بقلم واعظة

د. نجلاء شمس تكتب: هنيئًا لكم.. ولكن ماذا بعد؟

د. نجلاء شمس
د. نجلاء شمس

■ بقلم: د. نجلاء شمس

هنيئًا لمن وفِّق للصيام، هنيئًا لمن لجأ إلى الله بأصدق الدعوات، هنيئًا لكم قوله -صلى الله عليه وسلم-: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفِر له ما تقدَّم من ذنبه» أخرجه البخارى ومسلم. ولكن ماذا بعد؟ أيها المسلم: داوِم على الخير الذى قدَّمته فى شهر الصيام  واحرص على الفضلِ الذى نِلته وهذا لا يتأتى إلا بالمداومة على العمل الصالح، وفى مقدّمة هذه الأعمال الصالحة الصلاةُ، الزكاة، الصيام، الحجُّ، فهى أركان الإسلام التى لا يجوز التهاونُ بها مطلقًا والتقليلُ من أهمِّيَّتها، ولتكن على يقين بأن العمل الصالح لا يقتصر على عباداتٍ معيّنة وحالات مخصوصة، بل هو عامّ واسع ومفهومٌ شامل، فمن وَاسَى فقيرًا وكفل يتيمًا وعاد مريضًا  وساعد بائسًا وأنظر معسِرًا وأرشد ضالاًّ فقد عمل صالحًا، وله به أجر قال عليه الصلاة والسلام: «كلُّ معروف صدقة» رواه البخارى. فكل عمل صالح ينتفع به الآخرون أنت مأجور عليه وهو من الصالحات. حتى الإحسانُ إلى البهائم عمَلٌ صالح، رجل سقَى كلبًا فشكر الله له سعيَه فغَفر له. وكذلك غرسُ الأشجار وإماطةُ الأذى عن طريق الناس عمَل صالح.

قال -صلى الله عليه وسلم-: «الإيمان بضع وسبعون ـ أو: بضع وستون ـ شعبة»، وفيه: «وأدناها إماطة الأذى عن الطريق»، بل والخِدمة العامّة للمجتمع كصيانة مرافق المسلمين العامّة عمل صالح بالنِّيَة الصادقة، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: «مرَّ رجلٌ بغصنِ شجرةٍ على ظهر طريقٍ فقال: والله، لأنَحِّيَنَّ هذا عن المسلمِين؛ لا يؤذِيهم، فأُدخِل الجنةَ» «رواه البخارى ومسلم». فعلى المرء أن لا يحقِرَ المعروفَ وعمَل الخير مهمَا كان صغيرًا، فالله يجازى على وزن الذَّرَّة من الخير، قال تعالى (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه) «الزلزلة:7، 8»،.. وجزاء العمل الصالح سعادة الدنيا الموصولَة بسعادة الآخرة، فيكن لك فى الدنيا الرزقُ الواسع، والثناء الجميل والذكرُ الحسَن، وللعمل الصالح جزاءٌ فى الدنيا والآخرة، فمن الجزاءُ فى الدنيا المودَّةُ فى قلوبِ المؤمنين، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَنُ وُدًّا) «مريم:96». وأخرج البخارى ومسلم عن أبى هريرةَ -رضى الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا أحبَّ الله العبدَ نادى جبريلَ: إنَّ الله يحب فلانا فأحبِبْه، فيحبُّه جبريل، فينادى جبريل فى أهل السماء: إن الله يحبُّ فلانا فأحبُّوه، فيحبُّه أهل السماء، ثم يوضَع له القبول فى الأرض».. وكذلك تفريجُ الكروب يعتبر من جزاء العمل الصالح، قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) «الطلاق:2، 3»، وفى الحديث عن النبى -صلى الله عليه وسلم-: «بينما ثلاثةُ نفَر يمشونَ أخذَهم المطر، فآوَوا إلى غار فى جبل، فانحطَّت على فمِ غارهم صخرةٌ منَ الجبل فانطبَقَت عليهم» رواه البخارى ومسلم، فلم يُنقذهم إلاّ توسلُهم إلى الله بأعمالهم الصالحة. وفقنا الله وإياكم لما فيه الخير.