«فورين أفيرز» الأمريكية: الناتو لا يمكنه الصمود بدون الولايات المتحدة

الناتو
الناتو

ذكرت مجلة "فورين أفيرز "الأمريكية أن حلف شمال الأطلسي"ناتو" لا يمكنه البقاء بدون وجود الولايات المتحدة ، وذلك بعد تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب التي أعرب فيها عن رأيه بأن الحلف "عفا عليه الزمن".

وأشارت المجلة على موقعها الإلكتروني اليوم الاثنين إلى أن الحلف احتفل الشهر الماضي بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين لتأسيسه، ويخشى البعض أن تكون هذه هي الذكرى السنوية الأخيرة له، حيث تمثل الولايات المتحدة فيه دور القيادة .

وقالت إن ترامب لا يزال يرى أن التحالف عفا عليه الزمن،وأنه إذا أعيد انتخابه فإنه سيشجع القادة الروس على فعل ما يريدون بالدول الأعضاء التي لا تدفع ما يعتبره كافيا للدفاع المشترك ، مشيرة إلى أنه قد يكون لرئاسة ترامب الثانية عواقب وخيمة على الأمن الأوروبي .

ولفتت المجلة إلى أن المدافعين عن ترامب يزعمون أنه يخادع من أجل الضغط على أوروبا لحملها على إنفاق المزيد على الدفاع ،لكن الذين عملوا بشكل وثيق مع ترامب في حلف شمال الأطلسي خلال فترة ولايته مقتنعون بأنه سينسحب من التحالف إذا أعيد انتخابه .

◄ اقرأ أيضًا | نائب الأمين العام للناتو يوضح موقف الحلف من إرسال القوات إلى أوكرانيا

وأوضحت أن هناك مخاوف داخل الكونجرس بهذا الشأن، ولهذا قام مؤخرا بسن تشريع يمنع الرئيس من الانسحاب من الحلف دون موافقة الكونجرس، إما بأغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ أو بقرار من مجلسي الكونجرس ، مؤكدة أن ترامب يستطيع التحايل على هذا الحظر.

ونوهت المجلة إلى أن ترامب أثار بالفعل الشكوك حول استعداده لاحترام المادة الخامسة من فقرة الدفاع المشترك التي أقرها الناتو ومن خلال حجب التمويل، واستدعاء القوات الأمريكية والقادة الأمريكيين من أوروبا، ومنع اتخاذ قرارات مهمة في مجلس الحلف (أعلى هيئة مداولات في الناتو)، مؤكدة أن ترامب يستطيع إضعاف التحالف بشكل كبير دون تركه رسميا.

وقالت "فورين أفيرز " إنه حتى لو لم يسحب ترامب الدعم الأمريكي بالكامل، فإن موقفه الحالي بشأن الحلف وعدم اهتمامه بدعم أوكرانيا، من شأنه أن يحطم ثقة أوروبا في القيادة الأمريكية وعزمها العسكري.

وأكدت أنه في حال إعادة انتخاب ترامب واتباع نزعته المناهضة للناتو، فإن الضحية الأولى ستكون أوكرانيا،مشيرة إلى أن ترامب قد عارض تقديم مساعدات عسكرية إضافية لكييف، ويستمر في تملق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ويحاول الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرج بالفعل تقديم مساعدات لأوكرانيا من خلال تنسيقها تحت رعاية الحلف بدلا من مجموعة الاتصال الدفاعية الأوكرانية التي تقودها الولايات المتحدة ولكن إذا أضعفت الولايات المتحدة أو أنهت التزامها الدفاعي تجاه أوروبا في عهد ترامب، فسوف تشعر الدول الأوروبية بأنها أكثر عرضة للخطر وقد تصبح مترددة بشكل متزايد في إرسال إمداداتها العسكرية الحيوية إلى أوكرانيا.

وأوضحت المجلة أنه في ظل التخفيضات الكبيرة بالمساعدات، قد تضطر كييف إلى التفاوض على اتفاق غير متناسب مع موسكو من شأنه أن يترك أوكرانيا دولة ضعيفة عسكريا واقتصاديا أمام روسيا ، مؤكد أن ذلك سيكون فقط بداية العواقب الكارثية ، حيث سيكافح الحلف المنكمش من أجل إنشاء رادع تقليدي فعال ضد أي هجوم روسي آخر. 

وأشارت إلى إن روسيا الآن في حالة حرب، حيث تنفق 6% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، وزعيمها ملتزم بمهمة قومية لتعزيز حكمه على ما يسميه "العالم الروسي"، وهو مساحة جغرافية غير محددة تمتد بشكل جيد، وفقا للمجلة الأمريكية.

وأضافت "فورين أفيرز " أنه يمكن لموسكو أن تعيد تشكيل قواتها المسلحة بسرعة نسبية ، وبعد إخضاع أوكرانيا بأكملها، ربما يركز بوتين على دول البلطيق -" أعضاء الناتو "الذين تغطيهم المظلة الأمنية للحلف ولكن بوتين يطالب بها باعتبارها أراضي روسية تاريخية ، وإذا تم إضعاف الردع التقليدي الذي يتمتع به حلف شمال الأطلسي بسبب سحب الدعم الأمريكي، فلن تستسلم روسيا إلا لإجراء التصرف بشكل أكثر جرأة.

وأوضحت المجلة أن دول الناتو تنفق حاليا بشكل جماعي 2% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، ولكن في حالة غياب الدعم الأمريكي فإن الجيوش الأوروبية لا تزال غير مستعدة وغير قادرة على القتال ضد خصم من القوى الكبرى ، مشيرة إلى أن أوروبا لا تزال تعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة في العديد من المجالات المهمة ، وهي تفتقر بمفردها إلى العديد من الأدوات الأساسية اللازمة للدفاع الناجح، بما في ذلك قدرات النقل الجوي، والتزود بالوقود جوا، والدفاع الجوي على ارتفاعات عالية، والأصول الفضائية، والاستخبارات التشغيلية - وكلها يتم توفيرها بشكل أساسي من قبل الولايات المتحدة.

وأكدت أنه بدون المساعدة الأمريكية، فإن الحلف سوف يخسر الكثير من تفوقه العسكري على روسيا ، وتظل صناعة الدفاع في أوروبا مجزأة إلى حد كبير، وقد يستغرق تطوير القدرات الدفاعية اللازمة للتعويض عن خسارة الدعم الأمريكي ما تبقى من هذا العقد.

وأوضحت أنه بدون قيادة الولايات المتحدة في الحلف، سيكون من الصعب الحفاظ على التماسك والوحدة بين الأعضاء ، وكثيرا ما يتطلب الأمر صوتا أمريكيا قويا لدفع الدول الأعضاء المختلفين على التوصل إلى إجماع ، مشيرة إلى أنه منذ تأسيس الناتو، فإن جنرالا أمريكيا يتولى بصفة دائمة قيادة الهيكل القيادي للمنظمة، والإشراف على الأنشطة العسكرية لجميع الدول الأعضاء في الحلف ومن غير الوارد أن تتمكن أية دولة أخرى في الحلف من لعب هذا الدور.

وأشارت إلى أن الناتو قد يتعثر في غياب الولايات المتحدة، ومن المرجح أن ينهار الحلف تماما، لافتة إلى أن الضرر لن يقتصر على أوروبا. 

وتساءلت المجلة إذا كان ترامب يريد الانسحاب من الناتو لمعاقبة الحلفاء بسبب إنفاقهم الدفاعي غير الكافي، فلماذا تحافظ الولايات المتحدة على التزاماتها تجاه حلفائها الآسيويين، الذين ينفق الكثير منهم حاليا أقل حتى من دول الناتو؟ وفي الوقت الحالي، تزداد قوة العلاقات الدفاعية بين الولايات المتحدة وحلفائها في آسيا، مثل أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية، في مواجهة الصين. 

وتابعت أن الافتقار إلى الثقة في التزامات الولايات المتحدة قد يدفع بعض هذه البلدان إلى السعي للحصول على الأسلحة النووية للتعويض عن المزايا النووية التي تتمتع بها الصين وكوريا الشمالية، وهو ما من شأنه أن يقوض الاستقرار الهش الذي ساد المنطقة لعقود من الزمن.

وشددت المجلة أن تراجع القيادة العالمية الأمريكية سيكون له عواقب سلبية عميقة في الشرق الأوسط، حيث هناك حاجة إلى قوات أمريكية وتحالفات تقودها الولايات المتحدة للتعامل مع التهديدات الإرهابية.