فنجان قهوة

كما كان يفعل أبى!

يسرى الفخرانى
يسرى الفخرانى

إذا كان ظهرك مُجهدًا من صعوبات الحياة، فافعل كما كان يفعل أبي، يستيقظ ساعة مبكرًا عن ميعاده المعتاد، يحلق ذقنه ويرتدى أحلى ملابسه وأجددها، يُحضر طبق الفول بمزاج وهو يتمتم بآياته التى كان يسميها آيات قلبه، فى الخلفية كان دائمًا شيش موارب على بدايات نهار، وراديو مظبوط على البرنامج العام، يقرأ جورناله (الأخبار) وسبحته الكهرمان بين أصابعه، ويذهب مشيا مبكرا ليبدأ عمله .
وكأن ظهره المُجهد لم يكن .

إن لم تقاوم أحزانك كفارس هُمام واثق من الفوز، ستطحنك الحياة تحت أقدام القهر والهزيمة.

وإن الهزيمة لا تليق بالنبلاء والأقوياء.. لكنه النهار يليق بانتصارات العظماء على أعداءهم وعلى غبار النفوس.

ومن أجل هذا النهار خُلق الأباء فرسانًا وصاغت الأمهات دعواتها الجميلة أن يُسعد الله صباحتنا.

حبوا النهار وانتصروا فيه على كل الأحزان والهموم.

ماذا سنترك لأولادنا ؟ سنترك ذكريات ليست خفيفة، ذكريات نافذة إلى القلب ليس فقط لا تُنسي، إنما إذا مر بجوارها طيف بعيد انتشت مثل عصفور يغنى أجمل الألحان، إذا لم نترك لأولادنا ذكريات تُستدعى من أبسط الأشياء فقد فشلنا، الذاكرة هى الثروة التى تجعل البشرية مقسومة نصفين بين سُعداء وتُعساء، بين بشر لين وبشر حجر .

كل شئ يأتى ويذهب من بين أيدينا، إلا الذكريات المحفورة كنهر دافق دافئ يجرى بين أيامنا .

لولا الذكريات النابضة بالحب التى صنعها أبويا ماكنت أفرد طولى حين تشتد الرياح، تركا لى ذكريات ما إن ائن وأُرهق أتوكأ عليها وأمضى مرحا .

الذكريات ياذكريات

الضحكات التى حفظتها أربع حيطان، فى الأمسيات وفى المناسبات وفى الأعياد وفى النهايات السعيدة، اللمة التى لها رائحة طعام ورائحة فرح ورائحة شتاء.
الروح صنعة الله تجلى فخلق .. ومما خلق أيامًا نملأها بهجة وسعادة وإلا مانُذكر أبدا.