تكنولوجيا التشويش الروسي تحبط فاعلية بعض الأسلحة الأمريكية في أوكرانيا

صورة موضوعية
صورة موضوعية

قالت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية إن العديد من الذخائر الموجهة عبر الأقمار الصناعية الأمريكية الصنع التي منحتها واشنطن لأوكرانيا قد فشلت في مقاومة تكنولوجيا التشويش الروسية، ما دفع كييف إلى التوقف عن استخدام أنواع معينة من الأسلحة المقدمة من الغرب بعد انخفاض معدلات الفعالية، وفقًا لمسؤولين عسكريين أوكرانيين كبار وتقييمات أوكرانية داخلية سرية حصلت عليها الصحيفة.

وذكرت الصحيفة -في تقرير اليوم الجمعة- أن تشويش روسيا على أنظمة توجيه الأسلحة الغربية الحديثة، بما في ذلك قذائف المدفعية الموجهة بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) ونظام الصواريخ المدفعية عالية الحركة، الذي يمكنه إطلاق بعض الصواريخ الأمريكية الصنع التي يصل مداها إلى 50 ميلاً، أدى إلى تآكل قدرة أوكرانيا الدفاعية ما جعل المسؤولين في كييف يطلبون المساعدة بشكل عاجل من البنتاجون للحصول على تحسينات من الشركات المصنعة للأسلحة.

اقرأ أيضًا| مباحثات في الاتحاد الأوروبي بشأن احتمال اضطلاع التكتل بدور في مراقبة معبر رفح

وأشارت الصحيفة إلى إن قدرة روسيا على مكافحة الذخائر عالية التقنية لها آثار بعيدة المدى على أوكرانيا ومؤيديها الغربيين، وأنه من المحتمل أن توفر مخططًا لخصومها مثل الصين وإيران، وهي سبب رئيسي وراء استعادة القوات الروسية زمام المبادرة والتقدم في ساحة المعركة، فعلى سبيل المثال، انخفض معدل نجاح قذائف أكسكاليبور التي صممتها الولايات المتحدة بشكل حاد على مدى أشهر -إلى أقل من 10% في إصابة أهدافها- قبل أن يتخلى عنها الجيش الأوكراني العام الماضي، وفقًا للتقييمات الأوكرانية السرية.

وبينما وصفت روايات إخبارية أخرى قدرات روسيا المتفوقة في الحرب الإلكترونية، فإن الوثائق التي حصلت عليها صحيفة (واشنطن بوست) تتضمن تفاصيل لم يتم الإبلاغ عنها سابقاً حول مدى نجاح التشويش الروسي في إحباط الأسلحة الغربية.

ووجدت التقييمات -حسبما ذكرت الصحيفة- أن "تكنولوجيا إكسكاليبور في الإصدارات الحالية فقدت إمكاناتها"، وأن تجربة ساحة المعركة في أوكرانيا دحضت سمعتها كـ"سلاح طلقة واحدة، هدف واحد" - على الأقل حتى يعالج البنتاجون والمصنعون الأمريكيون هذه القضية.

ولفتت الصحيفة إلى أنه قبل ستة أشهر، بعد أن أبلغ الأوكرانيون عن هذه القضية، توقفت واشنطن ببساطة عن تقديم قذائف إكسكاليبور بسبب ارتفاع معدل الفشل، كما قال المسؤولون الأوكرانيون، الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة مسألة أمنية حساسة.

وأوضحت أن القيادة العسكرية الأوكرانية أعدت التقارير خلال الفترة ما بين خريف 2023 وأبريل 2024 وشاركتها مع الولايات المتحدة والجهات الداعمة الأخرى، على أمل تطوير الحلول وفتح اتصال مباشر مع الشركات المصنعة للأسلحة. وفي المقابلات، وصف المسؤولون الأوكرانيون العملية البيروقراطية المفرطة التي قالوا إنها أدت إلى تعقيد المسار نحو التعديلات المطلوبة بشكل عاجل لتحسين الأسلحة الفاشلة.

وأكدت (واشنطن بوست) أن المسؤولين الأوكرانيين وافقوا على الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بالتقييمات على أمل لفت الانتباه إلى احتياجات الجيش الأوكراني. وتحدث العديد من المسؤولين الأوكرانيين والأمريكيين الذين تمت مقابلتهم في هذه القصة بشرط عدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية القضية.

ونقلت عن مسؤول دفاعي أمريكي كبير قوله إن وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاجون) توقعت أن بعض الذخائر الموجهة بدقة ستُهزم في الحرب الإلكترونية الروسية، وعملت مع أوكرانيا لصقل التكتيكات والتقنيات.

وقال المسؤول الأمريكي -وفق الصحيفة- إن روسيا "واصلت توسيع استخدامها للحرب الإلكترونية" ولذا "نحن نواصل التطوير والتأكد من أن أوكرانيا لديها القدرات التي تحتاجها لتكون فعالة"، ورفض المزاعم القائلة بأن البيروقراطية أبطأت الرد. وقال إن البنتاجون ومصنعي الأسلحة قدموا حلولا في بعض الأحيان خلال ساعات أو أيام، لكنه لم يقدم أمثلة.

ونقلت الصحيفة عن بيان أصدرته وزارة الدفاع الأوكرانية، أن الوزارة تتعاون بانتظام مع البنتاجون وتتواصل أيضًا بشكل مباشر مع الشركات المصنعة للأسلحة.

وأضافت الوزارة -في بيانها- "في حالة حدوث مشكلات فنية، فإننا نبلغ شركائنا على الفور لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحلها في الوقت المناسب. ويقدم شركاؤنا من الولايات المتحدة الأمريكية ودول غربية أخرى دعمًا مستمرًا لطلباتنا. وعلى وجه الخصوص، نتلقى بانتظام توصيات لتحسين المعدات".

وعادة ما كانت الذخائر الموجهة أمريكية الصنع المقدمة إلى أوكرانيا ناجحة عند إدخالها، لكنها في كثير من الأحيان أصبحت أقل نجاحا مع تكيف القوات الروسية. والآن، لم تعد بعض الأسلحة التي كانت تعتبر أدوات فعالة ذات يوم توفر أي ميزة -على حد قول الصحيفة.

ولفتت الصحيفة إلى أنه في حرب تقليدية، قد لا يواجه الجيش الأمريكي نفس الصعوبات التي تواجهها أوكرانيا لأنه يمتلك قوة جوية أكثر تقدما وإجراءات مضادة إلكترونية قوية، لكن قدرات روسيا مع ذلك تفرض ضغوطا شديدة على واشنطن وحلفائها في الناتو لمواصلة الابتكار.

ونقلت عن مسؤول عسكري أوكراني كبير قوله: "لا أقول إن أحداً لم يكن قلقاً بشأن ذلك من قبل، لكنهم الآن بدأوا يشعرون بالقلق".

وأضاف المسؤول: "بينما نتبادل المعلومات مع شركائنا ويتبادلها شركاؤنا معنا، فإن الروس بالتأكيد يتبادلونها مع الصين. وحتى لو لم يتشاركوا مع الصين... فالصين تراقب الأحداث في أوكرانيا".

ونقلت (واشنطن بوست) عن الوثائق قولها إن شبكة من أنظمة الحرب الإلكترونية الروسية والدفاعات الجوية تهدد الطيارين الأوكرانيين، وإن بعض أجهزة التشويش الروسية تعمل أيضًا على تشويش نظام الملاحة للطائرات. وأنه وفقا للتقييم فالدفاع الروسي كثيف للغاية لدرجة أنه "لا توجد نوافذ مفتوحة للطيارين الأوكرانيين إلا ويشعرون فيها بأنهم تحت تهديد السلاح".

وخلص التقييم إلى أنه على الرغم من بعض الجهود المبذولة لإحباط التشويش، فإن الإصلاحات المحتملة تبدو محدودة حتى يسلم الغرب طائرات مقاتلة من طراز F-16. ومن شأن مثل هذه الطائرات الحديثة أن تسمح للقوات الجوية الأوكرانية بطرد الطيارين الروس، مما يتيح استخدام أنواع مختلفة من الأسلحة ذات مدى أكبر وقدرة أكبر على تجنب بعض أنظمة الحرب الإلكترونية.