بـ ..حرية !

الإلهام والإنذار

محمد عبد الحافظ
محمد عبد الحافظ

من أحب الأعياد إلى قلبى عيد تحرير سيناء، عندما طردنا آخر عسكرى إسرائيلى من سيناء الحبيبة وطهرنا رمالها من دنس المحتل. وسيظل ٢٥ أبريل عالقا فى أذهان المصريين إلى أبد الآبدين، لأنه كان استكمالاً لنصر أكتوبر المجيد، الذى لقن فيه الجيش المصرى العدو الصهيونى درساً لن ينساه، وقطع فيه زراعه الطولي، واسترد فيه كرامته قبل أن يسترد أرضه، وأخذ بثأر الشهداء الأبرار الذين خضبت دماؤهم رمال سيناء.

ثلاث معارك خضناها ببسالة لنسترد فيها ما سلبته منا قوات الاحتلال فى ١٩٦٧، لتصبح مصر الدولة الوحيدة التى أخذت ما لها، ولقنت العدو ما عليه.. كانت المعركة الأولى عسكرية، وعبرنا فيها القناة، وانتصرنا بشرف، ولقنا العدو درساً مازال يتجرع فيه مرارة الهزيمة حتى الآن، رغم مرور خمسين عاماً، ولأن إسرائيل عرفت قدرنا، فقد خضعت فى المعركة الثانية، وهى معركة التفاوض والتى أثمرت اتفاقية السلام، الذى طردنا بموجبها آخر عسكرى إسرائيلى من سيناء، وصار عيداً نحتفل به كل عام، وإسرائيل كانت وماتزال عدواً غير شريف، فقد حاولت التملص من تعهدها، فقالت إن طابا ليست مصرية، فكانت المعركة الثالثة القضائية، حيث لجأت مصر إلى التحكيم الدولى وجرت إسرائيل إليها، وعزفت مصر ملحمة قانونية كان أبطالها أساطين القانون الدولى المصريون، وانتصرنا، وأتذكر أن العملاق الراحل مصطفى أمين هو من كتب مانشيت «الأخبار»، وكان: مبروك طابا لمصر.

كان النصر حليفنا فى المعارك العسكرية والتفاوضية والقضائية.. وكان عدونا ليس سهلاً ولا شريفاً، وتسانده -إلى الآن- كل دول العالم، لكن لم يثنينا ذلك عن استرداد حقنا.

سيناء ليست جزءاً من الجغرافيا، ولكنها مكان انطلق منه التاريخ أيضاً، وعلى جبل الطور تجلى رب العالمين، ولها مكانتها فى قلب كل مصري.
وستظل ملحمة تحرير سيناء، وملحمة تعميرها، منارة وإلهاماً لكل الشعوب الحرة فى العالم، ورمزاً باقياً يؤكد عظمة المصريين وقدرتهم على تحدى التحدي، وإنذاراً لكل من تسول له نفسه الاقتراب أو المساس بحبة رمل أو قطرة مياه، أو ذرة هواء مصرية.