يبدأ من «السيدة زينب» ويربط بين مساجد ومقامات الأولياء

عودة الروح لـ«مسار آل البيت»| مشروع تراثي سياحي يضاهي شارع المعز

شارع المُعز
شارع المُعز

■ كتب: محمد نور

تتمتع مصر دون غيرها من الدول بمجموعة من المزارات التى تُنسب لـ«آل البيت»، وتُعدّ هذه المزارات من أهم المقاصد السياحية التى يفد إليها  الكثيرون، سواء من  المصريين  أو الأجانب خاصة من دول جنوب شرق آسيا، ولهذا السبب فإن الحكومة وضعت هذه المزارات ضمن خطة التنمية.

◄ الحكومة مهتمة بإحياء المناطق الدينية والتاريخية والأثرية

تقوم الحكومة حاليًا بتنفيذ مشروع كبير يتمثل فى إعادة إحياء «مسار آل البيت» في القاهرة التاريخية، الذى يربط بين مساجد وأضرحة آل البيت كمسجد ومقام السيدة زينب والسيدة نفيسة والسيدة عائشة، مرورًا بباقى مزارات آل البيت بشارع الخليفة الذى يضم العديد من  الآثار التاريخية الهامة منها مسجد أحمد ابن طولون، ومتحف جاير أندرسون، مرورًا بقبة شجرة الدر، وكذلك متنزه الخليفة التراثى «البيئي»، كما يشمل المسار مسجد السيدة رقية وضريح محمد حسن الأنور، مرورًا بقبة الأشراف، ومقام السيد جوهر، ومقام الحناوي.

وخطة التطوير تشمل إعادة تأهيل هذه المزارات من خلال توفير مساحات خضراء حولها وإنشاء العديد من الحدائق الخضراء والمتنزهات، حيث تقوم محافظة القاهرة بالربط بين هذه المزارات الخاصة بآل البيت من خلال سيارات كهربائية تنقل الزائرين إلى مساجد ومقامات آل البيت.

أحمد عيسى، وزير السياحة والآثار، أكد أهمية مشروعات تطوير القاهرة التاريخية ومساجدها، نظرًا لما تتمع به المنطقة من أهمية تاريخيّة وأثرية ودينية فضلًا عن كونها جزءًا من النسيج العمرانى لمنطقة القاهرة التاريخية، أحد المواقع الأثرية المُسجلة على قائمة التراث العالمي لليونسكو، وما تضُمه المنطقة من مقابر تخص الصحابة وآل البيت، والصالحين والصوفية، والعلماء ورجال الدولة من عصر أسرة محمد على، إضافة لعدد من المساجد، والقباب، والأضرحة والمشاهد، والتى من بينها مسجد وقبة الإمام الشافعى، وقبة الإمام الليث، وحوش الباشا وغيرها.

◄ اقرأ أيضًا | أصل الحكاية | رحلة في تاريخ المسجد «المؤيد شيخ».. بين معمار المماليك وذكريات القاهرة القديمة

المهندس أحمد فتحي الشارونى، الخبير فى مجال ترميم الآثار، أحد المُرممين بمسجد السيدة زينب، أكد أنه شارك فى ترميم بعض الآثار الإسلامية، ومنها مسجد السيدة زينب، مُشيرًا إلى أن الآثار الإسلامية فى القاهرة التاريخية كانت تُعانى من المشكلات، وتحتاج للعديد من الصيانة، مُضيفًا أن كثيرا من الآثار غير مُسجلة، وبالتالى كان هناك إهمال وعدم اهتمام بها، إضافة للوضع البيئى الموجودة به هذه الآثار.

وقال الدكتور جمال مصطفى، رئيس قطاع الآثار لشئون الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، إن مصر تمتلك مجموعة من المُرممين المُحترفين كل فى تخصصه، فهناك مُرممون مُتخصصون فى العناصر الأورجانيك، ومرممون متخصصون فى العناصر الـ«أن أورجانيك»، وهناك من يتعامل مع الحجر، ومن يتعامل مع الطين ومع الطوب الأحمر، مُضيفًا أن هناك مُرممين فى منشآت العمائر المصرية القديمة، وهناك مُرممون فى العمائر القبطية ومرممون فى العمائر الإسلامية، ولدينا مشروعان ضخمان، الأول مسار العائلة المقدسة، والذى أوشك على الانتهاء والافتتاح، ومسار آل البيت، والذى يضم القباب والمساجد سواء كانت مساجد بها قباب رؤية أو قباب مدفون بها بعض الصحابة.

الدكتور أحمد الفشني، من علماء التصوف، أشاد بهذه الخطوة المهمة التى تأخرت كثيراً قائلًا إن مدينة القاهرة التاريخية تضم العديد من المبانى الأثرية والتراثية وأنها تتفرد بمزارات آل البيت، لذا فإن قيام الحكومة بإحياء مسار آل البيت فى القاهره التاريخية وتطويرها سيضع مصر على خريطة السياحة الدينية، لافتاً إلى أنه خلال الاحتفال بذكرى ميلاد الإمام الحسين والسيدة زينب رضى الله عنهما يفد الملايين من المريدين من كل مكان فى مصر والعالم الإسلامى للاحتفال بهذه المناسبة، ما يتطلب وجود مسارات لآل البيت وتطويرها وإقامة أماكن حضارية مخصّصة للزائرين.

وقال إن مصر تضم العديد من مقامات وأضرحة آل البيت، لافتًا إلى أن تطوير هذه المقامات والمناطق المحيطة بها خطوة مهمة تحقق فائدة كبيرة لمصر، موضحًا أن التطوير لا يقتصر على مقامات وأضرحة آل البيت فى القاهرة بل يشمل المقامات فى مختلف المحافظات، وهو ما يجرى العمل عليه حاليًا فى «البهنسا» بمحافظة المنيا. 

في السياق، قال الدكتور ضياء زهران المتخصص فى الآثار الإسلامية، إن هذه المزارات مهمة، وتطويرها خطوة على الطريق الصحيح، ومصر تضم مجموعة من المنشآت التاريخية الهامة لآل البيت، مشيرًا إلى أن الحكومة بدأت بالفعل تطوير هذا المسار، حيث يشمل التطوير التوسع فى الساحات وإحاطتها بالحدائق والمتنزهات وإنشاء أماكن للإقامة تستوعب الأعداد الكبيرة  التى تأتى للزيارة وتوفير سبل الراحة للزائرين. 

وأضاف أنه سيتم ربط هذه المسارات ببعضها، بحيث تكون مزارات سياحية يقصدها الكثيرون من مصر ومختلف الدول العربية والإسلامية، موضحًا أن الحكومة أدركت أهمية  مسارات آل البيت ووضعتها على خريطه السياحة الدينية، وطوّرت العديد من مقامات وأضرحة آل البيت، منها مقامات الإمام الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة والسيدة عائشة والإمام الشافعى (رضوان الله عليهم)، لاستيعاب الأعداد الكبيرة التى تأتى لمصر قاصدة مزارات آل البيت.

وأشار زهران إلى أن مجيء آل البيت إلى مصر وإقامتهم فيها كان له دلالات خاصة، ولعلنا نتذكر دعوة السيدة زينب (رضى الله عنها) لأهل مصر، ومقولتها المشهورة «آويتمونا أواكم الله، أكرمتمونا أكرمكم الله»، ونستخلص من ذلك أهميه آل البيت عند المصريين وحبهم الكبير لهم. 

فيما أكد مصدر بمحافظة القاهرة أن هناك اهتمامًا كبيرًا من الحكومة بإعادة إحياء المناطق الدينية والتاريخية والأثرية، وإبراز قيمتها وجعلها مزارات ومناطق جذب سياحية وإظهار اللمسة الحضارية فيها، لما لها من أثر إيجابى على جذب السياحة الداخلية والخارجية، بالإضافة لتسليط الضوء على تاريخ وعراقة الأماكن التراثية، لافتًا إلى أنه تم الاتفاق مع أحد المستثمرين على تخصيص سيارات كهربائية تعمل على نقل الزوار فى هذا المسار مقابل تذكرة بأجر رمزى يومى الجمعة والسبت من كل أسبوع، بالتنسيق مع المرور.

وأضاف المصدر: يتم حاليًا رفع كفاءة وتطوير شارع بورسعيد ومحيط مسجد السيدة زينب، وتطوير شارع عبدالمجيد اللبّان، وشارع الصليبة، حيث يتم مد خطوط الصرف الصحى إليها، مشيرًا إلى وجود خطة لتحويل شارع الأشراف ليصبح نموذجا آخر لشارع المعز، حيث يضم العديد من المزارات والآثار الإسلامية التى يتم رفع كفاءتها وترميمها حاليًا، وكذلك سيتم رصف الأرضيات بالبازلت الناعم، كما سيتم تطوير الإنارة، كما تم ترميم مسجد السيدة رقية، وتطوير متنزه الخليفة، وتم وضع 15 عربة مأكولات ومشروبات بمتنزه الخليفة بشارع الأشراف، سيتم طرحها لشباب الخريجين لتوفير فرص عمل لهم، وجميعها مصمّم على الطراز الإسلامى لتتناسب مع الذوق الحضارى للمنطقة.