«تحرير وتطهير».. ملاحم بطولية على أرض الفيروز

القوات المسلحة تبنى وتعمّر وتحمل السلاح.. وجماعة الإخوان حاولت خلق بؤرة إرهابية جديدة فى سيناء

القوات المسلحة تبنى وتعمّر وتحمل السلاح
القوات المسلحة تبنى وتعمّر وتحمل السلاح

تحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلى وتطهيرها من جماعات الظلام، يعدان أبرز التحديات التى واجهت مصر فى التاريخ الحديث، حيث شكلت سيناء وما زالت تشكل جزءًا أساسيًا من السيادة الوطنية لمصر، فى عام 1982، تحققت أمنية المصريين بتحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلى بعد عقودٍ من الصراع والتوتر، وكانت حرب أكتوبر 1973 المحورية هى نقطة التحول فى هذا السياق، حيث أظهرت القوات المصرية أنها قادرة على تحقيق انتصاراتٍ وأنها لا تزال قادرة على الدفاع عن أرضها وسيادتها.


وعقب ثورة الشعب المصرى على حكم الجماعة الإرهابية فى 30 يونيو، شهدت سيناء تحدياتٍ أمنية جديدة بسبب نشاط الجماعات التكفيرية فى أرض الفيروز، التى حاولت اتخاذها معقلاً لأنشطتها، وقد واجهت الدولة المصرية تحدياتٍ كبيرة فى مواجهة هذا النشاط الإرهابى، وقد اتخذت سلسلة من الإجراءات الأمنية والعسكرية لمواجهته، وبدأت القوات المسلحة والشرطة بتنفيذ عملياتٍ عسكرية شاملة فى سيناء، تستهدف البؤر الإرهابية وتجفيف منابع تمويلها وقطع خطوط امدادها، وبالإضافة إلى الجهود الأمنية، عملت الحكومة المصرية على تنمية المنطقة اقتصاديًا واجتماعيًا، وذلك من خلال تنفيذ مشروعاتٍ تنموية عملاقة، مما يعنى أن الدولة عملت على مكافحة الإرهاب من خلال المحور الأمنى وكذا محور التنمية.. وبمناسبة ذكرى تحرير سيناء، الغالية على قلب كل مصري.. جريدة «الأخبار» ترصد فى السطور التالية معركة مصر فى مكافحة الإرهاب وكيف حاولت جماعات الظلام تحويلها إلى بؤرة إرهابية.


ولاية للإرهاب
وعقب تولى جماعة الإخوان الإرهابية مقاليد الحكم فى البلاد فى الثلاثين من يونيو عام 2012، وتولى حينها المعزول الراحل محمد مرسى رئاسة الجمهورية، عملت جماعة الإخوان وأعوانها خلال عام حكم المعزول على نشر التنظيمات الإرهابية فى شتى ربوع مصر لتأمين نظام حكم المرشد، وبالأخص فى سيناء نظرًا لأهميتها، حيث تُعد سيناء البوابة الشرقية لمصر، وحصن الدفاع الأول عن أمن مصر وترابها الوطنى، وتتميز سيناء بمكانتها الجغرافية وتاريخها الواسع، وينظر إليها العدو بنظرة «المفترس»، حيث إنها المفتاح لموقع مصر العبقرى فى قلب العالم بقارته وحضارته، وهى محور الاتصال بين آسيا وأفريقيا بين الشرق والغرب، وأصدر مرسى عدة قرارات جمهورية بالعفو عن قادة التنظيمات التكفيرية وخروج مئات الإرهابيين من السجون ليلحقوا بزملائهم الذين تسللوا خلال حالة الفوضى فى 2011 إلى قلب سيناء، ليبدأوا فى خلق بؤرة إرهابية جديدة، ويحاولون بذلك فصل سيناء عن الوطن وإنشاء ولاية للإرهاب فى مصر مقرها سيناء.


ثورة الشعب
وفى أعقاب ثورة 30 يونيو وخروج عشرات الملايين من المصريين، وظهور التحديات التى تواجه الدولة المصرية، ومن ضمن هذه التحديات: تحديات الإرهاب خاصة فى سيناء، وترابطها مع الأحداث والصراعات الموجودة بمنطقة الشرق الأوسط، وضعت القيادة العامة للقوات المسلحة بعد انتصار إرادة الشعب فى 30 يونيو خطة من أجل القضاء على ظاهرة الإرهاب على مختلف الاتجاهات الاستراتيجية، ومنها: سيناء، وثار الإخوان ثورة عارمة من أجل إرهاب المصريين ولا ننسى ما قاله القيادى الإخوانى المحبوس حاليًا محمد البلتاجى فى 8 يوليو 2013 من على منصة اعتصام رابعة العدوية، حينما قال: «ما يحدث فى سيناء، سوف يتوقف عند اللحظة التى يتراجع فيها السيسى عما فعله»، كل ذلك يكشف حجم التحدى الذى كان أمام الدولة المصرية. 


تطهير سيناء
وبدأت المواجهة بين القوات المسلحة والتنظيمات الإرهابية التابعة لجماعة الإخوان، لتطهير البؤر الإجرامية فى سيناء، من تلك العناصر، ووضعت القيادة السياسية برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسى، والقيادة العامة للقوات المسلحة فى تخطيطها لمكافحة الإرهاب، العديد من الاعتبارات، منها: تنفيذ المهمة بالتوازى مع إعادة الحياة لطبيعتها، خاصة القرى المتاخمة لمناطق العمليات بوسط وشمال سيناء، وذلك بالتوازى مع منع قيام العناصر الإرهابية من تعطيل المشروعات التنموية فى سيناء. 
وفى هذا التوقيت.. أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى، عزم مصر على استمرار المعركة حتى اقتلاع جذور الإرهاب، موضحاً: أن الإرهاب تسبب فى أضرار فادحة للأمة العربية خلال السنوات الماضية سواء على صعيد خسارة الأرواح التى لا تُقدر بثمن أو الدمار المادى والاقتصادى، واعتبر أن مواجهة الإرهاب بحسم وقوة باتت واجبة على المستويات كافة ومن خلال إستراتيجية شاملة تراعى جميع أبعاد هذه الظاهرة.


وقامت القوات المسلحة بتنفیذ عدة عمليات عسكریة ضخمة فى سیناء، للقضاء على العناصر الإرهابیة التى تم زرعها هناك وتضییق الخناق علیها تماماً، وتدمیر مصادر تهریب السلاح عبر الأنفاق التى كانت الأخطر بجانب تأمین الحدود تماماً والسیطرة الكاملة علیها، لعل أبرزها: العملية «نسر» التى كانت فى أعقاب حالة الفوضى فى 2011، تلاها العديد من العمليات الناجحة منها: العملية «سيناء» فى 2012، والعملية «عاصفة الصحراء» فى 2013، تلاها عملية «حق الشهيد» فى 2016، ووصولا إلى «العملية الشاملة» التى بدأت فى 9 فبراير 2018 فى شمال ووسط سيناء، ومناطق أخرى بدلتا مصر والظهير الصحراوى غرب وادى النيل بهدف إحكام السيطرة على المنافذ الخارجية وتجفيف منابع الإرهاب وقطع الإمدادات.. وقد أحبطت القوات المسلحة إبان تلك الفترة أيضًا عملیات تهریب للأسلحة عبر الحدود الغربیة بإحكام السیطرة علیها ومنع تسلل الجماعات الإرهابیة، بالإضافة إلى عملیات السیطرة على كامل الحدود والسواحل المصریة.. الأمر الذى أربك حسابات الغرب وأفشل جمیع مخططاتهم، ونجحت القوات فى تدمير مراكز إعلامية وإرسالية وميادين للتدريب، خاصة بالعناصر التكفيرية والإرهابية فى وسط وشمال سيناء، حيث كانت تستخدم العناصر الإرهابية تلك المراكز فى عمليات تلقى وإعطاء الأوامر أو التواصل مع العناصر الداعمة لها من خارج سيناء، كما تم رصد العديد من التهديدات الخارجية ومحاولات التواصل مع العناصر الإرهابية بالمشرق العربى مع نظائرها فى شبه جزيرة سيناء، كل ذلك تم تدميره بفضل جهود قوات إنفاذ القانون من القوات المسلحة والشرطة، وقدمت القوات المسلحة والشرطة المدنية خلال فترة المواجهات آلاف الشهداء والمصابين من أجل استقرار الوطن.


إشادة عالمية
وقد أشادت الأمم المتحدة عبر تقريرها رقم 14 والذى تقدمت به إلى مجلس الأمن الدولى خلال النصف الثانى من عام 2021؛ بجهود مصر فى مجابهة ومكافحة الإرهاب، والتقرير الذى تقدمت به الأمم المتحدة لمجلس الأمن بشأن التهديد الذى يشكله تنظيم داعش الإرهابى على السلم والأمن الدوليين.
وقد تضمن تقرير الأمم المتحدة: جهود الدولة المصرية والقوات المسلحة فى مجابهة الإرهاب؛ والذى أشاد بجهود مصر فى مجابهة ومكافحة الإرهاب؛ بالتوازى مع تحقيق التنمية فى سيناء، وأوضحت الأمم المتحدة فى تقريرها: أنه فى مصر؛ حدث انخفاض فى نشاط تنظيم أنصار بيت المقدس؛ وهذا التنظيم جماعة محلية منتسبة إلى تنظيم داعش تظهر بكثرة فى دعايته، وأشارت الأمم المتحدة فى تقريرها إلى أنه منذ عام ٢٠١٩؛ لم يُنسب أى هجوم إرهابى إلى تنظيم داعش أو تنظيم القاعدة فى مصر؛ كما أنهما لم يعلنا مسئوليتهما عن أى هجوم.


وكشفت الأمم المتحدة فى تقريرها عن أنه يرجع الفضل فى ذلك إلى عمليات مكافحة الإرهاب وإلى مبادرة لدعم انشقاق قادة تنظيم أنصار بيت المقدس؛ فقد أضعف بذلك الروح المعنوية وعزز الانطباع بأن الجماعة آخذة فى الانحسار، ونوهت الأمم المتحدة إلى أن الاستثمارات العامة فى مجالات البنية التحتية والنقل والإسكان فى سيناء زادت من جهة أخرى.