«صور المحتوى الرقمي العربي على الإنترنت» بمؤتمر مجمع اللغة العربية

 أرشيفية
أرشيفية

واصل مؤتمر مجمع اللغة العربية بالقاهرة برئاسة أ.د.عبدالوهاب عبدالحافظ (رئيس المجمع) انعقاد جلساته الأربعاء 26 من أبريل 2024م تحت عنوان "اللغة العربية وتحديات العصر: تصورات، واقتراحات، وحلول"؛ حيث ناقش أعضاء المؤتمر في جلسته المغلقة أعمال لجنة أصول اللغة، والمصطلحات المقدمة من لجنة النفط. وفي جلسته العلنية التي رأسها وأدارها أ.د.محمد رجب الوزير (عضو المجمع) ألقى أ.د.عبدالعزيز بن تركي السبيعي (وزير التربية والتعليم الأسبق بدولة قطر، وعضو المجمع المراسل من قطر) بحثًا بعنوان "صور المحتوى الرقمي العربي على الإنترنت" بيَّن فيه أن المحتوى العربي على الإنترنت يتخذ أشكالًا متعددة وصورًا شتى منها: النصوص الموجودة في الكتب الإلكترونية وقواعد البيانات والمواد المترجمة والمواد الإخبارية، والمشاركات على وسائل التواصل الاجتماعي: من تدوينات ومحادثات على منصات التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك - تويتر - إنستجرام... إلخ، والمواد الصوتية المسموعة: على مواقع الصوتيات مثل Sound Cloud أوiTunes، ومواد الفيديو المرئية: على مواقع مثل يوتيوب أو تيك توك، ومواد خدمية وتجارية: مثل مواقع الحكومات الإلكترونية وخدمات البنوك الإلكترونية والمواقع التجارية مثل أمازون، وواقع المحتوى الرقمي العربي على الإنترنت. ويتنوع مضمون المحتوى العربي الرقمي على الإنترنت ما بين المضمون (التراثي، والفني، والمعرفي، والخبري الإعلامي، والمجتمعي)، والدراسات والإحصائيات تشير إلى أن المحتوى العربي الإلكتروني يعاني خللًا كبيرًا مقارنة بالمحتوى الرقمي للغات الأخرى على الشبكة العنكبوتية.

اقرأ أيضًا| رئيس مجمع اللغة العربية يستقبل مديرة القومي للترجمة لبحث المشكلات
وقد بيَّن د.السبيعي أن مركز التراث الحضاري والطبيعي في مصر قد أعلن أن حجم المحتوى العربي على الإنترنت لا يتعدى نسبة 0.5% من المحتوى العالمي للشبكة العالمية، وأن دراسة أعدتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب أسيا على الندرة الشديدة للمحتوى العربي على الإنترنت إذ لا تتعدى نسبته 3% من إجمالي المحتوى العالمي، وأن هذه النسبة الضئيلة من المحتوى الرقمي العربي تتناقض مع حجم الإسهامات التي قدمتها الثقافة والحضارة العربية على امتداد تاريخ الإنسانية، ولا تتوافق مع عدد الناطقين بالعربية في العالم، ممن يزيد عددهم على422 مليون نسمة بنسبة تقدر بحوالي5% من التعداد العالمي للسكان، ولا تعبر عن المنطقة الجغرافية المعروفة باسم الوطن العربي، الناطقة بالعربية أو عن العديد من المناطق الأخرى المجاورة الناطقة بالعربية كالأحواز وتركيا وتشاد ومالي والسنغال وإرتيريا.


وأضاف د.السبيعي أن المشكلة الوحيدة الخاصة بالمحتوى الرقمي العربي ليست في حجمه فحسب، بل هناك قضايا أخرى تتعلق باستخدام اللغة العربية على شبكة الإنترنت، منها: قلة شيوع استخدام اللغة العربية الفصحى، واستخدام اللهجات وكتابة العربية بحروف لاتينية بدلا من الحروف العربية، وقلة انتشار الأدوات والتقنيات اللغوية العربية، مثل محركات البحث الخاصة باللغة العربية.


أما بالنسبة لواقع اللغة العربية على مواقع التواصل الاجتماعي؛ فقد عرض البحث أولًا بعض إحصاءات المحتوى العربي على شبكات التواصل الاجتماعي؛ وهي: 42 % من سكان العالم العربي يتصفحون الإنترنت، و88 % من متصفحي الإنترنت يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي، و73 % هي نسبة استخدام اللغة العربية في تدوينات تويتر، و83 % من مستخدمي الإنترنت يتصفحون شبكات التواصل عن طريق الأجهزة الذكية، و11 % من مستخدمي الإنترنت يتصفحون شبكات التواصل عن طريق الحاسوب المحمول؛ وأن هذه النسبة الكبيرة من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي تؤثر تأثيرا كبيرا في اللغة العربية المستعملة على هذه المنصات، وهو ما يظهر في السمات الخاصة باللغة العربية على هذه المنصات.
وبيَّن د.السبيعي أن من سمات الأداء اللغوي في وسائل التواصل الاجتماعي على الإنترنت: 1) استبدال كتابة الحروف العربية بالحروف اللاتينية فيما يُعرف بظاهرة الفرانكو آراب أو ظاهرة الأرابايز، فيكتبون الهمزة (ء) بما يقابلها في الشكل وهو الرقم 2 ، وهكذا في كتابة (ع) بما يقابلها في الشكل وهو 3 ، وهكذا في مثل (7) فيكتبونها 7 ، وكلمة حوار – على سبيل المثال - تكتب"7war" وغيرها من الاختصارات التي تغلبت على اللغة الأم، 2) استخدامات جديدة لعلامات الترقيم في أداء المعاني مثل !!!!!!!!!! ، ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ 3) الاعتماد على الأشكال الرسومية في أداء المعاني أو ما يعرف بـ smiley face:). 4) الاعتماد على تكرار الحروف في أداء معاني التنغيم أو نبر الكلمات. ومنه: مشكووووووووووووووور. 5) شيوع الأخطاء الإملائية حيث الخلط بين الهاء والتاء المربوطة، وألف المقصور وياء المنقوص. 6) الاعتماد الأشكال العامية اللهجية للكلمات العربية (رجال، ريال/ شيء، إشي). 7) عدم توحيد الكلمات المعربة في الوطن العربي واستخدام الكلمات الأجنبية بدلا منها أحيانًا.


وقد عرض د.السبيعي لبعض مبادرات تطوير المحتوى الرقمي العربي هدفت إلى تطوير هذا المحتوى وتنميته من حيث الحجم والمضمون؛ وذلك بدعم من العديد من الحكومات العربية والمنظمات الدولية والمحلية خلال السنوات العديدة الماضية في عدة عواصم عربية، ومنها: 


مبادرة الملك عبد الله للمحتوى العربي، وقد أُعلن عنها في الندوة الدولية الأولى عن الحاسب واللغة العربية عام 2007، وتشرف عليها مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وهدفت إلى: دعم الجهود المبذولة لإثراء المحتوى العربي وتطويره أدواته للمستخدمين، ووضع المعايير المتعلقة بالمحتوى العربي وأدواته ومؤشرات إثرائه وقياسه.
ومن أبرز مشاريع المبادرة: المدونة اللغوية العربية: وتحوي ما كُتب بالعربية عبر التاريخ وفي مختلف التخصصات-ويكي عربي: مشروع إثراء موسوعة ويكيبيديا العربية- المعجم الحاسوبي التفاعلي: وهو معجم عربي مفتوح المصدر ومتاح للجميع- صدور النسخة الثانية من برنامج الخليل الصرفي- نظام بحث عربي (نبع)- المقوم الآلي للمقالات العربية (عبِّر).


واختتم د.السبيعي بحثه بتقديم بعض الحلول المقترحة لتطوير المحتوى الرقمي العربي وأدواته؛ ومنها: اضطلاع المجامع اللغوية بوضع الخطط الداعمة لصناعة المحتوى العربي وتطويره، وتطوير المجامع اللغوية لسياسات لغوية من أجل إثراء المحتوى العربي، وطرح المجامع اللغوية لمشروعات مبادرات شعبية لتطوير المحتوى العربي على الإنترنت بالتعاون مع منظمات تنمية المجتمع المحلية، وتوسع مراكز الأبحاث والدراسات اللغوية في العالم العربي في بناء المدونات اللغوية بشتى أنواعها وإتاحتها على شبكة الإنترنت، وتشجيع استخدام اللغة العربية السليمة على مواقع الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بالتعاون وسائل الإعلام والمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي.