الحشوات الفضية تحتوى على الزئبق السام ومعادن مختلفة

مادة خطيرة يستخدمها البعض| حشو الضروس بالسم في عيادات الأسنان

صورة موضوعية
صورة موضوعية

■ كتبت: علا نافع

لم تستطع إيمان تحمل ألم أسنانها فقصدت عيادة طبيب الأسنان القريبة من منزلها بحي السيدة زينب، وبعد الفحص قرر معالجة التسوس الذى وصل إلى الأعصاب باستخدام حشوات الزئبق المخلوطة بالنحاس والمعروفة باسم حشوات «الأملجم»، إذ أكد لها الطبيب قدرة تلك الحشوات على تحمل قوة المضغ فضلا عن كونها أقل كلفة مقارنة بالحشوات الأخرى بخلاف شكلها الفضى الجذاب.. لكن ماذا حدث بعد ذلك؟!

◄ انخفاض سعره وعمره الطويل أبرز أسباب الإقبال عليه

مع بداية تركيب الحشوة انتاب إيمان إحساس بالغثيان والدوخة، لكنها حاولت إقناع نفسها بأن الأمر طبيعى خصوصًا أنها تعانى ضعفًا عامًا وفى ذلك اليوم امتنعت عن تناول أى طعام منذ الصباح الباكر، لكن فور وصولها للمنزل زادت تلك الأعراض مما جعلها تطالع أحد مواقع الإنترنت العلمية والتى أرجعت تلك الأعراض لتسرب مادة الزئبق السامة إلى الجسم بفعل اللعاب، من ثم الجهاز الهضمى.

أما عبدالرحمن، وهو شاب عشرينى، فقد اضطر إلى موافقة طبيب الأسنان على حشو أعصاب ضروسه بحشوة الزئبق المخلوطة بالفضة والنحاس كونها الأكثر ثباتًا، إذ تدوم لسنتين على الأقل، وفى الوقت ذاته فإنها لن تكبده تكاليف أخرى فى المستقبل، والأهم أنها لن تؤثر فى الشكل العام للأسنان.

لم يهتم بسؤال الطبيب عن مكونات الأملجم أو الحشو البلاتينى وآثاره الجانبية، إلا بعد استنشاقه ما يشبه رائحة الاحتراق وإصابته بصعوبة فى التنفس جعلته يشعر بصداع مفاجئ ودوخة، لكن الطبيب طمأنه بأن تلك الأعراض ستزول بعد ساعات قليلة، ونصحه بتناول أحد أنواع المسكنات، إلا أنه بعد أيام بدأ يشعر بملمس الحشو أسفل أسنانه الذى جعله غير قادر على مضغ الطعام جيدًا، وبعد استشارة طبيب آخر أخبره بأن الحشو البلاتينى يحتوى على نسبة كبيرة من عنصر الزئبق السام المهدد للجهاز العصبى والمناعى وأيضا صحة العيون والجلد، وأن البعض قد يستطيع التأقلم معه دون الإصابة بأى آثار خطرة.

لا يُعد الأملجم أو حشوة الأسنان الفضية كما يطلق عليها تقنية جديدة فهى معروفة منذ مئات السنين، إلا أن نسب مكوناتها اختلفت بين الماضى والحاضر فحاليا بات الزئبق يمثل 50% من الحشو ممزوج مع ما يقارب 30% من الفضة بجانب 14% من القصدير ومعادن أخرى كالنحاس تملأ النسب المتبقية من الأسنان أو الضروس المسوسة.

وظهر العديد من الدراسات العلمية التى تبين خطر استخدام هذا الحشو على صحة الحوامل والأطفال لأضراره على صحتهما العامة، ورغم انضمام مصر لاتفاقية «ميناماتا» التى تجرم استخدام الزئبق فى حشوات أسنان الأطفال والحوامل وتدعو للتخلص التدريجى منه، لا تزال بعض العيادات سواء الشهيرة والتى تعمل فى «بير السلم»، كما يُقال، تستخدمه على نطاق واسع بل وتعدد مزاياه المختلفة لزبائنهم من صعوبة كسره ومتانته فضلا عن أمانه، إذ إن 1% فقط من الأشخاص لديهم حساسية الزئبق بحسب إدعاءاتهم.

◄ اقرأ أيضًا | لتخفيف النزيف والألم.. نصائح بعد خلع الضرس 

وهو ما دفع الشبكة العربية للبيئة والتنمية «رائد» أن تطلق دعوة جديدة لوقف استخدام تلك الحشوات على أسنان الأطفال والحوامل، بالإضافة لحماية البيئة من التلوث بالزئبق وذلك بالتعاون مع التحالف العالمى لطب أسنان خال من الزئبق ضمن الحملة التى أطلقتها الشبكة فى مختلف الدول العربية، وجدير بالذكر أنه تم تعديل بنود اتفاقية «ميناماتا» مؤخرًا لينص على منع استخدام الحشوات الزئبقية فى علاج أسنان الأطفال الأقل من 15 عامًا، والنساء الحوامل والمرضعات.

ومع معاناة أحمد صاحب العشر سنوات من وجع أسنانه وتسوسها الدائم سارعت والدته بحجز موعد لدى أحد أطباء الأسنان المشهورين وتمت عملية الحشو الزئبقي.

إلا أنه بعد ثلاثة أشهر لاحظت الأم فقدان شهية طفلها وشحوب لون وجهه فضلا عن الدوخة التى تهاجمه من آن لآخر، وبعد عرضه على طبيب أطفال أكد لها أن تفاعل الزئبق مع لعاب الطعام ونزوله للجهاز الهضمي يسبب مخاطر عدة منها الهزال وفقدان التركيز والصداع المزمن. 

ولا يهتم كثير من أطباء الأسنان بتحذيرات المنظمات العالمية أو حتى العربية من خطورة حشوات الزئبق على الصحة العامة والبيئة فيستخدمونها على نطاق كبير سواء للأطفال أو الكبار، «عماد ـ ن» واحد من هؤلاء الأطباء تقع عيادته فى إحدى القرى النائية بمحافظة الشرقية يستغل جهل زبائنه بتقنيات حشوات التسوس وتلهفهم لعلاجها فى أسرع وقت وبسعر مناسب،يرتدى قناعه الطبى ويبدأ فى عمله بعد تخدير المريض ببنج جزئى، لا يعبأ بأبخرة الزئبق رغم أنها تهدد حياته هو الآخر فما يهمه سوى كسب زبائن جدد وأطفال بأسنان وضروس مسوسة.

يقول عماد: هناك مبالغة من الكثيرين عن أخطار حشوات الزئبق رغم أن الرابطة الأمريكية لطب الأسنان أكدت عدم وجود دليل يثبت علاقة الحشو بالأمراض عند الأشخاص الطبيعيين ـ بحسب قوله.

أما الدكتور ماهر عزيز، استشارى البيئة فيقول: إن الزئبق عنصر شديد السمية وخطر على البيئة فتبخر غازه واحتراقه يؤدى لشيوع ظاهرة الاحتباس الحرارى، فضلا عن تسربه فى الصرف الصحى والبيئة المائية، ما يعرض صحة الحيوانات والنباتات إلى خطر كبير، مشيرًا إلى أن هناك دراسة نشرتها منظمة الصحة العالمية، أكدت أن حشوة واحدة من أملجم الزئبق تطلق 3 إلى 17 ميكروجراما من الزئبق يوميًا وهى نسبة كبيرة.