فى ليلة «انتقام المُسيَّرات» ..حرب «الدرونز» بالشرق الأوسط لن تتوقف

صورة موضوعية
صورة موضوعية

لاشك أن ليلة الهجوم الإيرانى على إسرائيل بأكثر من 100 صاروخ و100 طائرة بدون طيار لن تمر مرور الكرام فى تاريخ الهجمات العسكرية الحديثة، وفى ليلة «انتقام المسيرات» الإيرانية من تدمير إسرائيل لسفارتها بسوريا برز على السطح مجددًا كيف أصبحت الطائرات بدون طيار تحديًا هائلًا للأمن القومى للدول بل أصبحت أحد مكونات قوة الدول العسكرية.

ولعل نجاح مرور العديد من المسيرات العسكرية الإيرانية إلى الداخل الاسرائيلى رغم التحالف الأمريكى والبريطانى مع إسرائيل لإسقاطها يشير إلى أن إنتاج هذا النوع من الطائرات سوف يزداد مستقبلًا بوتيرة سريعة فى أى حرب أو هجمات قادمة لأن تطويرها واستخدامها فى المجال العسكرى سيؤديان إلى خفض تكلفة الحروب لمن يستخدمها، حيث لا تحتاج إلى طيارين مدربين لقيادتها أو قواعد كبرى لإطلاقها، كما تنخفض أسعارها مقارنة بأسعار المقاتلات وأنظمة الدفاع الجوى المستخدمة فى إسقاطها، ما حدث هو أن ملايين الدولارات تم إنفاقها فى فاتورة إسقاط مسيرات إيرانية تكلفتها لا تتجاوز آلاف الدولارات فقط.

عملية إسقاط المسيرات تمر بعدة مراحل مُعقدة للتخلص منها تبدأ بالاكتشاف ثم تحديد نمط الاستجابة المطلوبة، تلى ذلك مرحلة الاعتراض والإسقاط، ولكل مرحلة من هذه المراحل خطواتها ووسائلها التى تحتاج إلى مهارة كبيرة خاصة مع امتلاك بعض تلك المسيرات وسائل تشويش وحرب الكترونية تضلل من يحاول تدميرها، كل ذلك يشير إلى أن عملية تطوير أسلحة مضادة للمسيرات ستظل ضمن الأولويات العسكرية للعديد من الدول فى الحاضر و المستقبل.

حرب «الدرونز» أو المسيرات لم تبدأها إيران بالأمس ولكنها بدأت منذ حرب أكتوبر 1973 وطورتها الولايات المتحدة خلال حروبها فى حرب تحرير الكويت واحتلال العراق وأفغانستان وفى وسوريا، ومؤخرًا فى حرب الإبادة على غزة حيث لم تهدأ المسيرات فى قصف واستهداف الفلسطينيين، وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية من أكثر الدول استخدامًا لطائرات الدرونز فى صراعات الشرق الأوسط، وساعد على ذلك أنها من أكبر المُصنِّعين والمطوّرين لهذه الطائرات مع إسرائيل والهند وكوريا الجنوبية وإيران وتركيا.

اقرأ أيضاً | التصعيد الإيراني الإسرائيلي.. خمسة مؤشرات تكشف حقيقة الموقف العربي

أهم مؤشرات «ليلة انتقام المسيرات الإيرانية» تقول دون أن نسأل عرافًا، إن منطقة الشرق الأوسط فى أزماتها الحادة وصراعاتها الممتدة وحروبها المتجددة، لن تتوقف قريبًا عن كونها أكثر مناطق العالم سخونة، كما أنها كانت وستكون من أكثر الأماكن التى يتم فيها تجربة أحدث المسيرات والأسلحة الحديثة فى العالم والتى يبدو أنها لن تتوقف فى المستقبل القريب.

أكد اللواء أ.ح سمير فرج الخبير العسكرى والاستراتيجى أن إيران لا تريد أن تدخل حربًا مع إسرائيل وأمريكا، فهى تتخوف من تدمير كل المنشآت العسكرية والنووية بإيران، وتم إبلاغ أمريكا أن الرد الإيرانى على استهداف القنصلية التابعة لها فى دمشق سيكون منضبطًا وليس تصاعديًا، حفظًا لماء الوجه فقط.. مشيرًا إلى أن الرد تأخر أسبوعين، لأن إيران كانت تدرس كيفية تنفيذ الرد دون الانجرار للحرب، ودون انفعالية.

وأوضح أن القصف الإسرائيلى للقنصلية الإيرانية فى دمشق يعد قصفًا على جزء من أراضى الدولة.. فالقنصلية أو السفارة تمثل الدولة.. مما أثار حالة غضب شعبى كبير فى إيران والرأى العام الداخلى مشتعل، مشددًا على أن إيران لا تريد أن تدخل حربًا أمام إسرائيل.

وأوضح اللواء فرج أن إسرائيل قامت بمهاجمة القنصلية الإيرانية فى دمشق أول أبريل الجارى وقتلت 7 إيرانيين منهم شخصيات عسكرية فى الحرس الثورى الإيراني، وكان الرد بسبب غضب الشارع الإيراني، ولكنه رد مسئول وليس الهدف منه أبدًا الهجوم على إسرائيل، بدليل أنها لم ولن تستخدم مثلًا حزب الله فى الرد على إسرائيل.

وأوضح أن ما حدث كان بالاتفاق مع الولايات المتحدة التى أرسلت قائد القيادة المركزية الأمريكية إلى إسرائيل.. للتنسيق بشأن التصعيد الإيرانى.. فإذا تصاعدت الأمور سيتم إشعال حرب إقليمية بالمنطقة.. وحضور قائد القيادة المركزية الأمريكية «سينتكوم» CENTCOM، الجنرال إريك كوريلا إلى تل أبيب هو ضمان لعدم الرد الإسرائيلى على الهجوم الإيراني، والرئيس الأمريكى جو بايدن أرسله للسيطرة على رد الفعل على الهجوم الإيراني.

وأوضح فرج أن الدليل على أن الضربات تم تنسيقها من قبل وتم إبلاغ الولايات المتحدة عن طريق الوسيط بما تنوى إيران فعله، تصريحات الرئيس الأمريكى جو بايدن التى أدلى بها الجمعة الماضية بأنه يتوقع أن تحاول طهران توجيه ضربة لإسرائيل فى المدى القريب ردًا على تدمير القنصلية الإيرانية بدمشق، وحَثَّ الجمهورية الإسلامية على عدم مهاجمة الدولة العبرية.. وأكد بايدن فى عبارة حاسمة: «لا أريد الخوض فى معلومات سرية لكنى أتوقع (أن تحدث الضربة) عاجلًا وليس آجلًا».. وذلك يعنى أن الأمر قد تم تنسيقه مسبقًا.

وأشار إلى أن ما يحدث من تصريحات بالداخل الإسرائيلى واجتماع مجلس الحرب فى إسرائيل هى للاستهلاك الإعلامى فقط.. فكل شيء متفق عليه مُسبقًا.. مؤكدًا أنه لن يتم تصعيد الأمر أكثر من ذلك وسيمر الأمر، لأن إذا ما حدث تصعيد إسرائيلى ستكون هناك حرب إقليمية شرسة بالمنطقة، وهو أمر مُستبعد لأن طرفى النزاع «إيران وإسرائيل» لا يريدان ذلك الآن.