أوراق شخصية

تكريم أصحاب الأرض

آمال عثمان
آمال عثمان

خطف تتر مسلسل «مليحة» القلوب بفكرته الجذابة المعبرة، ورسائله وشخوصه ورموزه، ونجح فى سرد تاريخ طويل من الصراع العربى الإسرائيلي، عبر مشاهد قليلة ودقائق معدودة، ومزيج من الفلكلور والتراث الشعبى الفلسطيني، والتراث الفرعونى القديم، وجاء عرض التتر خلال حفل إفطار الأسرة المصرية، وبحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، ليؤكد أن فلسطين فى قلب وعقل الشعب المصرى بكل طوائفه وأجياله، وتكريماً لأسرة العمل الذين غامروا وقبلوا التحدي، ليصنعوا وثيقة إدانة درامية خلال أقل من ثلاثة شهور، تكشف المؤامرة الصهيونية الدنيئة، وتناصر حق الفلسطينيين فى العودة لأرضهم، فى توقيت يستدعى منا جميعاً المشاركة فى معركة نشر الوعي، بالتوازى مع المعركة السياسية والدبلوماسية لدعم أصحاب الأرض.

أبدع تتر المسلسل المخرج عادل رضوان، الذى يروى تاريخاً طويلاً جمع بين مصر وفلسطين، من خلال أغنية «أصحاب الأرض»، بتوزيع جديد لفلكلور «الترويدة الفلسطينية»، وبلغة «الملالاة» التى ابتكرتْها المرأة الفلسطينية، لتضليل المحتل البريطانى وتوصيل الرسائل للمعتقلين، وتصور المقدمة السيدة العذراء تبكى وتحمل السيد المسيح، وسط الدمار والخراب، و»حنظلة» رمز الشخصية الفلسطينية يجرى داخل الأنفاق، و6 شياطين طيالسة يسيرون فوق أوراق شجر الزيتون المحروقة، وشاب يقبض على مفتاح بيته الفلسطينى القديم، ويمشى تائهاً بين الماضى والحاضر، إلى جانب مجموعة لوحات تشكيلية معبرة، منها لوحة «الصلاة الأخيرة» للفنان الفرنسى جان ليون جيروم، ولوحة «كوارث الحرب» للفنان الإسبانى «فرانسيسكو جويا»، وأول لوحة رسمها القديس لوقا ثالث الإنجيليين للسيدة العذراء.

وعلى وقع الرقصات الفرعونية، يخرج «مونتو- رع» إله الحرب عند المصريين القدماء، ويقوم بتحطيم تمثال «عجل هزهب»، صنم العجل الذى صنعه السامرى من الذهب، وعبده بنو إسرائيل خلال غياب النبى موسى، عندما ذهب ليصعد جبل سيناء، وتنتهى بتحول «حنظلة» إلى مقاومة فلسطينية، تجذب الشياطين وتأسرهم تحت الأرض، قبل أن يصلوا إلى طفلة فلسطينية، تتعلم «رقصة الحرية»، وينتهى بعودة الأمل للطفلة التى أصبحت تجيد الرقصة ببراعة، وعلى وجهها ابتسامة النصر.

أتمنى أن تبدأ الشركة المتحدة -من الآن- فى التخطيط لصناعة عمل درامي، بإنتاج ضخم يليق بتاريخ صراع ممتد لأكثر من سبعة عقود، ومستوى فنى متميز يضارع قيمة وأهمية القضية الفلسطينية التى هى بحق قضية كل العرب.