القصة الكاملة لليلة المسيّرات الإيرانية.. خيارات الرد الإسرائيلى يحددها الفائز بأذُن رئيس الوزراء

صورة موضوعية
صورة موضوعية

حسمت طهران كل السيناريوهات التى راجت خلال الأسبوعين الماضيين منذ الهجوم الإسرائيلى  الذى استهدف قنصليتها فى دمشق، وأجابت عن كل الأسئلة الحائرة وهى عديدة، منها متى ترد؟ وآلياته، هل بهجوم مباشر يصل إلى العمق الإسرائيلى، أم تكتفى بهجمات اعتدنا عليها من جماعات محسوبة عليها فى دول عربية مختلفة، شاهدناها فيما تقوم به جماعة الحوثى أو حزب الله أو حتى الجماعات المحسوبة عليها فى العراق؟ وما طبيعة الرد، هل يكون بلا سقف، أم تدخل فى إطار الهجمات المحسوبة التى تجرح ولا تقتل؟ خاصة أن الكلفة ستكون عالية أكبر من قدرات عالم يعج بالأزمات والصراعات المفتوحة، وكانت هناك ظنون بشأن اختطاف البحرية الإيرانية لسفينة تعود ملكيتها لرجال أعمال إسرائيليين وأسر طاقمها، فقد راجت بعض التوقعات أن طهران اكتفت بذلك حتى بدأت ساعات الليل الأولى فى الشرق الأوسط والذى يتوافق مع بداية النشاط فى العاصمة واشنطن والتى كانت تعمل كخلية نحل، رغم أن السبت عطلة أسبوعية، غطت سماء المنطقة عبر العراق والأردن وسوريا وجنوب لبنان بالمسيرات والصواريخ البالستية، والتى أعلنت على الفور إغلاق مجالها وكانت إسرائيل على أهبة الاستعداد عبر القبة الحديدية ووسائل أخرى للدفاع الجوى، وتدخلت واشنطن لتفرض حمايتها على إسرائيل، وقد أعلنت دعمها المطلق لتل أبيب، ومع كل ذلك فقد ظهرت على الفور أسئلة أخرى واستفسارات عديدة ومنها: هل حققت طهران أهدافها وتحول شعارها الجديد لو (عدتم عدنا)؟ خاصة أنها أوصلت رسائل لمن يهمهم الامر أنها لن تترك الهجوم الإسرائيلى بدون رد ولكنها لا تسعى للدخول فى مواجهة طويلة مكلفة لها فى ظل الدعم الأمريكى الصريح لتل أبيب والتى مازالت لم تحسم أمرها والصحيفة ماثلة للطبع، حيث اجتماعات مجلس الحرب الذى سيحدد الإجابة عن الأسئلة المطروحة، هل ترد تل أبيب أم ستستجيب للضغوط الأمريكية والدولية التى كشفت عن أنها لن تذهب معها طويلاً فى تلك المواجهة ولن تدعمها فى الرد؟ أسئلة كثيرة من الصعب أن تترك بدون إجابة والعالم فى الانتظار.


ما بين احتضان الدب وقتاله تتراوح احتمالات الرد الإسرائيلى على قصف الليلة الماضية، مع ذلك يمكن القول بأن جذوة الرغبة فى الانتقام الإسرائيلى هدأت قليلًا بعد المحادثة الهاتفية التى أجراها الرئيس الأمريكى جو بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلى نتانياهو عشية القصف الإيراني. منذ البداية حاول بايدن إمساك العصا من المنتصف؛ فتنبأ بحتمية رد إيران على القصف الإسرائيلى للقنصلية الإيرانية بدمشق، وكأنه يعترف للجمهورية الإسلامية بحقها فى ذلك، لكنه أنجز تفاهمًا معها فى أن يكون الرد منضبطًا لا يؤذى المصالح الأمريكية ولا يؤدى إلى اتساع نطاق المواجهة إلى حد الحرب الإقليمية ولا يجرها إليها، وفى ذات الوقت جدد التزامه بالدفاع عن أمن إسرائيل لو أصابها ضرر.

من الواضح أن طهران التزمت بوعدها، فكان لافتًا أن 99% من زخات قذائفها قد تم اعتراضها وإسقاطها، ولم تحدث خسائر فى الأرواح أو المعدات الإسرائيلية اللهم إلا الخسائر الاقتصادية الناتجة عن تكلفة تشغيل منظومات دفاعها والتى قدرت بنحو 4-5 ملايين شيكيل فى الليلة الواحدة. من ثم ظهرت أصوات فى تل أبيب وخارجها اعتبرت أن صد الهجوم الإيرانى فى حد ذاته إنجاز إسرائيلى كبير، بسبب النجاح التاريخى للدفاع الجوى وأن الانتقام من شأنه أن يخاطر بحرب إقليمية شاملة. بالمقابل هناك داخل مجلس الوزراء الإسرائيلى الحربى من يضغط فى اتجاه الإسراع بالرد الانتقامى ويطالب برد قوى على الهجوم الإيراني.

اقرأ أيضًا  |القصة الكاملة لليلة المسيّرات الإيرانية

داخل الحكومة، هناك معركة حول «أذن نتانياهو»-بين الخط المعتدل بقيادة رئيسى معسكر الدولة، الوزراء بينى جانتس وجادى آيزنكوت، والخط العدوانى بقيادة رئيس «الصهيونية الدينية» بتسلئيل سموتريش و»رئيس عوتسما» يهوديت إيتامار. بن جابر، فيما يضغط من الجانب الآخر الرئيس بايدن على نتانياهو لتجنب شن غارة جوية انتقامية على إيران، ويحثه بدلاً من ذلك على التركيز على الاعتراض الناجح للطائرات بدون طيار والصواريخ. وكأنه يسمح له برد الصفعة دون ان يستخدم السلاح الأبيض.

وبالفعل تم تأجيل هجوم مضاد محتمل من جانب إسرائيل على إيران فى الوقت الحالي. والسبب: الأضرار الصغيرة نسبياً التى سببتها الصواريخ والطائرات بدون طيار. وحسب التسريبات من مكالمة «بايدن فقد قال لنتانياهو :» اكتف بالنصر، ولا ترد». وذكر موقع «واينت « العبرى أن هذا هو رد الفعل المتوقع لاحقاً.

أما إذا لم يلتزم نتانياهو، فسيطلق حزب الله العنان لقواته وينضم إلى الحرب-تمامًا كما كان السنوار يهدف إلى ذلك منذ 7 أكتوبر.

بحسب التقديرات، من غير المتوقع أن يتضمن الرد الإسرائيلى على الهجوم الإيرانى غير المسبوق خطوة «حركية» فى إيران نفسها، بل تحركات مشابهة لتلك التى سبق أن نسبت إلى إسرائيل فى الماضي، وهى مرتبطة بالصراع السرى فى البرنامج النووى وتكثيفه، من ثم يمكننا أن نتوقع هجمات على المنشآت النووية الإيرانية وتعطيل بعضها مثلما حدث من قبل على منشأة ناتانز ، ومن الممكن أيضًا المضى فى الاغتيالات الاستهدافية.التى تستهدف العلماء البارزين فى البرنامج النووى الإيراني.