجتازه مصر وهى تسعى إلى آفاق مستقبل يليق بشعبها.

الرئيس بحسه الوطنى الرفيع أراد أن يزيل الحرج عن بعض معاونيه ولكن ذلك لا يعنى أبدا أن يتحمل الرئيس وحده نتائج بعض القرارات التى قد تصدر دون دراسة واقعية للواقع الذى يعيشه المواطن المصرى ومدى قدرته على تحمل المزيد والمزيد من الأعباء.

فى لقاء موسع حضره الرئيس خلال افتتاحه لبعض مشروعات التوسع الزراعى بمنطقة الضبعة طرح رؤيته حول تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح وهو هدف سعت كل الحكومات لتحقيقه طوال السنوات الماضية لكنها ولأسباب متعددة فشلت فى تحقيق ذلك رغم حدوث زيادات متتالية فى حجم الناتح الإجمالى من هذا المحصول الاستراتيجي.

كان تأكيد الرئيس صارما حول استخدام أساليب الرى المتطورة لتقليل كمية المياه المستخدمة فى الزراعة وخاصة للقمح وقصب السكر. تساؤلات عديدة طرحها الرئيس ومنها فكرة زراعة محاصيل أخرى بديلة تخصص للتصدير وتكون موردا للنقد الأجنبى يستخدم جزء منه فى استيراد القمح بدلا من التوسع غير المدروس فى زراعته وحجم وقيمة المياه اللازمة لريه.

طرح الرئيس الفكرة وطالب الحكومة والخبراء والعلماء بدراستها بما يحقق المصلحة العامة فى النهاية وحتى تتحول إلى قرار دولة. طرح نأمل فى أن تقوم الحكومة الجديدة بدراسته والخروج بنتائج محددة تضع فى اعتبارها ضرورة وجود احتياطى آمن حتى لو كانت كمياته أقل.

بمنطق المصلحة العامة وفى أكثر من مناسبة تكرر الحديث عن رغيف الخبز المدعم والذى وصلت تكلفة إنتاجه جنيها وربع جنيه على حين يباع بخمسة قروش.

لم يعد هناك أى مجال للشك فى أن منظومة الدعم لمحدودى الدخل تواجه عثرات كثيرة رغم الزيادات المستمرة لقيمة ما تتحمله الدولة والذى سيصل إلى ٦٣٦ مليار جنيه بموازنة السنة المالية المقبلة، وذلك بارتفاع قيمته ٢٠٪ عن العام المالى الماضى.

جاء تحريك السعر فى إطار إجراءات تقوم بها الحكومة لدعم الفئات الأكثر احتياجا وفى إطار دراسات كثيرة قام بها مجلس الوزراء ويتم تقييمها مع دراسة فكرة التحول للدعم النقدى خلال الفترة القادمة وهو الإجراء الذى أطالب الحكومة الجديدة بعدم الانتظار طويلا لتحقيقه وشريطة أن يكون الدعم النقدى مواكبا ومتغيرا وفق معدلات التضخم.

لقد قامت الحكومة بمحاولات كثيرة لتصويب عملية الدعم وحذف غير المستحقين ورغم ذلك أكد الواقع أن هناك فئات كثيرة حصلت أو تحصل على بطاقات التموين رغم عدم أحقيتها. الدعم النقدى لابد أن يتم بحسابات دقيقة تأخذ فى اعتبارها فئة أصحاب المعاشات وأصحاب معاشات التكافل والضمان وتجريم أى محاولات للتحايل. وإذا كانت التحية والتقدير واجبة لحكومة الدكتور مصطفى مدبولى الحالية فإن آمالنا تتزايد مع حكومته الجديدة والتى نأمل أن تضم عازفين اكفاء فى سيمفونية بناء مصر الحديثة والتى يقودها مايسترو قدير.. مايسترو يصارح شعبه بكل شئ ومع آلاف الإنجازات التى حققها رفض أن يطلق اسمه على واحد منها.