أوراق شخصية

آمال عثمان تكتب: ذكاء رجل سياسي!

آمال عثمان
آمال عثمان

الحكايات مادة محببة إلى البشر، وفى تاريخ وسيرة العرب قصص تفيض بالمواعظ والعبر، ومنها قصة «العرق الدساس»، عن رجل تجول بشوارع إحدى الممالك، وهو ينادي: «أنا رجل سياسي، أحل المشاكل وأصلح بين الخصوم»، سمع الملك فأحضره، قائلاً: «لدى فرس عنيدة، أريدك أن ترودها»، فأجاب: «يا مولاى أنا سياسي، ولست سائساً» غضب الملك وأمره بالاعتناء بالفرس وإلا قتله!

استجاب الرجل، فأمر الملك بصرف وجبتين من الأرز والحساء له فى الغداء والعشاء، اعتنى الرجل بالفرس لأيام ثم هرب، فأعاده الحراس، وحين سأله الملك عن سبب هروبه، طلب منحه الأمان قائلاً: «فرسك أصيلة، لكنها لم ترضع من حليب أمها»، غضب الملك وزج به إلى السجن، ثم جاء بالسائس السابق، فاعترف له بأن الفرس حين ولدت ماتت أمها، ولم أجد سوى حليب بقرة بالحظيرة، وخاف من بطشه فأخفى الخبر، سأل الملك الرجل كيف عرف بأمر الفرس، فأجاب: «الفرس لا يبحث عن الكلأ والعشب، بل يحضر إليها وهى رافعة رأسها، لكنها تبحث عن طعامها وتطأطئ رأسها»، أعجب الملك بفراسته وجعله مستشاراً لزوجته، لكنه رفض فهدده بالقتل، وأمر بتزويده بدجاجتين فى الغداء والعشاء.

هرب الرجل مرة أخرى، وحين أعاده الحرس سأله الملك عما وجد فى زوجته الملكة؟، فقال: «زوجتك ملكة، لكنها ليست ابنة ملوك»، غضب الملك، وذهب إلى والدها ووضع السيف على رقبته ليخبره بالحقيقة، فقال: «ابنتى مرضت وماتت وعمرها عامان، وكنت اتفقت مع والدك على تزويجها لك، فأحضرت طفلة من الغجر وربيتها وزوجتها لك»، أعاد الملك الرجل من سجنه ليعرف كيف علم بأصل زوجته؟، فقال: «من طباع الغجر الغمز حين يتكلمون، وزوجتك كثيرة الغمز فى الكلام»، زاد إعجاب الملك به، وقرر تعيينه خادماً لأمه، وأمر بوضع خروفين له فى الغداء والعشاء، عاود الرجل الهرب، وبعد عودته، سأله الملك عما وجد من أمه؟، فقال: «أنت لست ابن والدك الملك»، اشتد غضبه، وذهب إلى والدته فتهربت من الإجابة ثم اعترفت، بأن الملك كان عقيماً، يتزوج فتاة كل عام، وبعد 9 أشهر يذبحها إذا لم تنجب، فاضطرت لمعاشرة طباخ القصر لتنجبه، صرخ الملك قائلاً: «تباً، كيف عرفت هذا السر الخطير»، فقال: «الطباخون يا مولاى هم من يكافئون بالطعام، وليس الملوك»!!.