كيف أدى الصراع الروسي في أوكرانيا إلى تسلح مكثف في أوروبا؟

صورة موضوعية
صورة موضوعية

تشهد أوروبا طفرة جديدة في الإنفاق العسكري، وعلى الرغم من أنها ليست مفاجأة، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو، كيف أدى الصراع الروسي في أوكرانيا إلى تحريك موجة جديدة من التسلح في القارة الأوروبية؟

اقرأ أيضا| باريس تنفي وجود مرتزقة فرنسيين في أوكرانيا.. لكن موسكو تؤكد العكس

باتت أوروبا تنفق بسخاء على التحضيرات العسكرية، مدفوعةً بالحروب والتوترات الدولية، بهدف تعزيز دفاعاتها ضد التهديدات المتزايدة، حيث تجاوز الإنفاق مستويات نهاية الحرب الباردة، وفقًا لبيانات جديدة من معهد "ستوكهولم" الدولي للأبحاث.

حيث ارتفعت نسبة زيادة الانفاق العسكري في أوروبا بنسبة 16٪ خلال العامين الماضيين، ووصل في عام 2023 إلى 552 مليار يورو.

مقارنة الإنفاق العسكري في أوروبا عبر العقود

ومقارنة بعام 2014، فإن زيادة الإنفاق العسكري في أوروبا كانت ملحوظة، حيث لم يتجاوز الإنفاق العسكري حاجز 330 مليار يورو، مما يمثل زيادة بنسبة 62٪.

وتأتي بولندا في مقدمة الدول الأوروبية، حيث ضاعفت ميزانيتها العسكرية أكثر من الضعف منذ عام 2014.

وفي الوقت الحالي، اهتمت العديد من الدول الأوروبية الأعضاء في حلف شمال الأطلسي "الناتو" بزيادة نفقاتها العسكرية، باستثناء 3 دول هي اليونان وإيطاليا ورومانيا.

وكانت هذه الزيادة غير المسبوقة جاءت متوقعة، خاصة بعد ضم روسيا جزيرة القرم وإعلانها حربًا ضد أوكرانيا، فيما لا تقتصر أهمية هذه الزيادة على أوروبا وحدها، بل يظل العالم بأسره مشغولا بتعزيز قوته وتعزيز الاستعدادات العسكرية، وفقًا لما أفادت به شبكة "العربية" الإخبارية.

وعلى صعيد متصل، ركز الاتحاد الأوروبي بشكل متزايد على مسألة مشروعات التسليح والصناعات الدفاعية، نتيجة استمرار الحرب الروسية الأوكرانية المندلعة منذ أكثر من عامين.

وفي هذا السياق، فرضت دول الاتحاد الأوروبي على نفسها هدفا طموحا بإنتاج مليون قذيفة مدفعية سنويا بحلول مارس 2024، وتسعى إلى زيادة إنتاجها المحلي من الذخيرة والأسلحة الأخرى، لتعويض ما تم توفيره حتى الآن لأوكرانيا.

فيما حذر رئيس شركة الأسلحة الألمانية، أرمين بابرجر، من نقص الترسانات في أوروبا، مشيرًا إلى أنه قد يستغرق 10 سنوات للتعافي الكامل وتجهيز أوروبا للدفاع عن نفسها.

وشدد بابرجر، على أهمية زيادة الإنتاج المحلي للذخيرة والأسلحة في ظل استمرار الحروب والتوترات الدولية، وأكد أن هناك حاجة ملحة لإنتاج 1.5 مليون خرطوشة سنويًا في أوروبا، خاصة بعد إرسال جزء كبير من الاحتياطي إلى أوكرانيا.

أسباب افتقار بعض الدول الأوروبية للإنتاج العسكري

وسلطت صحيفة "انفوباي" الأرجنتينية، الضوء على حالة الجيوش الأوروبية، حيث أشارت إلى نقص القدرات العسكرية في بريطانيا، حيث يفتقر الجيش البريطاني إلى الدبابات القتالية والمدفعية بشكل كبير، واعتبرت الخزانة العسكرية "فارغة تمامًا"، مما دفعها إلى التفكير في الحصول على أسلحة من المتاحف لتحديثها وتقديمها لأوكرانيا. 

وفي الوقت نفسه، تواجه فرنسا تحديات مماثلة فيما يتعلق بالمدفعية، بينما لا تمتلك الدنمارك العديد من الأجهزة العسكرية، وتفتقر ألمانيا إلى الذخيرة الكافية لمواجهة معركة عسكرية لأكثر من يومين.

وأوضحت الصحيفة الأرجنتينية، أن جزءًا كبيرًا من أوروبا فقد قدرتها على صناعة الأسلحة خلال سنوات من تخفيضات الميزانية، وأن هذا التحول يأتي في وقت تواجه فيه معظم الحكومات قيودًا على الميزانية، بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي وزيادة الشيخوخة السكانية، بالإضافة إلى المعارضة السياسية الكبيرة لتقليص الإنتاج العسكري.

وأكد وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس، على ضرورة استعداد أوروبا لمواجهة التهديدات العسكرية الجديدة، وأشار إلى أن الدول الأوروبية لديها ما بين 5 إلى 8 سنوات لتعزيز قدراتها الدفاعية.

وقال بيستوريوس: "إننا لدينا 5 - 8 سنوات لتعويض المفقود في مجالات القوات المسلحة والصناعة والمجتمع"، مشيرًا إلى أن أوروبا قد تواجه تحديات عسكرية جديدة بحلول نهاية هذا العقد، نظرًا لتحول تركيز الولايات المتحدة إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وأشار وزير الدفاع الألماني، إلى ضرورة تعزيز التعاون الدفاعي بين دول مثلث فايمار وهم ألمانيا وبولندا وفرنسا، مع تشكيل حكومة بولندية جديدة، معربًا عن رغبته في زيارة بولندا العام المقبل.