«ريم نجمي» مؤلفة «العشيق السري للسيدة ميركل» : استمتع بتقمص شخصياتي الروائية

ريم نجمي تجيب عن أسئلة «الأخبار»
ريم نجمي تجيب عن أسئلة «الأخبار»

                    

«دعوني وشأني أنا العشيق السري لأنجلا «ميركل»، كلمات كان يصرخ بها - بأعلى صوته -  شاب حاول الاقتراب والوصول إلى المستشارة الألمانية ميركل خلال جولتها فى معرض سيارات بتاريخ 13 سبتمبر 2019، عندما ألقت القبض عليه الشرطة الألمانية، من هنا كانت البداية التى فتحت الباب على مصراعيه أمام الروائية المغربية «ريم نجمى»، لتنطلق فكرة رواية «العشيق السرى لفراو ميركل»، وهى الرواية الثانية لها بعد «تشريح الرغبة»، و«ريم» شاعرة وإعلامية مغربية، من مواليد الدار البيضاء 1987، وتعمل فى مؤسسة «دويتشة فيلة» الألمانية، وقد قابلت «ريم» فى القاهرة، وأجريت هذا الحوار عن تجربتها الإبداعية وروايتها الأشهر الصادرة عن الدار  المصرية اللبنانية: 

في «تشريح الرغبة» و«العشيق السري لفراو ميركل»، استخدمت أسلوب «تكنيك» الرسائل المكتوبة فى بناء العالم الفنى للرواية، ما سر اختيارك لهذا الأسلوب فى الكتابة ولماذا؟


- هذا الاختيار كان طاغيًا فى رواية «تشريح الرغبة»، وكان جزئيًا فى رواية «العشيق السرى لفراو ميركل»، أعتقد أن الرسائل تمنحنى ككاتبة فرصة تقمص الشخصيات، والكتابة على لسانها بحميمية وأريحية تمنحنى متعة خاصة، فى رواية تشريح الرغبة لم أكن أتخيل أن أحكى قصة «عادل»، و«يوليا» و«جورى» فى قالب روائى آخر، غير كتابة الرسائل، كان لابد لكل شخصية أن تقدم وجهة نظرها فى الحدث نفسه ومن هنا كانت الرسائل هى من منحتنى هذه الإمكانية، ربما لو حكيتها بتقنية الروائى العليم بكل شىء لفقدت الرواية الكثير من نقط القوة، ومنها الإيحاء بصدقية الأحداث، ومنح روح للشخصيات المتخيلة، الرسائل تمنح أيضًا لكل شخصية فرصة أن تعبر عن نفسها بنفسها وكأنى مجرد رسول بين الشخصية، والقارئ، والحقيقة أن الرسائل لم يكن مخططًا لها ضمن رواية «العشيق السرى لفراو ميركل»، كان التركيز على الأصوات المتبادلة لكن وجدتنى أضيف رسالة أو رسالتين ليكتمل المعنى والحدث.

لماذا اخترت «يونس الخطيب» المولود فى ألمانيا لأسرة سورية مسلمة متدينة ليكون بطل الرواية المصاب بـ «هوس العشق» للمستشارة الألمانية ميركل، وهل هى محاولة لطرح سؤال الهوية بين المتخيل، والحلم، والتجاوز، أم انعكاس لصراع حضارى، وإنسانى، وأخلاقى بين الشرق والغرب؟


فى الروايتين «تشريح الرغبة»، و«العشيق السرى لفراو ميركل» تجدنى مشغولة بحدث غيّر ألمانيا، وهو دخول أكثر من مليون لاجئ إلى ألمانيا عام ٢٠١٥، وما طرحه من نقاش فى المجتمع الألمانى، وما خلقه من انقسامات ركب عليها اليمين المتطرف ليزداد قوة، ويدخل البرلمان الألمانى، هذا الحدث الكبير تسرب إلى كتابتى فى النصين، وكان لابد من شخصية سورية نتعرف من خلالها على هذا الحدث، وإذا كانت شخصية «جورى» فى «تشريح الرغبة» تتيح لنا فرصة الاقتراب من حياة اللاجئين السوريين، والهروب من ويلات الحرب، فإن شخصية «يونس الخطيب» تتيح فرصة التعرف على بعض ردود الفعل لدى السوريين، والعرب الذين كانوا مقيمين مسبقًا فى ألمانيا قبل موجة اللجوء، من خلال شخصية «يونس»، أيضًا نتعرف على دور المعارضة السورية فى الخارج خلال الحرب فى سوريا، وأيضاً الجيل القديم من اللاجئين السوريين الذين قدموا فى ثمانينيات القرن الماضى إلى ألمانيا بعد أحداث «حماة»، «يونس» أيضًا هو شاب يعبر عن شباب كثر لديهم مشكلة هوية، ولدوا فى ألمانيا، وعاشوا فى مجتمع لديه قيم معينة، بينما الأسرة لها قيم مغايرة، ومعاكسة لقيم المجتمع، فيصبح الطفل ممزقًا بين هويتين، هنا الرواية لا تنتصر لإحدى الثقافتين ولكن تطرح القضية للنقاش، والتأمل، والتفكير.

كشفت الرواية عن جهد بحثى كبير من خلال السيرة الشخصية لميركل، والمعلومات الدقيقة عن «متلازمة كليرامبو» ووصف سلوكيات دقيقة ليونس المصاب بـ «هوس العشق»، أحك لى كواليس كتابتك لشخصيتى «ميركل» و«يونس»؟ 


- بداية العمل على هذه الرواية يمتد إلى سنوات عديدة ربما تسع سنوات، منذ بداية موجة اللجوء إلى ألمانيا التى تحدثت عنها. الجزء الأكبر أخذه البحث لا الكتابة، فالبحث كان يشبه الاشتغال على عمل أكاديمي، لقد كان ضروريًا العودة إلى أرشيف الصحف، والمجلات الألمانية منذ دخول «ميركل» المشهد العام كوزيرة، وقد يستغرب البعض قولى إن الحوارات التى أجرتها «ميركل» مع المجلات النسائية كانت هى الأفضل بالنسبة إلي، لأنها حملت التفاصيل الشخصية عن «ميركل» الزوجة والمرأة، وعن «روتينها» اليومى، وعن الأكلات التى تحبها، وتطبخها، وعن علاقتها بزوجها، وغيرها من التفاصيل الشخصية، الرواية تطلبت أيضًا البحث فى علم النفس، وخاصة مرض «هوس العشق» أو «متلازمة كليرامبو»، وأعراضها، ورحلة علاجها.

«دعونى وشأنى، أنا العشيق السرى لأنجلا ميركل»، صرخة عالية فى نهاية الرواية، هل تحمل دلالة على النهاية الحتمية لمحاولة الدمج بين الهوية الغربية والعربية، أم ماذا؟


- صرخة النهاية هى بداية لقصة جديدة؛ لمريض نفسى آخر يطارد «ميركل»، الأمر يشبه نهايات أفلام الرعب التى يعتقد فيها البطل أن الشرير أو الوحش قد انتهى، لكنه يعيد تشكيل نفسه فى هيئة أخرى، وربما فى زمن آخر، النهاية هنا تحيل إلى أن المرض النفسى ليس حالة نادرة، وإنما فى ظل التحولات الكبيرة التى يشهدها الإنسان، ربما صار لكل شخص همه ومرضه النفسى الخاص.