ملف المواجهات ما زال مفتوحاً.. هل تنجح محاولات نتنياهو لابتزاز بايدن؟

بايدن أثناء أحد اجتماعاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو
بايدن أثناء أحد اجتماعاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو

كتب : ياسمين السيد هانى

لليوم الثالث على التوالى ما زال العالم يعيش وسط مخاوف من إمكانية التصعيد بين إسرائيل وإيران وسط سيناريوهات مختلفة ومتعدد بعضها يتحدث عن انتهاء مباراة المواجهات فى شوطها الأول بالتعادل وسط مؤشرات مختلفة منها الموقف الأمريكى الرافض لأى تحرك إسرائيلى يهدد بجر المنطقة إلى حرب إقليمية وكذلك فشل مجلس الحرب الإسرائيلى فى التوصل إلى قرار بهذا الخصوص وسط الخلافات بين أعضائه وسيناريو آخر يتحدث وبأدلة ومؤشرات تتحدث عن تل أبيب قد لا تفوت هذه الفرصة فهى فى نهاية الأمر تحقق لها العديد من الأهداف منها على سبيل المثال لا الحصر استثمار الدعم الدولى لها بعد الغارات الإيرانية وكذلك تراجع الاهتمام بالعدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، ناهيك عن التماسك المؤقت فى الجبهة الداخلية داخل إسرائيل بعد التصعيد الكبير باتجاه المطالبة باستقالة نتنياهو والذهاب إلى انتخابات مبكرة وكذلك تراجع الضغوط فيما يخص ملف الأسرى الإسرائيليين وكلها تصب فى صالح رئيس الوزراء وسط ذلك كله دخلت دول عالمية وإقليمية فى وساطة بين الطرفين لمنع المواجهة التى لا يرغب فيها أى من تلك العواصم فى اندلاعها الذى يخلق حالة من عدم الاستقرار فى منطقة هى أصلاً مشتعلة ولا تحتاج إلى مزيدٍ من اندلاع حرائق جديدة.

يمكن القول إن التطورات الأخيرة التى شهدتها المنطقة، من حيث المحطة الجديدة من المواجهة بين اسرائيل وإيران، تعد فارقة على صعيد أكثر من ملف.

أول وأهم هذه الملفات هى العلاقات الأمريكية الإسرائيلية.. فوفقا للصحف العبرية فقد أعادت هذه المواجهة زخم الدعم الغربى ولاسيما الأمريكى لإسرائيل فى وقت كانت العلاقات فيه بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس جو بايدن قد سقطت فى بحر الانتقادات العلنية والسباب المسربة إعلاميا.

اقرأ أيضًا| «معاريف»: هلاك إسرائيل على يد نتنياهو.. والأورومتوسطى يدين استهداف «العائدين»

كما انتقل التركيز الإعلامى مؤقتا بعيدا عن غزة وفى السياق ذاته، قد ينظر للهجوم الإسرائيلى المبكر على القنصلية الإيرانية فى دمشق، والذى استدعى ردا إيرانيا بالمسيرات، على أنه أعد عن عمد لترميم العلاقات الإسرائيلية مع أمريكا.

فلم تكتف أمريكا بالمشاركة فى الرد على الهجوم الإيرانى والتصدى للصواريخ والمسيرات خارج الأجواء الإسرائيلية، بل أيضا عاد الزخم داخل الكونجرس الأمريكى وفى أروقة النخب السياسية بشأن أهمية الدفاع عن اسرائيل ومدها بالسلاح والمساعدات، متجاوزا تماما الانتقادات السابقة التى أثارتها انتهاكات ووحشية الاحتلال فى غزة.

لكن ثمة وجهة نظر أخرى للأحداث ذاتها.. فإسرائيل التى تلقت صفعة أمريكية فى اجتماع لمجلس الأمن منتصف شهر رمضان الماضى - بشأن وقف اطلاق نار فى غزة لمدة أسبوعين - حيث تخلت فيه واشنطن عن الدفاع عن حليفتها، ربما أرادت رد الصفعة للبيت الأبيض. فإدارة بايدن المقبلة على سباق رئاسى صعب فى نوفمبر المقبل آخر ما تريده هو التورط فى حرب واسعة فى الشرق الأوسط المشتعل بالفعل.

ومن الناحية السياسية التقليدية، فإن أمريكا ملتزمة بأمن اسرائيل فى أى مواجهة مع إيران، ومن ثم، فإن الطرف الذى سيتولى الدفاع عن إسرائيل فى مواجهة صواريخ طهران ستكون الولايات المتحدة، ذى القواعد العسكرية المنتشرة فى المنطقة، فى مرمى الصواريخ الإيرانية. ليس ذلك فقط، بل أن اشتعال الموقف قد يضر بالاقتصاد العالمى ويؤدى إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز فى عام انتخابات بالنسبة لبايدن.

وبناءً على ذلك، فإن فتح إسرائيل جبهة مع طهران سيضر مباشرة بالموقف السياسى لبايدن وسيجبره على التنسيق مع إسرائيل و«تهدئتها» حتى لا تسرف فى استعداء طهران. وهو ما يحدث بالفعل الآن.. فثمة مطالب أمريكية عديدة للجانب الإسرائيلى تستحلفه بعدم الرد على «الهجوم الايرانى» وتجنب التصعيد فى الشرق الأوسط. هذه المطالبات الأمريكية لإسرائيل قد يكون لها مطالب فى الجانب الإسرائيلى على صعيد الدعم السياسى والدبلوماسى فى حرب غزة وفى عملية رفح المرتقبة، وهو ما ستكشفه الأيام القادمة.

وأمس، نقل موقع «أكسيوس» عن مسؤولين إسرائيليين أنه خلال اجتماع مجلس الحرب الإسرائيلى الموسع أمس الأول اقترح بعض أعضائه الرد الفورى على إيران، لكنهم اصطدموا بمعارضة رئيس الوزراء نتنياهو، والتى جاءت بسبب اتصال هاتفى من الرئيس الأمريكى بايدن، بحسب ما ذكره المسؤولون الإسرائيليون. وفى ذلك السياق، فإن التهديد الإسرائيلى بالرد «وما يتضمنه من توريط أمريكا فى حرب بالشرق الأوسط» سيوظف سياسيا طوال الوقت على صعيد العلاقات بين تل أبيب وواشنطن.

وتمس التطورات أيضا، ملف العلاقات الإيرانية الأمريكية، فإيران التى أعفت أمريكا أيضا من حرب واسعة النطاق، واكتفت بـ»رسالة» غير مؤلمة من الناحية المادية وانتهت بشكل سريع مع تأكيد طهران بأن «ردها انتهى» وانها ستتأهب لأى تصعيد إسرائيلى، أيضا سيكون له أثر على التفاهمات الثنائية الأمريكية الإيرانية، فخفض التصعيد سيكون أيضا له ثمن. أما العداء بين إسرائيل وإيران، فلا حاجة للقول أنه دخل مرحلة جديدة ستظهر تداعياته على مناطق متفرقة من المنطقة.