«المشهد الآخر» قصة قصيرة للكاتب محمود حمدون

محمود حمدون
محمود حمدون

انفتح الستار عن ساحة معبد مصري قديم, أعمدة تغمرها رسوم رائعة الجمال, شاهقة, يعلوها سقف شديد الارتفاع. وقفت في بهو المعبد, تائهًا, أبحث عن امرأة صحبتني طول الرحلة, لا تزال تفاصيلها عالقة في ذاكرتي.

 ترددت بين أروقة لا حصر لها, رأيت أناس في أزياء قديمة وآخرين في ملابس حديثة, الكل جوار بعضه, سمعت شدوًا وترانيم قديمة .

بين الزائرين رأيتها, مثلي تائهة, تدور عيناها في كل مكان, تتطلع بقلق للمارة حولها, تخشى نظرات المتطفّلين, كطفلة تخلّت سهوًا عن يد أبيها في زحام الحياة.

فلمّا التقت الأعين, انفرجت الشفاه عن ابتسامة, اطمأن القلبان, حينها تجمّد الزمن عند لحظة واحدة لم يبرحها بعد ذلك, إذ كيف يمكنه أن يصمد أمام حرارة لقاء أذاب صهده الجدران الحجرية, عنفوان عناق لم تحتمله أعمدة المعبد العتيق فأصبح  فتصدّع من فوره وناخ بما يحمل, بعدها كل شيء أصبح أثرًا بعد عين, لعلها دقائق ثم انقشع غبار الليل عن صباح ليس كمثله صباح.