كلمة السر

أحمد الجمال يكتب: عبث!

أحمد الجمال
أحمد الجمال

■ بقلم: أحمد الجمال

انزلقت إحدى القنوات الفضائية إلى قاع العبثية حينما استضافت مؤخرًا، شابًا يعمل بائع خضار من الفيوم لم يحقق أى شيء مهم سوى أن الناس تلتقط له مقاطع فيديو وتنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، وللوهلة الأولى وأنت تتابع حماس المذيعة وهى تقدّمه للجمهور تحسب أن الرجل أنجز شيئًا عظيمًا، لكن بعد لحظات تكتشف أن سبب شهرته هو أنه يشبه النساء فى طريقة كلامه وحركاته وإيماءاته وحتى ضحكته التى إن سمعتها من دون أن ترى صاحبها ستظن أنها قهقهة فتاة ليلٍ تجلس على بار فى مشهد سينمائى مبتذل.

فى الحوار الذى أُجرى معه، يزعم الشاب أن هذه طريقته الخاصة، ويُفهم من حديثه أنه لا يدّعى أن لديه ميولًا أنثوية، ولأنك لن تخرج بعد انتهاء اللقاء بأى شيء فستدرك أن القناة استضافته لهدف تجارى بحت هو تحقيق نسبة مشاهدة مرتفعة لا أكثر ولا أقل، فالموضوع لا يحمل أى رسالة مفيدة للمشاهدين.

أصبح الإعلام يلهث وراء العبث الذى تعج به قنوات اليوتيوب ومنصات تيك توك وكواى وإنستجرام، من دون حتى التأنى فى اختيار الموضوعات التى تُطرح على الشاشات ويشاهدها الملايين، ويبدو أن المعيار الوحيد لاختيار الضيف أن يكون مشهورًا حتى لو كان سبب شهرته أنه شبيه فنان معروف، أو موهوب فى هز «كرشه»، أو لديه «شوية طوب وزلط» يزعم أنها من كواكب أخرى!

ينبغى أن تُسأل هذه القنوات عن أثر مثل هذه الاستضافات على معايير الصحافة والمهنية الإعلامية، وأن تكون وسائل الإعلام مسئولة عن المحتوى الذى تنشره وتقدمه للجمهور، وأن تسعى لتقديم محتوى له قيمة تثقيفية أو ترفيهية بأسلوب راقٍ ومحترم بعيدًا عن الابتذال والسطحية والتفاهة والعبث.