الآمال معقودة عليه فى تنمية واستزراع المناطق الصحراوية

«الجوجوبا».. كـنز مصر الأخضر| الآمال معقودة عليه في تنمية واستزراع المناطق الصحراوية

نبات الجوجوبا
نبات الجوجوبا

يعد  التوسع في زراعة الصحراء أحد الاختبارات الاستراتيجية لمصر في المرحلة المقبلة، لا سيما الزراعات التي تتمتع بميزات إضافية كوفرة المحصول وسهولة طرق الرى والتنافسية في العائد، لذا تعتبر أشجار الجوجوبا أو «الذهب الأخضر» كما يطلق عليها خبراء الزراعة، من أهم النباتات توافقا مع البيئة الزراعية المصرية ومواردها المائية.

◄ يدخل في صناعة المستحضرات الطبية الخاصة بعلاج أمراض البشرة

لقد أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال افتتاحه عددا من المشروعات التنموية بجنوب الوادي، على أهمية زراعة نبات «الجوجوبا» الذي يستخدم وقودا حيويا يحتاج إليه العالم، مؤكدا أهمية استخدامه هنا في مصر، كما أن عوائده مناسبة لاحتياجات مصر، حيث تتم زراعته على كل الأراضي، ويمكن استخدام مياه الصرف الصحي في زراعته.

ومن جانبه قال «السيد القصير.. وزير الزراعة واستصلاح الأراضي: «إن نبات الجوجوبا يستخدم لإنتاج الوقود الحيوي، وكل الدول وخاصة الاتحاد الأوروبي متجهة لهذا النوع من الوقود، ونخطط لاستخدامه وإنتاجه بحلول 2030 والتوجه للوقود الحيوي، ولقد تم تسجيل سلالات جديدة من الجوجوبا تصل إلى 4 أصناف وتم إجراء تجارب عليها في سيناء وسوف نتوسع في إنتاج مثل هذه المحاصيل الزراعية بالتنسيق مع الجهات المعنية.

إن إنتاجية الجوجوبا مرتفعة للغاية وهو من الزراعات المتحملة درجات ملوحة شديدة موضحا أن وزارة الزراعة لديها 7 أصناف مسجلة بالتنسيق مع مراكز البحوث الزراعية..

يمثل نبات الجوجوبا خيارا استراتيجيا مثاليا للزراعة في الصحراء بعد أن بدأت زراعته تنتشر فى عدة محافظات كالوادى الجديد، والإسماعيلية، والبحر الأحمر، بسبب العائد الاقتصادى الكبير لهذا النبات، حيث يمثل الزيت حوالى 40% من بذوره، ويدخل على نطاق واسع فى المنتجات الصناعية ومستحضرات التجميل، والأهم أنه يمكن استخدامه كوقود حيوى فى محركات الطائرات ومحركات الديزل، فضلا عن استخدم المتبقى من البذور بعد عملية العصر، كعلف للحيوانات والأسماك، أو فى المبيدات الطبيعية.

المهندس محمد مصطفى، رئيس مجلس إدارة الجمعية الوطنية لمنتجى الجوجوبا، يقول: يجب أن تنتشر زراعة «الجوجوبا» في مصر وفى الصحراء بشكل خاص لما له من مكاسب اقتصادية وطبية ضخمة، مع الوضع في الاعتبار ثبات المصادر المائية لمصر، بالتالى حاجتنا لزراعة أنواع جديدة من النباتات التى تحتاج إلى مقننات مائية محدودة مع قدرتها على تحمل ظروف وطبيعة الصحراء المصرية القاسية والفقيرة فى العناصر الغذائية للنبات، بالإضافة إلى قدرة النباتات الجديدة على تحمل الإجهاد الحراري العالي والملوحة وتوفير عوائد نقدية مجزية للمزارعين، فضلا عن قيمتها المضافة كمادة خام للصناعة ما يسهل إنشاء تجمعات زراعية ومن ثم تحقيق قيمة مضافة عالية للاقتصاد الوطنى وهو ما ينطبق على «الجوجوبا»، كما أن تكلفة النقل والتخزين والتصنيع منخفضة جدا مما يزيد من قيمتها التنافسية فى الأسواق العالمية وتتميز كذلك بانخفاض تكلفة الأيدى العاملة ما يسهم فى توفير فرص عمل جديدة ويسهم فى انتقال القوى العاملة وتوطينهم خارج الوادى، والاستفادة من المزايا النسبية لتصدير منتجاتها للخارج، ومن هذا المنطلق كان التفكير فى نشر نبات الجوجوبا والذى يعتبر من أحد أفضل النباتات الصناعية الجديدة وأكثرها ملاءمة للزراعة في الصحراء المصرية.

والصحراء المصرية تعتبر من أنسب الأراضى من ناحية طبيعة الأرض أو المناخ لزراعة الجوجوبا على المستوى العالمى، كما أن تكلفة إنتاج بذور الجوجوبا محليا تعتبر من أرخص التكاليف العالمية ما يحقق لها الاستفادة من هذه المزايا النسبية وتحقيق عائد اقتصادى مجز من زراعتها.

ويتحمل هذا النبات الظروف البيئية القاسية كالملوحة والجفاف والحرارة العالية وأظهر تأقلما واضحا مع الظروف البيئية السائدة فى مصر وأثبتت السلالات التى زرعت فى محافظات مختلفة نجاحا باهرا من حيث التأقلم وسرعة التأقلم وسرعة النمو الخضرى، وأعطت محصولاً لا بذريا مبشرًا بعد سنتين فقط من الزراعة، وبأقل قدر من الرعاية والاحتياجات المائية والغذائية ما يدل على ملاءمة هذا النبات للمناخ السائد فى مصر، بالتالى إمكانية زراعته كمحصول اقتصادى واعد متعدد الأغراض، ويتحمل الملوحة حتى 3000 جزء فى المليون دون تأثير فى الإنتاج، فضلا عن قلة حاجته للتسميد والتقليم وعمليات الخدمة المختلفة، كما أن الجوجوبا من الأشجار المكافحة للتلوث.

◄ اقرأ أيضًا | جامعة الوادى الجديد تشارك فى اليوم الوطنى لحصاد "الجوجوبا" 

لابد من زيادة المساحات المزروعة من الجوجوبا بشكل مكثف، حيث كانت 20 فدانًا عام 2003 حتى بلغت الآن نحو 20 ألف فدان، فضلا عن أنه يجرى تجهيز وزراعة 10 آلاف فدان، وتأتى مصر فى المرتبة الرابعة عالميا فى إنتاج زيت الجوجوبا بعد إسرائيل وبيرو والأرجنتين، ومن المتوقع التوسع فى زراعة شمال سيناء وجنوب الوادى فى توشكى وشرق العوينات والفرافرة بمساحة تزيد على مليون فدان.

الدكتور أيمن حمودة، مدير معهد بحوث البساتين بمركز البحوث الزراعية وأستاذ النباتات الطبية والعطرية، يقول: «الهوهوبا» أو الجوجوبا من المحاصيل الواعدة التى يعقد عليها الأمل فى تنمية واستزراع مناطق صحراوية ذات طبيعة خاصة، حيث تعتمد برامج التنمية الزراعية واستصلاح الأراضى الصحراوية فى مصر الآن على التوسع فى زراعة أنواع جديدة من النباتات غير التقليدية، والتى لها خصائص مميزة مثل قلة احتياجاتها المائية مع قدرتها على تحمل ظروف وطبيعة الأراضى الصحراوية من حيث الجفاف والملوحة وندرة مياه الأمطار وقلة مياه الرى، أو توفرها لمحاصيل أخرى وارتفاع درجات الحرارة صيفا، حيث تعتبر مصر فقيرة مائيا نظرا لمحدودية المياه المستخدمة فى الزراعة، وزيادة النشاط السكانى والاعتماد الكلى على نهر النيل.

والميزات السابقة متوافرة فى نبات الجوجوبا، بالإضافة إلى الأهمية الاقتصادية التى تكمن فى محتوى محصولها من البذور على الشمع السائل الذى يستخدم فى استخدامات عديدة منها الاستخدامات الصناعية والوقود الحيوى ومستحضرات التجميل والمنتجات ذات الصفة العلاجية.

لذلك تتجه الدولة إلى استصلاح الأراضي الصحراوية التى تنتشر في مصر شرقا وغربا عن طريق زراعة النباتات المتحملة للملوحة، سواء كانت ملوحة مياه ري أو ملوحة التربة وكذلك نباتات تتحمل الجفاف فى حالات نقص مياه الري وارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف.

و«الجوجوبا» نبات برى ينمو كشجيرة كبيرة الحجم نوعا، وتم استئناس هذا النبات حديثا من موطنه الأصلى فى صحارى السونارا الممتدة بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك، حيث يكتب اسم النبات باللاتينى (Jojoba) ويلفظ من قبل المتحدثين بالفرنسية (جوجوبا).

وتنجح زراعة نبات الجوجوبا فى المناطق المعتدلة حيث يوجد تباين بين درجات حرارة الليل والنهار، أما عن درجة الحرارة المثلى لنموه فهى 20 - 27 م ويمكنه تحمل درجة الحرارة المرتفعة.

وتجوز زراعة الجوجوبا فى المناطق التى تسود فيها درجات حرارة دافئة أثناء النهار (28 - 36 م) ومنخفضة نوعاً ما أثناء الليل (13 - 18 م)، حيث إن التباين فى درجات الحرارة يؤدى إلى إعطاء محصول أوفر، حيث إن الجوجوبا نبات صحراوى المنشأ فإنه يمكنه النمو فى مناطق قد لا تنجح فيها عدة محاصيل أخرى بسبب نقص المياه، وهنا يجب التوضيح بأنه نبات يتحمل العطش عندما يتقدم فى العمر، ويضرب جذوره فى الأرض عميقاً لكى يتحصل على الماء الأرضى، أما فى السنوات الأولى من العمر فإن النبات يحتاج رياً وعناية قد لا تقل عن المحاصيل الأخرى.

ويقدر استهلاك الجوجوبا من الماء بثلث استهلاك نبات البرسيم، وبنصف استهلاك نبات القطن، ولكى تكون زراعة الجوجوبا مجدية اقتصادياً فإنه ينصح بزراعتها فى المناطق التى يتراوح فيها معدل سقوط الأمطار بين 400 - 660 مم فى السنة. وليس هناك ضرر من زيادة الأمطار إن كانت التربة رملية جيدة الصرف والصرف الجيد ضرورة حتمية لنجاح زراعة الجوجوبا حيث إن تجمع الماء حول الجذور لمدة يوم أو يومين كفيل بأن يقضى على النباتات، ولهذا السبب يجب عدم زراعة الجوجوبا فى الأراضى والمناطق التى تكون عرضة للفيضانات.

إن زيت الجوجوبا واحد من أهم وأغلى أنواع الزيوت على مستوى العالم، نظرا لتقارب مستوى حموضته مع حموضة جلد الإنسان، وهى المسألة التى فتحت المجال لاستخدامه فى صناعة المستحضرات الطبية الخاصة بعلاج أمراض البشرة والجلد، كما أن من مزايا زيت الجوجوبا استخدامه فى علاج جلطات العيون، ما وضعه على رأس قائمة الصادرات إلى بعض الدول، وفى مقدمتها اليابان، ما ضاعف من حجم اهتمام قطاع عريض من المزارعين والمستثمرين به، بسبب عوائده الاقتصادية الضخمة.

إن التوسع فى زراعة الجوجوبا يمثل فرصة كبيرة لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وتحسين البيئة والصحة العامة خاصة أنه نبات ذو قيمة عالية نظراً لإنتاجه لزيت الجوجوبا الذى يعد من الزيوت الطبيعية الثمينة والمطلوبة فى الأسواق العالمية ويستخدم فى العديد من الصناعات مثل مستحضرات التجميل والأدوية.

والبذور تحتوى على (40%) من وزنها زيتا ـ شمع سائل ـ نقيا لا يحتاج إلى تكرير غالى الثمن يشابه فى مواصفاته زيت كبد الحوت وحل محله فى كثير من الصناعات مثل صناعة الأدوية ومستحضرات التجميل، ويزداد الطلب عالميا على زيت الجوجوبا نظرا لأنه يصلح كوقود حيوى فهو يتحمل درجات الحرارة المرتفعة لذلك يستخدم فى محركات السيارات، وهو ما يجعلها زراعة اقتصادية غير مكلفة ولكنها ستحقق من ورائها عائدات ضخمة لذلك يطلق عليه «الذهب الأخضر».

الدكتور محمد علي شطا، عميد كلية الزراعة بجامعة المنصورة يقول: إن مستقبل زراعة الجوجوبا في مصر واعد خاصة أنه من المحاصيل التى تتناسب مع الاتجاه الهادف إلى زراعة محاصيل قادرة على تحمل نقص الموارد المائية  فى ظل التغيرات المناخية، فهى نبات صحراوي بامتياز، ويصلح للزراعة فى الأراضي الهامشية «القاحلة»، والجيرية وعديمة الخصوبة، أى أنها تصلح فى جميع أنواع الأراضى التى لا تصلح لأى محصول آخر، وعلى المزارعين التوجه لزراعة نبات الجوجوبا في ضوء ما يشهده العالم من تغيرات مناخية، وما تمر به مصر والمنطقة العربية فى تناقص موارد المياه لأنه أقل النباتات استهلاكا للمياه العادية، كما يمكن استخدام مياه الصرف الصناعى أو الزراعي أو الصرف الصحى، أو مياه الآبار شديدة الملوحة التى قد تصل لـ 7 آلاف جزء فى المليون في ري هذا النبات.