التصعيد الإيراني الإسرائيلي.. خمسة مؤشرات تكشف حقيقة الموقف العربي

السلطان هيثم ين طارق خلال استقباله وزير الخارجية الايرانى حسين أمير عبد اللهيان
السلطان هيثم ين طارق خلال استقباله وزير الخارجية الايرانى حسين أمير عبد اللهيان

كتب : أسامة عجاج

فجأة وجدت المنطقة العربية نفسها فى خضم أزمة غير مسبوقة ليست طرفاً فيها وقد تكون هى الأكثر تضرراً بها، حيث فرضت الجغرافيا على جزء منها خاصة فى منطقة الخليج أن تكون حاجزاً طبيعياً بين كل من طهران وإسرائيل واللتين تعيشان على الدوام ومنذ عدة حقب فى عداء ومواجهة مستمرة وصلت فى الأخير إلى حدث غير مسبوق فى الأول من أبريل من انتقال (الحرب بالوكالة) إلى المواجهة المباشرة بعد إقدام تل أبيب على استهداف القنصلية الإيرانية فى سوريا والتى هى بحكم القانون الدولى أراض إيرانية، مما فرض قواعد جديدة للعبة بين طهران وتل أبيب فى ظل مخاوف أن يمتد الصراع إلى اعتبار منطقة الخليج مسرحًا مستباحًا للعمليات، ونتوقف عند العديد من المؤشرات التى تؤكد أن المنطقة العربية كانت جزءًا أصيلاً من التصعيد الأخير والخطير فى المواجهة الإسرائيلية الإيرانية ونتوقف عند بعضها.
 
أولاً: البداية المنطقة العربية وتحديدًا من سوريا وحقيقة الأمر أنه سبق لتل أبيب أن قامت بهجمات عديدة لمصالح إيرانية فى مناطق عديدة فى سوريا واغتيال قيادات أمنية من الحرس الثورى العامل فى دمشق فى الآونة الأخيرة وظل الرد عليها بشكل محدود عبر تصعيد هجمات حزب الله أو تكثيف عمليات جماعة الحوثى أو عبر بعض الجماعات العراقية المحسوبة على طهران، ولكن تل أبيب قد اختارت هدف الهجوم على القنصلية الإيرانية فى دمشق مع سبق الإصرار وفقاً لاستراتيجية تتعلق بالذهاب إلى خطوة إلى الأمام مع خلط الأوراق لتحقيق العديد من الأهداف فى مقدمتها التغطية على الإخفاقات العسكرية فى غزة ومحاولة توريط واشنطن فى الصراع، كما كانت بوادر الرد الإيرانى من مناطق بحرية قريبة من مضيق هرمز فى بحر العرب من خلال إنزال جوى لعناصر من الحرس الثورى والاستيلاء على سفينة تعود ملكيتها إلى رجل أعمال إسرائيلى واعتقال كل ملاحيها.

اقرأ أيضاً | القصة الكاملة لليلة المسيّرات الإيرانية.. خيارات الرد الإسرائيلى يحددها الفائز بأذُن رئيس الوزراء
     
ثانياً: إن العديد من الدول العربية خاصة الفاعلة مثل مصر والسعودية والإمارات وقطر ضمن أطراف إقليمية ودولية كانت طرفاً أصيلاً فى محاولة التهدئة قبل هجوم الأحد الماضى من خلال اتصالات بلينكن مع نظرائه من وزراء الخارجية العرب والبحث فى  سبل خفض التوترات على خلفية التهديدات الإيرانية وإقناعها لطهران بعدم الرد.

ثالثاً: تنشيط قناة التواصل العمانية لنقل الرسائل بين واشنطن وطهران والتى تلعب هذا الدور المهم منذ سنوات طويلة نجحت خلالها فى التوصل إلى الاتفاق النووى بين إيران وأمريكا ودول غربية، ولعل هذا كان واضحًا من خلال الزيارة التى قام بها وزير الخارجية الإيرانى حسين أمير عبداللهيان إلى مسقط منذ أيام والذى أبدى استعداد بلاده لتقليص التصعيد بشرط تلبية العديد من المطالب منها وقف العدوان الإسرائيلى على غزة وإعادة إحياء محادثات استئناف المفاوضات حول برنامجها النووى، كما قامت واشنطن بنقل رسالة عبر سلطنة عمان للوزير أنها لم تشارك فى الهجوم الإسرائيلى على السفارة الإيرانية فى دمشق ورفضت طلبًا لطهران بضمان ألا تتدخل واشنطن إذا كان الرد الإيرانى منضبطًا عبر هجوم لا يسعى إلى مزيد من التصعيد، ويلاحظ فى هذا الشأن أن الجماعات الموالية لإيران خاصة فى العراق قد توقفت منذ فبراير الماضى عن استهداف المصالح والقوات الأمريكية فى المنطقة.

رابعاً: كشفت ردود الأفعال العربية خاصة الخليجية مدى إدراك خطورة أى تداعيات للتصعيد عليها، وظهر ذلك من خلال البيانات التى ظهرت من وزارات الخارجية، ونتوقف عند ثلاث منها على سبيل المثال لا الحصر وهى السعودية والإمارات وسلطنة عمان والتى أجمعت على ضرورة التحلى بأقصى درجات ضبط النفس وتجنيب المنطقة وشعوبها مخاطر الحرب وخطورة اتخاذ أى مخاطر تدفع المنطقة إلى مستويات جديدة من عدم الاستقرار.
 
خامساً: نستطيع أن نؤكد أن إيران ستكون أكثر حرصًا فى المساس بالمصالح الأمريكية فى دول الخليج تفاديًا لخسارة المكاسب التى حققتها طوال السنتين الماضيتين بتطبيع علاقاتها مع العديد من دول الخليج خاصة السعودية والإمارات ودول عربية أخرى مثل مصر، ولن تغامر على الإطلاق بذلك وتتمنى أن يتوقف الأمر على ردها الذى شهدته ليلة أمس على الاستهداف الإسرائيلى دون مزيد من التصعيد وستعمل على ذلك مستفيدة من المزاج الدولى السائد بخطورة اندلاع حرب إقليمية.

أخيرًا، تعلمنا من الحروب أنك قد تكون صاحب الطلقة الأولى ولكنك لا تملك القدرة على تحديد نهايتها.