قلم حر

حوار الثعلب والصقر ونموذج فن الإدارة !!

ياسر عبد العزيز
ياسر عبد العزيز

سحقًا لتلك العواطف الثائرة، تتعب صاحبها أيما تعب، تضنيه وتؤلمه وتؤرقه؛ فإذا غضب، احتد وأزبد، وأرعد وتوعد، وثارت مكامن نفسه، والتهبت حشاشته؛ فيتجاوز العدل؛ وإذا فرح طرب وطاش، ونسى نفسه فى غمرة السرور، وتعدى قدره !!
وفى لحظات الهجر والجحود ونكران الجميل، يزداد ارتفاع منسوب الجين العدائى فى الدم؛ فإذا هجر أحدًا ذمه، ونسى محاسنه، وطمس فضائله؛ وإذا أحب آخر خلع عليه أوسمة التبجيل، وأوصله إلى ذروة الكمال !
أصحاب العواطف الثائرة سلبًا أو إيجابًا يدفعون الثمن غاليًا؛ ولذلك فإن أفضل شئ هو الاعتدال، من ملك عاطفته وحكم عقله ووزن الأشياء وجعل لكل شئ قدرًا، أبصر الحق وعرف الرشد ووقع على الحقيقة وعاش حياة ناجحة !
وفى حوار حسين لبيب «ثعلب الإدارة» فى قلعة الزمالك مع أحمد حسن «الصقر» الذى يُحلِّق فى فضاء الفضائيات ويحدث دويًا إيجابيًا بتقديمه مادة إعلامية دسمة وهادفة بحكم علاقات تربطه بالنجوم أو لثقة وجدها الكبار فى أمانته المهنية، كان «اللبيب» حسين معتدلًا وأمينًا وصريحًا فى الحديث عن فترة هى الأصعب فى تاريخ الزمالك الذى يشغل بال قطاع كبير يمثل القطب الآخر للكرة المصرية.


لبيب كشف بجرأة عن وصول حد إنفاق مجلسه على الزمالك منذ قدومه لنحو نصف مليار جنيه على أمور وملفات وقضايا لم يتسبب فيها مجلسه، منها ثلاثة ملايين دولار ضريبة فك القيد عن فريق الكرة وديون أخرى كانت متعلقة وواجبة الاستحقاق من أجل تحرير النادى من دوامات اليأس التى ظلت تحاصره فترات زمنية بعيدة.


ولم يتجمل لبيب وهو يفجر عن مفاجأة كارثية تنتظر البيت الأبيض وتحتاج لنحو نصف مليار جنيه جديدة لتداركها، تتمثل فى احتمالية إيقاف قيد الزمالك مجددًا على خلفية قضية اللاعب خالد بوطيب الحاصل على حكم بأحقيته فى قيمة عقده كاملًا مع الزمالك ويُقدر بنحو 2.4 مليون يورو، وأن مجلسه برىء من هذه الصفقة التى أبرمها النادى فى فترات سابقة.
حوار لبيب المعتدل والجرئ تضمن تأكيده على عدم المساس بعلاقة الود المتبادل مع الأهلى وكل الأندية فى إطار المنافسة الشريفة التى تُعظِّم من قيمة الانتماء عندما يقوم على الأخلاق والروح الرياضية الطيبة.


وكان لبيب منصفًا وناكرًا لذاته وإنجازاته ووفيًا لرموز وقيادات الزمالك السابقين الذين مزقتهم سنوات الهجر السابقة وأعادتهم سنوات الحنين الحالية كى يلتفوا مجددًا حوله ويعطوا للنادى دون مقابل؛ وذلك عندما أشاد بالدور الفعَّال والمحورى الذى يقوم به ممدوح عباس فى الدعم المالى والمعنوى الذى يقدمه للنادى فى سرية تامة، مشددًا على أنه رجل يعشق الزمالك بجد ويدعمه فى صمت.


حوار الثعلب لبيب مع الصقر حسن كان كاشفًا لنموذج رائع فى فن الإدارة وكيفية التعامل مع الأزمات بالأندية الكبيرة بوعى واحترافية وانتماء واعتدال، ما أحوجنا لمثل هذه النماذج فى عبور الصعاب وتجاوز التحديات.