عادل القليعي يكتب: مستقبل العلوم الإنسانية في عالمنا العربي والإسلامي المعاصر

عادل القليعي
عادل القليعي

ما مستقبل العلوم الإنسانية سواء النظرية أو العملية في عالمنا العربي والإسلامي المعاصر ، هل هي علوم ندرسها لمجرد الدراسة أم أن هناك نوايا حقيقية للإستفادة من هذه العلوم وتفعيل هذه الدراسات وإخراجها من حيز الوجود بالقوة إلى حيز الوجود بالفعل ، أو بمعنى أوضح إخراجها من عقول متعلميها وتطبيقها على واقعنا المعيش.؟!

لا شك في أن نهضة الأمم وتقدمها يقاس بمدى اهتمام ولاة أمورها بالعلم وأهله ، فالذي يحدث نهضة حضارية تواكب العصر ومتغيراته ومستحدثاته العلم ، فبالعلم تبنى الأمم.

والعكس إذا أرادت أن تبقى هى هى كما هى لا تتقدم قيد أنملة إلى الأمام فإن ذلك سيكون مرجعه إلى إهمال العلم وعدم السعى الحثيث إلى النهوض به.

بداية ما المقصود بالعلوم الإنسانية؟ 

هى كل ما يمكن تعلمه ويستفيد منه الإنسان.

فالفلسفة علم إنساني يهتم بتنمية عقل الإنسان، الاجتماع ينظم العلاقات بين أفراد المجتمع،  التاريخ ، الجغرافيا ،اللغات، الإقتصاد سواء العلوم النظرية ، أو العلوم العملية الطب ،الهندسة ، الزراعة .

فكل هذه العلوم بكل تخصصاتها غرضها خدمة الإنسان وتوفير مقومات حياته ، وهذا هو تكريم الإله له ، فلا يمكن بحال من الأحوال أن يخلقنا الله ويتركنا هملا ، ومن ثم سخر الطبيعة بكل مواردها لخدمته ولا يتم ذلك إلا من خلال العلم وتطبيقاته.

إذا أردنا الحديث بصراحة لابد من تطويرها بمعني  كل عصر له حاجاته ومتطلباته ومن ثم بات الأمر ملحا للمواكبة فلابد من مسايرة ركب التقدم العلمي والتقني وعالم الذكاء الإصطناعي والرقمنة ، وخلافه من متطلبات العصر.

وإن كنت أرى أن كثير من الدول العربية أدركت ذلك ومنها مصر ، أدركت أنه لابد من المسايرة والمواكبة فبدأنا تطوير منظوماتنا التعليمية عن طريق استحداث برامج جديدة باتفاقيات مع دول أوروبية تنقل لنا خبراتها في مجالات التكنولوجيا والبرمجة واستخدام الأجهزة الحديثة .

بدأنا الإهتمام بالترجمة من لغات أوربية إلى لغتنا العربية والعكس والفضل يرجع في ذلك إلى مراكز الترجمة كمركز جامعة الأزهر للترجمة الذي يشرف عليه فضيلة الإمام الأكبر ، ومركز الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة وغيرها من مراكز الأغراض المتخصصة بالجامعات المصرية ، والتي أصبح الإهتمام بالترجمة أمرا رئيسا.

إذن بات الأمر ملحا للاهتمام بالعلوم الإنسانية ، لأن الإهتمام بها وبنهضتها اهتمام بالإنسان -كما ذكرت سابقا -حجر الزاوية في المعادلة الكونية، والذي دأبه وديدنه الشغف إلى كل ما هو جديد ومعاصر متطلعا إلى كل من يوجهه نحو كل ما هو حديث وجديد آملا في مستقبل أفضل مستشرفا لآفاق جديدة تضعه دائما في دائرة الضوء.

كاتب المقال أستاذ الفلسفة الإسلامية بآداب حلوان ورئيس القسم