النهايات المروعة للجماعة الإرهابية الغامضة بقية حكاية الحشاشين

قلعة «الموت» الرهيبة التى شهدت أحداثاً دموية مروعة
قلعة «الموت» الرهيبة التى شهدت أحداثاً دموية مروعة

ذلك الإنتاج الضخم الذى أثمر المسلسل الشيق الحشاشين أحدث حالة من الرواج فى القراءات التاريخية، والعودة إلى المصادر، والمراجع، حيث أراد البعض الاستزادة، واستهدف آخرون التأكد من الوقائع، وقد خصنا المؤرخ والأثرى البارز د.حسين عبد البصير مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية بهذه الرحلة الشيقة فى تاريخ الحشاشين الموثق فيما بعد مرحلة حسن الصباح، وقلعة «آلموت» متتبعا مصير هذه الطائفة الغامضة ومآلات أمرها، ونهاياتها المروعة.

الآن، مات «حسن الصباح» شيخ الجبل، مؤسس جماعة الحشاشين فى قلعته «آلموت» عام 518 هجرية، 1124 ميلادية، بدون جرح واحد فى جسده. فهل انتهت الجماعة بعد وفاته؟
كانت وفاته خبرًا مفرحًا لجميع أعدائه، والذين اعتقدوا أن وفاته ستشكّل فرصة للهجوم على دولته، وتدميرها. بعد مرور سنتين، شنّ السلطان «سانجار» هجومًا ضد الحشاشين. وكان وزيره من أكثر المتحمسين لاتخاذ إجراءات عنيفة ضدهم. فقتلوا عشرات الآلاف من الحشاشين.

وتمكن اثنان منهم من قتل ذلك الوزير. ثم اغتالوا الخليفة العباسى «المسترشد»، ووزيره. ثم توالت ضحاياهم باغتيال الخليفة العباسى الراشد ابن الخليفة «المسترشد». واغتالوا أيضا السلطان السلجوقى «داود». وقام الحشاشون بإعدام 250 شخصًا منهم فى «آلموت»، ثم ربط جثثهم فوق ظهور 250 آخرين وطردوهم من القلعة.

اقرأ أيضًا | رواد الإذاعة والتليفزيون| نجوى إبراهيم

كان المغول أخطر أعداء الحشاشين. وكانت قلاع الحشاشين أول أهداف المغول، والذين سارعوا إلى تسلّق جدران قلعة «آلموت». وقتلوا زعيم الحشاشين، وأسرته. ثم قاموا بجمع أعداد كبيرة من الحشاشين، فقتلوهم جميعًا. واستمروا بإقامة المذابح الرهيبة فى كل مكان، وجدوا الحشاشين فيه، وسقطت قلعة «آلموت» فى ديسمبر 1256؛ لتنتهى بذلك دولة الحشاشين فى فارس.



وبينما كان «حسن الصباح» ما يزال يحكم قلعة «آلموت»، قامت مجموعة صغيرة من أتباعه برحلة طويلة نحو الغرب. وكانت «سوريا» هى وجهتهم، وكان هدفهم نشر الدعوة الجديدة فى المنطقة. وتمكن الحشاشون الجدد من أن يجعلوا من «حلب» مركزًا لهم لنشر دعوتهم. ثم نفذ الحشاشون أولى عمليات اغتيال عندما اغتال اثنان منهم متنكرين بثياب متصوفين، أمير «حمص» أثناء صلاة الجمعة. وفى تلك الأثناء، وصل أعظم رؤساء الحشاشين فى سوريا إلى القيادة. وهو «سنان بن سلمان بن محمد» المعروف برشيد الدين.

وقعت أول محاولة للحشاشين لاغتيال «صلاح الدين» فى ديسمبر 1174م568 هـ بينما كان يحاصر «حلب»، حين تمكن بعض الحشاشين من التسلل إلى معسكر «صلاح الدين»، لكنه لم يُصب بأذى، وحدثت المحاولة الأخرى فى 22 مايو 1176م572 هـ حين تمكن بعض الحشاشين المتنكرين فى زى جنود جيش «صلاح الدين» من التسلل لمعسكره ومهاجمته. وتمكنوا من قتل العديد من الأمراء، ولكن «صلاح الدين» نفسه لم يُصب سوى بجروح بسيطة.

وفى 28 أبريل 1192م588 هـ، تمكن الحشاشون من توجيه ضربتهم الكبرى باغتيال «المركيز» ملك بيت المقدس، حين تخفى مغتالوه فى زى رهبان مسيحيين، وشقوا طريقهم إلى خلوة الأسقف و»المركيز»، وعندما سنحت الفرصة طعنوه حتى الموت.. وقد حاول الحشاشون كسب ثقة «الظاهر بيبرس»، الذى لم يبد فى بداية الأمر عداءً نحوهم.
 



فأصبحوا يدفعون الجزية بدلاً من أخذها من أمراء الدول المجاورة. وسرعان ما أصبح «بيبرس» هو الذى يعين رؤساء الحشاشين، ويخلعهم بدلا من «آلموت». ففى عام 1270 م، استاء» بيبرس» من موقف رئيس الحشاشين المسن «نجم الدين»، فخلعه، وعين بديلا عنه «سريم الدين مبارك»، وكان الرئيس الجديد يحكم من منصبه كممثل لـ»بيبرس». واُستثنيت مصيف من سلطته.

وجُعلت تحت السيطرة المباشرة لـ»بيبرس». ولكن «سريم الدين» استطاع أن يضم «مصيف» إلى أملاكه، فعزله «بيبرس»، وجاء به سجينًا إلى القاهرة، حيث مات مسمومًا فيها. وفى عام 1271م669 هـ، استولى على قلعتى «العليقة» و»الرصافة».

وسقطت قلعة «الخوابى» فى العام نفسه، لتسقط بقية قلاع الحشاشين عام 1273م671 هـ؛ لتنتهى بذلك دولة الحشاشين فى بلاد الشام.. وعلى الرغم من نهاية جماعة الحشاشين، وأفكارهم الظلامية وأعمالهم الدموية، ظلت أفكار «حسن الصباح» مستمرة من خلال الكثير من الجماعات ذات الأفكار الإرهابية والتنظيمات الدموية فى العالم بغض النظر عن الزمان والمكان والأديان.