مفيش أحلى من كنافة زمان| عم سعيد: الطعم مختلف بالصاج النحاس و«كوز» الألومنيوم وفرن الطين

عم سعيد
عم سعيد

■ كتبت: علا نافع

فرن طيني عال شديد الحرارة، قمع معتق مصنوع من الألومنيوم، عجين خفيف القوام ينساب على شكل دوائر بداخل صاج الفرن ليشكل الكنافة البلدية والمعروفة أيضا بالكنافة الشعر، وقُرب الفرن يقف الكنفاني بقامته الطويلة لا يعبأ بحرارة الفرن وصهده المتوهج، فقد اعتاد ذلك العمل منذ نعومة أظافره، يلملم بيده خيوط الكنافة ويلقيها جانبا لتهويتها، أما القطائف العصافيري صغيرة الحجم فتحتاج ليلة كاملة لتتخمر، ويستمر عمله بعد صلاة الظهر وحتى أذان المغرب.

يقول سعيد أشهر الكنفانية بمنطقة الدرب الأحمر: أعمل بتلك المهنة منذ أكثر من ثلاثين عامًا حيث توارثتها من والدى وعشقتها منذ نعومة أظافري فهى صنعة تتطلب الصبر وقوة التحمل خاصة أننى أقف ساعات طويلة أمام نيران الفرن، حيث أبدأ بعد صلاة الظهر وحتى قبل الإفطار بدقائق قليلة، كما أن صناعة الكنافة البلدية تحتاج لمهارة وخبرة، فالعجين المستخدم بها لابد أن يكون خفيف القوام ويتكون من الدقيق والماء إضافة إلى النشا وزيت الطعام، ولابد من تهويتها فورا حتى لا تتكتل.

◄ صاج نحاسي
ويتابع سعيد: يعتمد عمل الكنافة اليدوية على الصاج النحاسي الذى عادة ما يتجاوز عمره سنوات عديدة، فكلما زاد عمره كانت الكنافة لها طعم خاص يصعب نسيانه، أما القمع المصنوع من الألومنيوم فيكون به عدة فتحات لرش عجين الكنافة على الصاج بشكل منتظم لكن الأهم هى الحرارة المستخدمة فى التسوية والتى لابد أن تكون متوسطة كى يمنع لسعها أو حرق خيوط الكنافة وهو ما يعرف بسر الصنعة، ولكن أصبح الآن بعض الكنفانية يضيفون للعجين بضع قطرات من البوتاس ومحسنات طعم اعتقادا منهم بأنها تمنع التصاق العجين على صاج التسوية وبالطبع يمثل خطرا شديدا على الصحة كما تفسد الطعم الأصلى لها.

ويضيف: أما ما يميز الكنافة هو خدمة العجين فلابد أن يتم تركها لمدة ساعات ليصبح العجين جاهزا للتسوية، مشيرًا إلى أن بركة رمضان وأجواءه المختلفة تخفف عنه حرارة الفرن ووقوفه ساعات كثيرة، بخلاف شهرته الواسعة التى أكسبته عدة زبائن من كافة المناطق المحيطة.

ويرى سعيد أن الكنافة الآلية المصنوعة فى الأفران الكبرى لم تنجح في سحب البساط من تحت الكنافة اليدوية التى لها طعم مميز، فالأفران الطينية تمنحها حلاوة وعذوبة فضلا عن كونها لا تستغرق وقتا طويلا فى التسوية. 

◄ عصافيري وكبيرة
أما أحمد أحد الصنايعية فيقول: تختلف عجينة القطائف عن الكنافة، حيث تتكون من الدقيق والماء والسكر وأحيانا نضيف لها الخميرة، ويجب أن تكون نار التسوية هادئة، ولها عدة أحجام منها الكبيرة وهى المفضلة لدى أهل القرى والمناطق الشعبية، أما العصافيرى صغيرة الحجم فلا تستهلك قدرًا كبيرًا من الزيت إضافة إلى الحشو بالمكسرات أو العسل. وتقاليع حشو القطائف والكنافة بحشوات مثل النوتيلا والكريمة أفقدها مذاقها المميز الذى تعودنا عليه منذ طفولتنا.

◄ روايات مختلفة 
وعن الأصل التاريخى للكنافة يقول الدكتور أحمد إبراهيم، أستاذ التاريخ الإسلامي: تعددت الروايات حول ظهور الكنافة وهناك رواية تقول إن أصلها يرجع للعصر الفاطمى فى مصر، حيث صنعها الأهالى فى استقبال الخليفة المعز لدين الله الفاطمي، حيث دخل القاهرة فى إحدى ليالى رمضان، من ثم انتشرت فى ربوع الوطن العربي، وهناك رواية أخرى تقول إنها ظهرت فى الشام وقُدمت للخليفة معاوية بن أبى سفيان، كوجبة سحور لتمنع عنه الجوع والعطش، حيث كان أكولًا يحب تناول الطعام بكميات كبيرة.

ويضيف إبراهيم: وكان الطبيب قد وصف له هذا الطعام لتخفيف حدة الصيام عليه حتى أنها ارتبطت باسمه وسميت «كنافة الخليفة معاوية»، مشيرَا إلى أن رواية ثالثة تؤكد أن الكنافة ظهرت بالعهد المملوكى فى مصر، وانتقلت إلى ربوع السلطنة العثمانية، فيما بعد حتى أن هناك نوعا شهيرا يسمى الكنافة العثمانلية كذلك فى بلاد الشام والمغرب العربي.

ويشير إلى أن ظهور القطائف كان أسبق عن الكنافة حيث تعود إلى أواخر العصر الأموى وأول العباسى إذ ابتكر أحد الحلوانية فطيرة صغيرة قام بحشوها بالمكسرات وقام بقليها فى الزيت وقدمها لضيوفه على شكل زهور صغيرة فقطفها الحضور ومن هنا سميت بالقطائف.

◄ حديد وفيتامينات
وعن فوائد الكنافة الصحية، تقول الدكتورة سهى فاروق، استشارية التغذية العلاجية: تمتاز الكنافة بأن لها العديد من الفوائد الطبية المهمة للجسم وأولاها غناها بالحديد وفيتامين (د) المهم لصحة العظام كذلك فيتامين (ب) وهذان الفيتامينان لهما فائدة فى تكوين خلايا الدم الحمراء والوقاية من فقر الدم ناهيك عن إمداد الجسم بالطاقة والحيوية اللازمة لأداء جميع المهام اليومية، مؤكدة أن صناعتها من حب القمح الكامل يجعلها مصدرا صحيا للنشويات فضلا عن المكسرات التى يتم حشوها بها والتى هى مهمة لصحة المخ والجهاز العصبي. 

وتنصح سهى بضرورة تقليل السمن والسكر عند إعدادها كى لا تمثل خطرا على صحة القلب والشرايين ويمكن استخدام الزيوت الصحية بدلا من الزبد والسمن مثل زيت جوز الهند أو اللوز، كذلك جبن الماعز الذى به نسبة قليلة من السعرات الحرارية، والأهم تناولها بعد الإفطار بساعات قليلة بشرط ألا تتخطى القطعة الواحدة حجم كف اليد.