نحتاج تصنيع مستلزمات الإنتاج محليا.. لتقليل الفاتورة الاستيرادية

خطوات على طريق مضاعفة الصادرات| استراتيجية جديدة لزيادتها إلى 145 مليار دولار في 2030

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

■ كتب: ضياء عبد الحميد

تُعد الصادرات المصرية، أحد أهم الركائز الأساسية التى يستند عليها انطلاق الاقتصاد المصري نحو توفير مصادر النقد الأجنبى، حيث يتم تمويل احتياجات الإنتاج بالدولة وخدمة المديونية الخارجية، وسداد فاتورة الواردات من السلع الضرورية ومستلزمات الإنتاج من هذه الحصيلة، وقد عملت الحكومة خلال السنوات الماضية على تعزيز قدرة الصادرات المصرية فى الخارج فى محاولة لتضييق عجز الميزان التجارى، وإحلال بعض الواردات، وتعزيز الدور الذى تلعبه عدة قطاعات اقتصادية فى دعم صادرات البلاد.

وتُخطط الحكومة لزيادة الصادرات المصرية لتصل لـ 100 مليار دولار سنويًا مع التركيز على تسعة قطاعات من بينها المنسوجات والمواد الغذائية والكيماويات والأدوية والمعادن، وبلغة الأرقام حققت الصادرات المصرية غير البترولية نموًا 10%، حيث بلغت قيمة الصادرات 35.6 مليار دولار مقارنة بـ32.3 مليار دولار خلال العام السابق، وفقًا" للبيانات الصادرة عن مجلس الوزراء والهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، وجاءت الزيادة بفضل النمو فى صادرات قطاع الصناعات الكيماوية ومواد البناء، والصناعات النسيجية، كما حققت الصادرات البترولية أيضًا نموًا بصادراتها لم ستوى قياسى بلغ 18.2 مليار دولار.

◄ اقرأ أيضًا | 9.6 مليار دولار صادرات سلعية| سمير: تركيا والسعودية والإمارات وإيطاليا أهم الأسواق

◄ مواجهة التحديات
الاضطرابات بمنطقة الشرق الأوسط، والأحداث العالمية المُتلاحقة، والتحديات والتهديدات التى تعوق حركة السفن، باتت بمثابة تحديات جديدة أمام الدولة المصرية لتحقيق هدفها بزيادة الصادرات، وهو ما استدعى مجلس الوزراء لوضع استراتيجية جديدة للنهوض بالصادرات المصرية خلال الفترة من 2024 لـ2030، وضعت من خلالها الحكومة هدفا استراتيجيًا برفع معدل نمو الصادرات سنويًا بنسبة 20% لتصل لـ145 مليار دولار بحلول 2030، حيث تسعى الدولة للنهوض بجميع القطاعات، ووضع خطة لكل قطاع على حدة للدفع بعجلة التنمية الاقتصادية، ومن بينها قطاع الصناعة، ورفع مُساهمة قطاع الصناعات التحويلية لـ20% من إجمالى الناتج المحلى، لتصل قيمة الناتج المحلى لقطاع الصناعات التحويلية لـ2.7 تريليون جنيه بحلول 2030، ونمو القطاع سنويًا بنسبة 20% حتى 2030، مع زيادة عدد المجمعات الصناعية من 117 لـ320 مُجمعًا فى 2030، وتعميق وتوطين الصناعة المحلية بهدف رفع نسبة المُكون المحلى فى الصناعة لـ60% فى المتوسط ليتراوح بين 60 لـ80% بحلول 2030.

كما تستهدف الحكومة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لصناعة السيارات لتحويل مصر لمركز استراتيجى فى صناعة السيارات بمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، يوفر 4 مليارات دولار سنويًا، وتأسيس المجلس الأعلى لصناعة السيارات، وتصنيع ما يتراوح بين 400 إلى 500 ألف سيارة سنويًا بالتركيز على السيارات الكهربائية، علاوة على التوسع فى تصنيع وسائل النقل، وتصدير ربع هذه الكمية إلى الخارج بحلول 2030، والتوسع فى تأسيس المصانع العاملة فى صناعة الإلكترونيات وتحقيق نمو فى سوق صادرات صناعة الإلكترونيات فى مصر بنسبة 20% سنويًا، وصقل كفاءات الكوادر الشابة لتوفير آلاف المُتخصصين فى مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، ودخول سوق تصميم الإلكترونيات والبرمجيات وأشباه الموصلات بما يسهم فى توفير مليون فرصة عمل فى هذا القطاع، وتفعيل خطة النهوض بصادرات صناعة الدواء لـ5 مليارات دولار فى 2030، وتصنيف مصر من أفضل 30 دولة فى مؤشر الأداء الصناعى الأخضر والأولى إفريقيا بحلول 2030 مع إطلاق استراتيجية طموحة لتسريع وتيرة تحول الاقتصاد المصرى نحو تقنيات الثورة الصناعية الرابعة وما بعدها، وتحويل 500 شركة لشركات رائدة فى استخدام تقنيات الثورة الصناعية الرابعة.

◄ أولوية حكومية
الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، يؤكد أن ملف التصدير يتصدر أجندة الأولويات خلال المرحلة المُقبلة، وأن الحكومة تعمل عليه بشكل مُكثف، فى إطار جهود الدولة نحو مُضاعفة حجم الصادرات المصرية، وفتح أسواق جديدة أمامها، كما أن هناك توجيهات بتوسيع أُطر التعاون مع الأشقاء فى القارة الإفريقية، وسيتم الاستعانة بمجموعة من رجال الأعمال والمُستثمرين الذين حققوا نجاحات فى ملف التصدير لدول القارة، وذلك من أجل المساعدة فى وضع خطة عمل لزيادة الصادرات لإفريقيا بوجه خاص ولمختلف دول العالم عومًا، والاستفادة من الأصول التى تمتلكها الدولة فى عدد من الدول الإفريقية وبالتعاون مع القطاع الخاص سواء بإقامة مخازن أو مراكز لوجيستية وغيرها.

ويشير المُهندس شريف الصياد، رئيس المجلس التصديرى للصناعات الهندسية، إلى أنه مع نهاية العام الماضى 2023 تم تحقيق زيادة فى الصادرات بنسبة 10%، ولأول مرة تخطينا حاجز الـ4 مليارات دولار، وهى علامة توضح أن قطاع الصناعات الهندسية قادر على قيادة قاطرة الصادرات بالكامل، خاصة أنه لدينا تنوع فى كافة الصناعات بداية من الأجهزة الكهربائية والكابلات والآلات والمعدات، ونمتلك من الزيادة ما يجعلنا نضاعف حجم الصادرات، فى حالة حل بعض التحديات التى تواجهنا وأبرزها عدم توافر العملة الأجنبية، حيث إن المشكلة الكبرى لقطاع الصناعات الهندسية تكمن فى أنه يستورد الكثير من الخامات ومدخلات الإنتاج التى تصل لـ50%، والتحدى الثانى هو عدم انتظام برنامج رد أعباء الصادرات رغم أن هذا البرنامج له قدر كبير من الأهمية لرد أعباء الصادرات أو مستحقات المصدرين فى فترة لا تزيد على ثلاثة أشهر من تاريخ التصدير، لافتًا إلى أن الظروف الخارجية مثل الشحن فى البحر الأحمر بالإضافة إلى ظروف المنطقة أثرت على حجم التبادل التجارى وصعوبة الشحن للدول المجاورة.

◄ الصناعات الهندسية
يضيف أنه رغم المعوقات إلا أن قطاع الصناعات الهندسية حقق طفرة الـ10% زيادة بالصادرات، وهذا يعنى أن الشركات التى لم تفكر فى التصدير من قبل بدأت تتجه للتصدير بهدف توفير العملة الأجنبية كما أن الشركات التى كانت تصدر20% من منتجها بدأت تصدر بشكل أكبر، والأهم أن سياسة التصدير تدخل ضمن سياسة الشركة وأن تكون سياسة أساسية لديهم بأن جزءا من إنتاجها يتم توجيهه للتصدير، وهذا هو أكبر مكسب حصلنا عليه فى 2023.

ويقول الصياد، إن من الخطوات الهامة خلال المرحلة المقبلة لزيادة صادرات قطاع الصناعات الهندسية، هو وجود برنامج لتعميق التصنيع المحلى، إضافة لجذب الاستثمارات التى تنتج الخامات ومستلزمات الإنتاج فى مصر بدلا من استيراد الخامات من الخارج، وقد وجد هذا الموضوع اهتماما كبيرا من رئيس مجلس الوزراء والذى نتوقع منه خلال الفترة القادمة فى هذا الأمر تشكيل لجنة لجذب الاستثمارات بهدف توطين صناعة المكونات والخامات، وبناء عليه توجه المجلس التصديرى للصناعات الهندسية لمخاطبة الشركات التى تعمل فى مصر وخاصة الشركات الأجنبية، وطلبنا معرفة المكون الذى تحتاجه هذه الشركات ويتم استيراده من الخارج لكى نصنع بدلا منه بديلا محليا حتى تصبح لدينا قائمة جاهزة بعشرة مكونات أساسية، والتى يتم استيرادها من الخارج ولا يوجد لها بديل محلى وفى المقابل بهدف جذب هذه الصناعات فى مصر بشركاتها أيضًا.

إيهاب درياس، رئيس المجلس التصديرى للأثاث، يوضح أن صادرات قطاع الأثاث بلغت العام الماضى 292 مليون دولار بنسبة ارتفاع 12% عن 2022، وذلك لبدء رد الأعباء التصديرية لقطاع الأثاث عن طريق تنفيذ مبادرات تهدف لدفع مستحقات المصدرين، كما تم استغلال الشركات للدعم الترويجى للمعارض الخارجية والبعثات التجارية للترويج لمنتجاتها للأسواق الدولية ومحاولة زيادة الحصص السوقية الخاصة بهم لاسيما فى الأسواق العربية، التى تعد السوق الأول للأثاث بأكثر من 80% من صادراته، ويعتبر المستهدف لصادرات قطاع الأثاث المصرى العام الحالى 2024 أن يرتفع بنسبة نمو 10% شريطة عدم التأخير فى استرداد المُساندة التصديرية للقطاع، واستمرار تقديم الخدمات الترويجية للقطاع من المعارض الخارجية والبعثات التجارية.

◄ تحديات الأثاث
وعن التحديات التى يواجهها قطاع الأثاث، يؤكد درياس، أن القطاع يواجه العديد من التحديات أبرزها أن معظم المواد الخام المستخدمة فى صناعة الأثاث تعتبر مستوردة رغم اتجاه الدولة لتعميق الصناعة وزيادة القيمة المضافة للقطاع، ويكمن الحل فى تطوير تعميق الصناعة عن طريق إنشاء مصانع مصرية لمستلزمات الإنتاج بجودة عالمية، أيضًا التأخير فى مبادرات رد المساندة التصديرية للشركات وعدم ثباتها بشكل منتظم مما يؤثر على السعر التنافسى لمنتجات قطاع الأثاث بالخارج، ويكمن الحل فى رد المساندة التصديرية للشركات بحد أقصى 3 أشهر من تقديم الملفات مستوفاة لصندوق تنمية الصادرات، وانخفاض نسبة المساندة التصديرية لقطاع الأثاث الخشبى فقط بدلا من أن يتم زيادتها وذلك للشركات التى تقدم على مساندة تصديرية بدون تحديد نسبة القيمة المضافة للمنتج، ويكمن الحل فى زيادة النسبة لقطاع الأثاث الخشبى لتصل لـ6% ثابتة إذا ما تم التقديم بدون تحديد نسبة القيمة المضافة للمنتج، يضاف لذلك التأخير المستمر فى رد ضريبة القيمة المضافة لمصانع الأثاث وطول إجراءات الرد، مما ينتج عنه تنازل معظم المصدرين عن رد ضريبة القيمة المضافة، ويكمن الحل فى تبسيط إجراءات رد ضريبة القيمة المضافة، وتوجيه مأموريات الضرائب المختلفة لتسهيل الأمر، وعدم وجود مراكز تكنولوجية معتمدة لاختبارات الأثاث كما كان فى السابق والحل هو تفعيل دور تلك المراكز وزيادة الاختبارات به سواء الميكانيكية أو الكيميائية وعلى سبيل المثال وليس الحصر مركز تكنولوجيا الأثاث مصر.

ويرى المُهندس محمود سرج، رئيس المجلس التصديرى للجلود، أن من أكبر المعوقات التى يمكن من خلال التغلب عليها رفع صادرات الجلود بفارق كبير، هو عدم توافر مُستلزمات الإنتاج لأن أغلب مُستلزمات الإنتاج مستوردة، إضافة للمعوقات التى تحدث فى التأخير بالموانئ والجمارك والأرضيات مما يُشكل صعوبة كبيرة فى الاستيراد، وبالتالى يسبب ذلك تأخيرًا فى الإنتاج، لذلك إذا تم حل مُشكلة مُستلزمات الإنتاج من خلال وضع أولوية لتصنيع مُستلزمات الإنتاج فى مصر سنحقق بذلك طفرة فى هذه الصناعة حيث تصل حجم الصادرات فى القطاع لـ120 مليون دولار، لكن فى حال قيام مصر بإقامة صناعة مُستلزمات الإنتاج سيتعدى حجم الصادرات الـ2 مليار دولار، وسيتم توفير الـ6 مليارات دولار، التى كان يتم صرفها لاستيراد مُستلزمات الإنتاج من الخارج، بل وسندخل مُنافسين لتلك المُستلزمات وتصديرها، لافتًا إلى أنه ليس من الضرورى أن نُنتجها بالكامل، فمن الممكن أن نُنتج 8% فقط، لذلك نحتاج لدعم حكومى فى توفير المصانع الجاهزة لتنفيذ صناعة مستلزمات الإنتاج، وأن تكون به مميزات مثل حصوله على إعفاءات ضريبية وتأمينية، ويتم منح الإعفاءات لمدة خمس سنوات حتى تقوم الصناعة فى كافة مجالاتها، وليس صناعة الجلود فقط.