شهدت مسلسلات رمضان هذا العام العديد من الظواهر الفنية الإيجابية، أهمها التفوق والتميز الشديد في الأعمال التاريخية التي قدمت، والتي وصلت في مستواها للأعمال العالمية، وتناول مجموعة من القضايا المهمة في عدة مسلسلات، وبعضها قضايا وموضوعات يتم طرحها في الدراما لأول مرة، وتميز عدد من المسلسلات الكوميدية التي عرضت لعودتها لأصل الكوميديا من خلال بناء الضحك على المواقف لا إعتمادا على “الإيفيه”، بالإضافة إلى ظهور مجموعة من النجوم الجدد الذين حصلوا على البطولة لأول مرة في بعض المسلسلات، ونجحوا من خلالها.. عن كل تفاصيل ذلك نلتقي في السطور التالية.
“تفوق تاريخي”
من أهم الظواهر الفنية التي شهدتها المسلسلات التي عرضت في رمضان هذا العام، نجاح الدراما المصرية في تقديم المسلسلات التي تعتمد على أجواء تاريخية بشكل يفوق بمراحل كل الأعمال التي قدمت من قبل، ومستوى يصل إلى دقة الأعمال العالمية، وهو ما يعد نجاح غير مسبوق في هذه النوعية من الأعمال، فقد عرض مسلسلين يعتمدان في أحداثهما على الأجواء التاريخية، الأول “الحشاشين” للمؤلف عبد الرحيم كمال وإخراج بيتر ميمي، وبطولة كريم عبد العزيز وفتحي عبد الوهاب واللبناني نيقولا معوض وأحمد عيد وميرنا نور الدين، وتناول قصة حياة “حسن الصباح” مؤسس طائفة “الحشاشين” في القرن الحادي عشر الميلادي، وقد نجح المسلسل أن يحقق نجاحا كبيرا بتميزه الشديد في كل العناصر الفنية، وفي مقدمتها الإخراج لبيتر ميمي، والذي نجح في أن يقدم مشاهد مبهرة وغير مسبوقة بتاريخ الدراما المصرية، خاصة في مشاهد المعارك الضخمة، وتميز العمل بشكل واضح في كل ما يتعلق بصورته، خاصة في المشاهد الخارجية، ونجح مدير التصوير حسين عسر أن يحقق نقلة حقيقة للدراما المصرية على مستوى الصورة بالأعمال التاريخية من خلال هذا المسلسل، والذي تضمن أيضا موسيقى تصويرية فريدة وثرية ومتنوعة للموسيقار التونسي أمين بوحافة، وتميز واضح وضخامة في الإنتاج بكل عناصره الفنية الأخرى، من الديكورات والملابس والإكسسوارات، لهذا يمكن إعتبار هذا العمل بداية لمرحلة جديدة في تاريخ إنتاج الأعمال الدرامية التاريخية المصرية.
المسلسل الثاني هو “جودر”، المأخوذ من حكايات “ألف ليلة وليلة”، وكتب حلقاته أنور عبد المغيث، وإخراج إسلام خيري، وبطولة ياسر جلال وياسمين رئيس ونور اللبنانية وأحمد بدير وعبد العزيز مخيون ووليد فواز وأحمد فتحي ووفاء وآيتن عامر، ونجح العمل أن ينتقل بالأعمال التراثية التي تعتمد على الأجواء التاريخية إلى مرحلة جديدة في كل العناصر، خاصة الصورة التي تميزت بإبداع فني يتناغم مع طبيعة العمل لمدير التصوير تيمور تيمور، ومشاهد “الجرافيك” الضخمة، والثراء الشديد في الديكورات والملابس والإكسسوارات، ونجح مخرج العمل - إسلام خيري - أن يوظف كل هذه العناصر الفنية ليبدع في تقديم إحدى حكايات “ألف ليلة وليلة” الخيالية.
“قضايا مهمة”
تميزت مسلسلات رمضان هذا العام بتناولها موضوعات وقضايا مهمة، أغلبها لم يتم تناوله من قبل.. مسلسل “الحشاشين” يعد العمل الدرامي المصري الأول الذي يتناول كل ما له علاقة بطائفة “الحشاشين” منذ بدايتها على يد مؤسسها حسن الصباح، وأفكار هذه الطائفة والبداية التاريخية لفكر وعمليات الاغتيالات من جانب الجماعات المتطرفة لمن يعارضها.
أما مسلسل “صلة رحم” فيعد العمل الفني الأول الذي تناول قضية تأجير الأرحام التي يحرمها الدين ويجرمها القانون، والمسلسل تأليف محمد هشام عبية وإخراج تامر نادي، وبطولة الأردني إياد نصار ويسرا اللوزي وأسماء أبو اليزيد.
بينما تناول مسلسل “أعلى نسبة مشاهدة” تأثير السوشيال ميديا و”تيك توك” على حياتنا، خاصة جيل الشباب والمراهقين، وكيف يمكن أن يتسبب في تدمير حياة البعض، والمسلسل تأليف سمر طاهر وإخراج ياسمين أحمد كامل، وبطولة سلمى أبو ضيف وليلى زاهر وفرح يوسف وانتصار ومحمد محمود وإسلام إبراهيم وأحمد فهيم.
وتناول مسلسل “مليحة” القضية الفلسطينية وجرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وعمليات النزوح والتهجير وحلم العودة إلى الأرض الذي يسكن كل فلسطيني تم تهجيره، المسلسل تأليف رشا عزت الجزار وإخراج عمرو عرفة وبطولة الفلسطينية سيرين خاس ودياب وميرفت أمين وأشرف زكي وعلي الطيب وأمير المصري واللبنانية ديانا رحمة.
كما تميزت مسلسلات أخرى بموضوعاتها وتناولها الدرامي، منها مسلسل “بدون سابق إنذار”، بطولة آسر ياسين والتونسية عائشة بن أحمد وإخراج هاني خليفة .
“الكوميديا تعود لأصلها”
ابتعدت أغلب الأعمال الكوميدية التي تقدم في السنوات الماضية عن أصل الكوميديا، وهو صياغتها بناءً على المواقف بمختلف أنواعها، وهو الشكل الطبيعي للكوميديا، التي تصنع التفاعل وتعيش في ذهن الجمهور، وهذا الشكل هو الذي يجعلنا نشاهد حتى الآن أفلام نجيب الريحاني ونضحك على مواقفها رغم مرور ما يزيد عن 75 عاما على عرضها، لكن أغلب الأعمال الكوميدية التي تقدم في السنوات الأخيرة تعتمد على “الإيفيه”، و”الإستظراف”، لهذا لا تعيش في الذاكرة.. وشهد شهر رمضان الجاري عرض 7 أعمال كوميدية، منها 3 عادت بالفعل إلى أصل الكوميديا، حيث اعتمدت على مواقف كوميدية حقيقية وجديدة في كل تفاصيلها، لهذا حققت تفاعل ونجاح جماهيري كبير، وهذه الأعمال هي “أشغال شقة” تأليف خالد وشيرين دياب، وإخراج خالد دياب، وبطولة هشام ماجد وأسماء جلال ومصطفى غريب وشيرين، ومجموعة كبيرة من ضيوف الشرف، وتناول العمل في إطار اجتماعي كوميدي حياة الزوجين “حمدي” و”ياسمين” اللذان يرزقان بطفلين توأم فيقرران الإستعانة بخادمة لمساعدتهما في رعاية الطفلين وشئون المنزل، لكن يواجهان العديد من المواقف الكوميدية مع كل مدبرة منزل تعمل لديهما.
ثاني الأعمال الكوميدية التي تميزت، مسلسل “بابا جه”، تأليف وائل حمدي وإخراج خالد مرعي، وبطولة أكرم حسني ونسرين أمين وأوتاكا وسما إبراهيم والتونسية فريال يوسف، وتناولت أحداثه فكرة جديدة، حيث يقوم “هشام - أكرم حسني” بالعمل كأب بالإيجار لكل من يحتاج لأب، ومن خلال ذلك يتم تناول عدة موضوعات اجتماعية من خلال العديد من المواقف الكوميدية.
المسلسل الثالث “كامل العدد +1”، الذي يعد من أهم وأفضل الأعمال الاجتماعية الكوميدية التي عرضت على الشاشة الرمضانية، وتناول حياة الزوجين “ليلى” و”أحمد” وما تعرضا له من مشاكل وأزمات مختلفة تخصهما، أو تخص أولادهما، وكيف يتعاملان مع هذه المشاكل، وذلك من خلال العديد من المواقف الكوميدية التي تميزت بشكل كبير في تفاصيلها، والمسلسل تأليف رنا أبو الريش ويسر طاهر وإخراج خالد الحلفاوي، وبطولة دينا الشربيني وشريف سلامة وإسعاد يونس وأحمد كمال وميمي جمال وجيهان الشماشرجي وصدقي صخر.
“أبطال جدد”
من الظواهر المهمة أيضا التي تضمنتها مسلسلات رمضان، منح البطولة لبعض النجوم الشباب الذين أثبتوا أنهم يستحقوها، وذلك من خلال تألقهم في هذه الأعمال وتحقيقهم جماهيرية كبيرة من خلالها، وفي مقدمتهم أحمد داش وعصام عمر في مسلسل “مسار إجباري”، وسلمى أبو ضيف وليلى زاهر في “أعلى نسبة مشاهدة”، وميرنا نور الدين في “الحشاشين”، وأسماء جلال في “أشغال شقة”.