صباح الفن

«مليحة».. نهاية بلا نهاية

انتصار دردير
انتصار دردير

 بينما يدوى صوت الرصاص ويسقط آلاف الشهداء والجرحى ويطل الفزع من الوجوه البريئة،  ينساب فى الخلفية صوت طفلة فى شجن وعذوبة بكلمات ينفطر لها القلب وهى تردد، كنت هنا، كنت أنا، كانت الدنيا لنا فى ربيع عمرنا، الشوارع ملكنا والسلام يعمنا بالصفاء والهنا.

 هكذا جاءت نهاية مسلسل «مليحة» بلا نهاية، لتعكس واقعًا يعيشه الفلسطينيون، متتبعة عبر مشاهد توثيقية عديدة الحرب التى شنتها إسرائيل على غزة منذ 7 أكتوبر الماضى ولا تزال،  بينما تتوالى على الشاشة أرقام مفزعة عن أعداد الشهداء من الأطفال والنساء والرجال، وأعداد المشردين والنازحين، والبنايات التى  تهدمت من البيوت والمستشفيات والمدارس، والأطفال الذين فقدوا أبويهم أو أحدهما، وعن  الحرب التى تتواصل بعد أكثر  من 6 شهور.

التوثيق شكل جزءا مهما  من بنية المسلسل قبل بداية تتر المقدمة للحلقات العشر الأولى، كان عملا فارقا، فلم يعتمد على سرد مجرد للمراحل التاريخية التى شهدتها القضية الفلسطينية، ما قبل «وعد بلفور» وحتى وقتنا الحالى، بل قدم المخرج عمرو عرفة ذلك فى إطار درامى أكسبه نوعا من التشويق كحوار بين الجد وحفيده الذى يحاول أن يفهم كيف ولماذا حدث هذا التشريد للشعب الفلسطينى، بينما الجد بصوت مؤثر للفنان سامى مغاورى يشرح ويحلل ما استعصى على فهم الصغير وفهمنا أيضا، ويستعين المخرج بالصور واللقطات التسجيلية، هذا التوثيق كان مهمًا وضروريًا لكى تفهم أجيال عديدة كيف صارت القضية حتى وصلنا لحرب الإبادة التى يقف العالم أمامها مكتوفا عن حماية شعبها.

جاء مسلسل مليحة كاختيار شديد الذكاء للشركة المتحدة فى توقيت فارق ليثير جدلا كبيرا ويؤكد التأثير الطاغى الذى تحدثه الدراما المصرية إذا ما تهيأت لها الظروف الملائمة، فقد أحدث العمل ردود أفعال واسعة فى الوطن العربى وفى الصحافة الإسرائيلية التى لجأت للتشكيك كالعادة فى كل ما يكشف عن مواقفها.
حقق المسلسل نجاحا باختيارات واعية من عمرو عرفة لفريق العمل، دياب فى شخصية الضابط المصري، وميرفت أمين التى نفتقدها حين تغيب عن الشاشة، والممثلين الفلسطينيين الذين أضافوا كثيرا للعمل، تستحق الشركة المتحدة التحية والتقدير على ما قدمته من أعمال درامية خلال شهر رمضان- بدت مختلفة كمًا وكيفًا.