■ كتب: هانئ مباشر
تحرص القيادة السياسية على الاهتمام بمشروعات استصلاح الأراضي وزراعة مساحات أكثر بالمحاصيل الاستراتيجية لمواجهة الزيادة فى الطلب عليها وسد الفجوة الغذائية وتحقيق الأمن الغذائي المصري كركيزة للأمن القومي، وأن يتم ذلك باستخدام أحدث النظم الزراعية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مع الحرص على دعم القطاع الخاص وحثه على المشاركة في مختلف الأنشطة والمشاريع الزراعية والإنتاج الحيواني والداجني والتصنيع الزراعي وتدوير المخلفات الزراعية.
◄ محمد جمال: الرئيس السيسي كانت له رؤية سباقة في القطاع الزراعي
يعد «وادي الشيخ» نتاج تعاون الدولة مع القطاع الخاص في مجال الزراعة المكشوفة، فما هى 
حكاية ذلك «الوادى» والتجربة التي دعا الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى الاستفادة منها فى مشروعات بنى سويف والمنيا والـ450 ألف فدان فى سيناء، كما دعا المستثمرين للمشاركة مع الدولة فى تنفيذ المشروعات الزراعية.
السيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي قال: إن الدولة أمام محدودية الأرض الزراعية في مصر والتي بلغت حوالي 10 ملايين فدان فقط ونصيب الفرد تضاءل حتى أصبح قيراطين فقط، بذلت جهود كبيرة في مجال التوسع الأفقى من خلال استصلاح الصحراء وكذلك التوسع الرأسي لزيادة الإنتاجية من ذات وحدتي الأرض والمياه وكذلك التوسع فى إنشاء الصوب الزراعية التى تضاعف الإنتاج وترشد المياه.
◄ القطاع الخاص
وأوضح أن الدولة في عهد الرئيس السيسي أنفقت المليارات على المشروعات الزراعية القومية الكبرى لدعم منظومة الأمن الغذائي، علما بأن 90% من القطاع الزراعى يمتلكه القطاع الخاص ودور الوزارة الدعم الفنى والمساندة والإرشاد وكذلك استنباط الأصناف والتقاوى عالية الجودة والإنتاجية، مشيراً إلى أن الرئيس السيسي لا يدخر جهدا فى دعم أمن واستقرار مصر، من خلال إقامة مشروعات قومية تدعم مسيرة التنمية والبناء للبلاد، ويسعى جاهدا لتحقيق الأمن الغذائي المصري.
وشدد الوزير على أن القطاع الزراعى من القطاعات الرئيسية فى البرنامج الوطني للإصلاح 
الاقتصادي والاجتماعى، ويلعب دورًا رئيسيًا فى تفعيل أبعاد التنمية المستدامة، وهو ما دعا الرئيس السيسى لتوجيه اهتمام كبير بذلك القطاع من خلال تنفيذ عدد من المشروعات القومية التى تستهدف زيادة حجم الإنتاج الزراعى والتوسع فى الرقعة الزراعية وجذب الاستثمارات وزيادة حجم الصادرات الزراعية وبمشاركة من القطاع الخاص.
وأكد أن دعوة الرئيس السيسي للمستثمرين للمشاركة فى جميع المشروعات الزراعية التى تنفذها الدولة يؤكد أن الرئيس يتبع فكرا جديدا فى تنمية وإدارة المشروعات الزراعية لتحقيق أكبر استفادة للدولة المصرية والمواطن المصري وإشراك المستثمرين فى تنمية المشروعات الزراعية.
وأوضح في نفس الوقت أن قطاع الزراعة واجه تحديات محلية متعددة زاد من تأثير حدتها الكثافة والنمو السكانى المتزايد بالإضافة إلى التأثر بالأزمات والتحديات العالمية وكل هذه التحديات والأزمات خلقت أوضاعا صعبة وأثرت فى الأنظمة الغذائية والزراعية للدول.
◄ تجربة شديدة التميز
«وادى الشيخ» هى واحدة من تلك التجارب والنماذج الإيجابية لفكرة تعاون الدولة مع القطاع الخاص فى مجال الزراعة المكشوفة، نموذج اشتغل على كافة العناصر «دعم لا محدود من الدولة واستخدام أحدث وسائل الزراعة الحديثة وبالعلم والاستعانة بكافة الخبرات وتوظيفها بشكل سليم...إلخ» بحيث أصبحنا فى النهاية أمام مشروع زراعى متكامل يسهم فى دعم «الأمن الغذائى القومى».
المهندس محمد جمال غريب، رئيس مجلس إدارة شركة مودرن فارمنج للاستثمار الزراعى،
قدم هذه التجربة أمام الرئيس عبدالفتاح السيسى قبل أيام خلال افتتاح عدد من المشروعات التنموية بجنوب الوادى، وعندما سألته ما الذى يمكن أن يقال تحت عنوان «تجربة وادى الشيخ»؟!.. قال لى: إنه مشروع زراعى متكامل تم تنفيذه بأحدث النظم العالمية لسد الفجوة الغذائية فى مشروع مزرعة وادى الشيح بمركز البدارى بمحافظة أسيوط.
وهى ليست وليدة اليوم بل هى حكاية بدأت منذ أكثر من 30 عاما، حيث كانت الأرض غير مستوية ومتحجرة تعانى من ارتفاع نسبة الملوحة وبنية تحتية غير مكتملة - أجمع كل المتخصصين على استحالة الزراعة فى هذه المنطقة - لكن وبدعم لا محدود من الرئيس عبدالفتاح السيسى وبالتعاون مع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، وباستخدام أسس الزراعة الرقمية الحديثة وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعى نجحنا فى التغلب على المصاعب والتحديات.
وتم تجهيز 10 آلاف فدان، وتم إزالة 73 مليون متر مكعب من الحجارة ونقل 25 مليون متر مكعب تربة لأعمال التسوية وإحلال 19 مليون متر مكعب، وتنفيذ معالجات كيمائية وطبيعية لتخفيض نسبة الملوحة بالتربة.
كما تم تنفيذ بنية تحتية لكامل المشروع، وإنشاء شبكة طرق بطول 85 كيلو مترا، وشق ترع بطول 3 كيلومترات ومد خطوط مياه بطول 126 كيلو مترا، وإنشاء أحواض لتخزين المياه بطاقة مليون متر مكعب ومد شبكة كهرباء بطول 120 كيلو مترا، وتم استخدام أحدث وسائل الزراعة الرقمة الحديثة فى العالم، وطائرات المسح الطيفى لأول مرة فى مصر وتركيب 45 جهاز رى محورى صناعة مصرية ساهمت جميعها فى زيادة معدلات الإنتاجية وترشيد استخدام المياه والأسمدة وتمت زراعة 2000 فدان قمح بإنتاجية 7500 طن بمعدل 25 أردبا للفدان الواحد وهى من أعلى الإنتاجيات والجودة فى مصر.
وقد تمت زراعة منطقة وادى الشيح بأشجار الفاكهة «مانجو - برتقال - خوخ - مشمش - رمان - ليمون - عنب» إضافة إلى وجود مزرعة جاموس بطاقة (500) رأس، ومزرعتى أغنام بطاقة (2000) رأس، ومنحل لإنتاج عسل النحل بإجمالى (2350خلية)، وإنشاء عدد (48) وحدة سكنية عائلية كاملة المرافق والخدمات.
ويشير المهندس غريب إلى أن مصر تواجه الكثير من المصاعب والتحديات خاصة فى قضية الحفاظ على الأمن الغذائى، فهى قضية عالمية ومصر ليست بمعزل عن العالم الذى نعيش فيه لذلك فإننى كمستثمر من القطاع الخاص المصرى أخذنا قرار تنفيذ مشروع زراعى متكامل يحقق طفرة وخطوة للأمام ليكون مركزا لنقل أحدث النظم الزراعية العالمية والتدريب عليها ليسهم فى سد الفجوة الغذائية. ومشروع جنوب الوادى هو أعظم مشروع زراعى أولته الدولة عناية خاصة بإنتاجية متوقعة لأكثر من مليون طن قمح تسهم فى سد جزء كبير من احتياجات الدولة..
◄ استراتيجية واضحة المعالم
وكما يؤكد لنا المهندس محمد جمال الغريب فقد تم وضع استراتيجية واضحة المعالم من البداية وهى الاعتماد على العلم والخبرات العالمية، حيث تم نقل وتوطين أحدث النظم الزراعية ووضع برامج تدريبية للشباب المصرى وذلك بتحالف مع أكبر الشركات العالمية والمحلية.. وتم ذلك بالتوازى مع امتلاك أحدث أسطول من الميكنة الزراعية المتخصصة فى أعمال استصلاح وتسوية الأراضى والتى يتم استخدامها فى عدة مشروعات ومنها مشروع مستقبل مصر ومشروع وادى الشيح بصعيد مصر فى محافظة أسيوط بالتعاون مع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية وأيضا المزرعة النموذجية بشمال مديرية التحرير بالتعاون مع وزارة الزراعة وأيضا أعمال الاستصلاح بالمنظومة الرقمية لصالح جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بمشروع توشكى، والتعاقد على إنتاج تقاوى القمح بالتعاون مع مركز البحوث الزراعية، واستيراد سلالات عالية الإنتاجية من عجول التسمين والسلالات عالية الإنتاج فى الألبان ذات كفاءة عالية فى تحويل الأعلاف إلى ألبان تعطى كميات كثيرة وأرباحا كبيرة للمزارعين والمربين.
ويشير المهندس محمد جمال غريب إلى دور القيادة السياسية التى كان لديها رؤية سباقة فى دعم وتشجيع المستثمرين بتغيير قوانين الاستثمار والشباك الواحد مما جذب العديد من الاستثمارات فى جميع الأنشطة الاقتصادية وأيضا دعم كامل للمشروعات الزراعية وتوفير البنية الأساسية من مشروعات الطرق وتوفير الطاقة ومشاريع تخزين لوجستية مثل الصوامع وثلاجات حفظ المحاصيل الزراعية وإنشاء مناطق صناعية كاملة المرافق لمشروعات التصنيع الزراعى وأيضا تحديث المنظومة المصرفية والمنافذ الجمركية لتسهيل واستيراد مستلزمات الإنتاج الزراعى وتصدير المنتجات الزراعية إلى جميع دول العالم وتكليف الحجر الزراعى المصرى بفتح أسواق جديدة للتصدير مثل أسواق اليابان والصين والكثير من دول العالم لأول مرة.
ويؤكد لنا أن إدارة المنظومة الزراعية تم باستخدام محطات أرصاد مناخية زراعية رقمية والتى تقوم بالتحكم الآلى فى منظومة الرى الحديث طبقا للظروف المناخية وأيضا التنبؤ بالأمراض النباتية والتى تمكننا من معرفة التغيرات المتوقعة مناخيا والتعامل معها مبكرا وتقوم الشركة أيضا بتدوير المخلفات الزراعية الناتجة عن العمليات الزراعية واستخدامها كأعلاف حيوانية واسمدة وتحويلها إلى وقود حيوى.
