فواصل

‫ رُبَّ ضارةٍ نافعةٌ !

أسامة عجاج
أسامة عجاج

وقد لا يعلم الكثيرون أن (منظمة المطبخ المركزى العالمي) كانت أحد الداعمين لإسرائيل مع بدايات عمليات طوفان الأقصي حيث وفرت أكثر من٣٤ مليون وجبة ساخنة للآلاف من الإسرائيليين الذين هاجروا من المناطق الحدودية المتاخمة لقطاع غزة أو فى الشمال مع لبنان.

مما دفع مسئول إسرائيلى إلى الإشادة بدورها، وقال (هذه منظمة نقدرها لدورها الإنساني)، ولكن الوضع اختلف عندما بدأت فى زيادة نشاطها داخل مناطق غزة لإغاثة الفلسطينيين حيث استهدفت قوات الجيش الإسرائيلى مؤخراً عدداً من العاملين مما أدى إلى مقتل ثلاثة من البريطانيين وكندى وأمريكى وبولندى واسترالية وفلسطيني.

مما خلق حالة غضب فى العديد من عواصم العالم خاصة التى لها ضحايا. الجريمة كانت كاشفة تماماً للمرة المليون لفكرة ازدواجية المعايير فى المواقف الدولية.

فهذا الغضب لم نره فى اعتداءات مشابهة على العاملين فى منظمات دولية للإغاثة، وأدى إلى مقتل نحو١٩٦منهم، بالطبع لم نسمع أى مواقف ذات قيمة، - حتى من باب رفع العتب - عن جرائم مشابهة وموثقة لجرائم الجيش الإسرائيلى وقتله بدم بارد لأربعة فلسطينيين عزّل بعد تتبعهم بطائرة مسيرة فى مارس الماضي، ناهيك عن حادث آخر فى يناير الماضي عندما قامت قوات خاصة إسرائيلية باقتحام مستشفى ابن سينا فى مدينة جنين وهم يلبسون ملابس أطباء وممرضين، للقيام باغتيال ثلاثة شباب أثناء تلقيهم العلاج نتيجة إصابتهم خلال قصف جوى إسرائيلي.

ولن أتوقف عند عدد الضحايا بعد مرور ستة أشهر على العدوان، والذى وصل إلى استشهاد٣٤ ألف فلسطيني غالبيتهم من الأطفال والنساء والمدنيين دون أن يتحرك (العالم الحر)، ويمارس ضغوطاً فى وقف هذه الإبادة الجماعية. ومع ذلك (فرب ضارة نافعة) مقتل السبعة كان له نتائج مهمة على أكثر من صعيد..

أولاً، استثمرها الجانب الأمريكى فى تكثيف الضغوط على تل أبيب، وهذا ما ظهر من مضمون اتصال بايدن بنتنياهو، وتصريح المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربى (إذا لم يكن هناك تغيير من جانب تل أبيب فسيكون هناك تغيير من جانبنا). وبالفعل رضخت تل أبيب قليلاً..

ثانياً، اضطرت تل أبيب إلى الاعتذار لأول مرة منذ العدوان، على لسان الرئيس الإسرائيلى وإعرابه عن حزنه الشديد، واعتبار نتنياهو أن الضربة غير مقصودة وحادث مأساوي. كما ساهمت العملية.. ثالثاً، فى إجبار الجيش الإسرائيلى على إجراء تحقيق حول الحادث، وتوقيع عقوبات على بعض القادة العسكريين. ومع ذلك فقد تم.. رابعاً،  التشكيك فى مصداقية تلك التحقيقات.

مؤسس المنظمة خوسيه أندريه قال: (مرتكب الجريمة لا يمكنه أن يحقق فى جريمته حيث تم استهدافهم بشكل منهجي). بريطانيا طالبت على لسان وزير خارجيتها ديفيد كاميرون بمراجعة دقيقة ومستقلة لنتائج التحقيقات، بينما أستراليا عينت موظفاً لها للعمل مع الجانب الإسرائيلي، واعتبر أن معلوماتها غير كافية. هذه ثمار جريمة من بين آلاف الجرائم اليومية التى تم ارتكابها فى حق الشعب الفلسطيني. فهل نجد يوماً ما من يحاسب مرتكبيها؟ أتمنى.