كشف حساب

القضاء الدولى .. على المحك!

عاطف زيدان
عاطف زيدان

وصف رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو، بكل بجاحة، ما يتم تداوله من تقارير حول احتمال قيام المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاى بإصدار قرارات اعتقال ضده وضد وزير الدفاع جالانت ورئيس الأركان هاليفى، بسبب ارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية فى قطاع غزة بـ«فضيحة أخلاقية»،  وكأنهم وجيش الاحتلال الغاشم، المدعوم بأشد الأسلحة الأمريكية تدميرا، لم يسووا منازل المدنيين والمستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس بالأرض، ولم يقتلوا ويصيبوا أكثر من ١٢٠ ألف فلسطينى، ولم يمنعوا الماء والكهرباء والاتصالات والوقود والغذاء والدواء عن القطاع، ولم يشردوا الأهالى من المدنيين الأطفال والنساء والشيوخ، دون رحمة، ولم يعتقلوا كل من يجدون فى دور الإيواء التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للاجئين، وقاموا بتجريدهم من ملابسهم وتعذيبهم، وسط صمت المجتمع الدولى، وحماية الفيتو الأمريكى، ولا يعرف أحد مصيرهم حتى الآن، الغريب أن الموقف الأمريكى من احتمال إصدار قرارات الاعتقال لا يختلف عن الموقف الإسرائيلي، ويسير على خطى الفيتو الأعمى الذى تكرر خمس مرات لمنع وقف الحرب الظالمة، حيث صدرت تصريحات أمريكية علنية ضد المحكمة الجنائية الدولية، منها تصريح مايك جونسون رئيس مجلس النواب، الذى اعتبر أن أوامر الاعتقال إن صدرت غير شرعية ولا تستند إلى سند قانوني، وقد تؤدى مستقبلا إلى إصدار قرارات مثيلة بشأن سياسيين وعسكريين أمريكيين، وكأن الأمريكيين على رأسهم ريشة، وفوق القانون! ويبدو للأسف أن هذه هى الحقيقة المُرة، فما تريده أمريكا يتحقق، وما لا تريده لن يرى النور، لكن رغم هذا التهديد والتحذير الأمريكى الإسرائيلى للمحكمة الجنائية الدولية يترقب العالم أجمع ما سوف يصدر عن المحكمة، التى يجد قضاتها أنفسهم فى موقف صعب، إما أن ينطقوا بالحق ضد مرتكبى الإبادة الجماعية فى غزة، وإصدار أوامر باعتقالهم، ليلقوا نفس مصير الرئيس اليوغوسلافى السابق سلوبودان ميلوسيفيتش الذى أدين بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية فى البوسنة والهرسك وكوسوفو، ورادوفان كارادجيتش رئيس جمهورية صرب البوسنة السابق وغيرهما. أو يخضعوا للابتزاز الأمريكى الإسرائيلي، ويغضوا الطرف عن جرائم الحرب والابادة الجماعية البشعة فى قطاع غزة، ويتركوا القتلة طلقاء، وحينها يكون الإعلان رسميا عن سقوط القضاء الدولى، بل إعلان سقوط النظام العالمى الحالى كله!