تريند الموت .. هوس السوشيال ميديا يكشف خللا فى سلوك بعض المراهقين

السوشيال ميديا
السوشيال ميديا

محمد‭ ‬عطية

فيديوهات.. صور.. اختلاق الحكايات والقصص الوهمية قد تكون من وحي الخيال على مواقع التواصل الاجتماعي التي تثير الجدل وتجذب الجمهور بل في بعض الأحيان تدفعهم للتعاطف كل ذلك من أجل الشهرة والتريند الذى أصاب البعض بهوس وجنون لزيادة رصيدهم من الأموال والشهرة؛فقد شاهدنا الكثير من التريندات وسنظل نشاهد أكثر وأكثر في زمن السوشيال ميديا، فمع كل صباح تجد شاب أو فتاة يحتل منصات التواصل الاجتماعي حتى أن وصل الأمر بالبعض لتعريض حياتهم للخطر للموت، إلى أن يخرج تريند جديد ينسى به المتابعون التريند السابق، فالهدف واحد ومعروف وهو جمع أكبر عدد من المشاهدات والإعجابات والكومنتات على السوشيال ميديا من أجل ركوب التريند وجني المال في النهاية، حتى لو أصبح على حساب الجميع وهدم العادات والتقاليد، تفاصيل أكثر إثارة سوف نسردها لكم في السطور التالية.

فيديو لا يتجوز مدته الـ 30 ثانية تداوله رواد السوشيال ميديا على مدار الايام الماضية بالإضافة لحالة من التعاطف لفتاة تدعى «رحاب» أو المعروفة إعلاميًا بـ «فتاة البراجيل» بعدما أقدمت على الانتحار بتناول «حبة الغلة» السامة داخل مسكنها، ولفظت أنفاسها الأخيرة داخل معهد السموم بعد 3 أيام من الصراع مع الموت؛ «رحاب» قبل الانتحار، سجلت مقطع فيديو تم تداوله على السوشيال ميديا وظهرت فيه وهي تقول وصيتها الأخيرة: «باعتبار إني بكره هموت في حادثة، قولوا لأمي في جنازتي متصوتيش، وقولوا لإخوتي أنتم كنتم أعز شيء في حياتي في وجودي ومماتي، وبلغوا اصحابي إنهم يقفوا على قبري وميصوتوش، ويطلوا كل شوية على أمي وميعيطوش، متكسروش قلبها كفاية قلبها مكسور من بعدي والعلم عند الله».

رحم الله رحاب لا نملك إلا أن نقول ذلك، فليس من حقنا ولا من حق أحد كائن من كان أن يُطلق الأحكام ولكن..؛

القصة والحكاية التي بسببها أقدمت رحاب على هذا الفعل وكما جاءت على لسان اسرتها؛ هي أنها كانت مخطوبة لعامل مغسلة وحدثت بينهما خلافات أدت إلى أن فسخت الخطبة، وبعدها تقدم لخطبتها صاحب المغسلة وبعدما وافقت عليه شعر خطيبها الأول بالغيرة وقرر الانتقام من صاحب المغسلة، فاستدعاه إلى مكان مهجور وقتله، ومنذ وفاة خطيبها صاحب المغسلة، اتهمها الجيران بأنها السبب في قتله وحبس الثاني، مما دفعها للتخلص من حياتها، بتناول مادة سامة وترك رسالتها هذه للجميع.

لم يختلف الأمر والتريند كثيرًا عن قصة «محمد.أ» الشاب المراهق الذي لم يكمل سن الـ 20 والذي قرر فعل تريند بشكل آخر؛ وبالفعل حقق التريند الذي أصاب رواد السوشيال ميديا بالجنون وادى إلى وفاته في الحال، فبينما كان رئيس مباحث قسم شرطة مصر القديمة يباشر عمله متجولا بين شوارع الدائرة، يتلقى إشارة على جهازه اللاسلكى بغرق أحد الأشخاص في نهر النيل أسفل كوبرى عباس، على الفور انتقل رئيس المباحث وبرفقة قوة من القسم، وتبين قيام أحد الأشخاص «حاصل على دبلوم» مقيم بمحافظة الجيزة، بالقفز في نهر النيل من أعلى الكوبرى، سرعان ما بدأت تحريات المباحث وسؤال شهود العيان، والذي تبين وجود أحد أصدقائه معه معترفا؛ أن «محمد» قفز بغرض الاستعراض، وأشار إلى قيامه بالاستعانة به لتصوير مقطع فيديو لنشره عبر صفحته على أحد مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» لزيادة عدد المشاهدات لجلب الشهرة والأموال كونه مهووسا بدافع الشهرة والتريندات، إلا أنه غرق وفارق الحياة. لم تقتصر السوشيال ميديا على هذه الفيديوهات فقط، بل وجدنا العديد من التريندات على مدار الفترة الاخيرة كفيديو البلوجر «س» والتي ظهرت في بث مباشر على حسابها الخاص بمنصة «التيك توك» تسب فيه والدها بألفاظ خادشة خلال مشادة كلاميه معه، لكن ذلك الفيديو انتشر بسرعة البرق على مختلف منصات السوشيال ميديا وأصبحت «س» تريند إلا أن ذلك الفيديو أثار اشمئزاز وغضب رواد منصات السوشيال ميديا بسبب فضيحة السباب والتحقير لوالدها على مواقع التواصل الاجتماعي في بث عام، إلا أن الكثيرين اعتبروه أن ذلك تجاوزًا للحدود وتعدي على المبادئ والقيم والعادات والتقاليد الاجتماعية لمجتمعنا وانه سلوك غير مقبول ويسيئ للقيم الاسرية المصرية.

حالة هيسترية

السؤال الذي يفرض نفسه ونطرحه هنا: لماذا كل هذا الهوس؟!،يجيب الدكتور على عبدالراضي استشاري العلاج والتأهيل النفسي قائلاً: في حالة اسمها اضطراب الهوس بمعنى أن الشخص لديه الهوس من بعض الاشياء خاصة بالموضة او السوشيال ميديا، وبما أن من طبيعة الانسان أن لديه تخوف فالسوشيال الميديا أظهرت الخلل والخوف الموجود داخله فعن طريق السوشيال ميديا يمكننا مواجهة الصعب والتجريح في الآخرين، وطالما لا توجد رقابة فهذا يجعل هؤلاء الاشخاص يأخذون راحتهم على ظهور ما يسمى بالتريندات، وبالفعل يواجه المجتمع عدد من الاضطرابات النفسية المزعجة منها جنون العظمة واختلاق ما يسمى «بملك التريند»وعرض اصعب المشاهد او الاضطرابات بالافكار المغلوطة، هؤلاء الاشخاص بداخلهم الكثير من المشاعر المخزونة كالشعور بالذنب أو الخوف أو عدم الارتياح ثم تأتي لحظة نتيجة هذه الضغوطات ولكي يرضي الحالة الهيسترية التي بداخله وهي مختلطة بالنرجسية نجده يقبل على الانتحار أويفعل الكثير من الاعمال الخطيرة بغرض التريند، مثل الفتاة رحاب التي كان لديها حالة من الهوس قوية جدًا مع الشعور بالإحباط فأصيبت بنوع من الاكتئاب السريع معه اقبلت على الانتحار وتوجيه رسالة للآخرين الذين تسببوا فيما حدث لها من وجهة نظرها، فتجعلهم يشعرون بالذنب، فالإقبال على استخدام منصات التواصل الاجتماعي بشكل مفرط نهايته سلوك إدماني ثم ميول انتحارية لا يدفع ثمنها غير الشخص نفسه.

فنصيحتي لكل اب وام التواصل والتقرب من اولادكم والتحدث معهم، فكل هذا يساعدهم على تكملة الحياة بدون تفكير في الرغبة في الفناء أو الرغبة في الانتحار، التعلق بالله فقط وليس الاشخاص فالحياة اغلى من أن تضيع، أيضا هناك خدمات تقدم للدعم النفسي والتأهيل للمقدمين على الانتحار وهناك متخصصون كثيرون يقدمون هذه الخدمة بدون مقابل فمهما كانت صعوبة المشكلات التي تواجهك من الممكن التواصل مع متخصصين للمساعدة فمن احياها كأنما احيا الناس جميعا. لتسكتمل الحديث الدكتورة امل شمس أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية بجامعة عين شمس قائلة: المفترض أن من يتعامل مع السوشيال ميديا أن يكون عمره 18 عاما وإلا التطبيق يرفض تسجيله، ولكن بصرف النظر لابد من المحيطين بالشخص الانتباه عندما ينسحب ويجلس وحيدا دوما فهذا نوع من الاكتئاب فلابد وأن يكون هناك دور من المحيطين بهذا الشخص سواء كان ابن أو صديق او قريب لان هذا الشخص يعرض نفسه للانتحار؛فـ الفيسبوك والتيك توك يسجلان اعلى نسبة مشاركة لاعتمادهما علي الصورة والصوت كما انه يتيح فرصة لمستخدمينه اعلى، فعوامل انتشار هذه التطبيقات يرجع اإلى انها مجانية.

العلاج اولًا والكلام على لسان د.أمل؛ لا بد وأن يبدأ من البيت من الام والاب بالتربية الصحيحة وعدم استخدام السوشيال ميديا وعدم اعطاء الابن الموبايل للتسلية ويتم التلاهي عنه فاعتقاد الاب او الام أن هذا يعمل على تنمية ذكاء ابنائهم دون أن يدركوا انه قد يتسبب في ايذائهم فالحظر والخطورة من اعطاء الموبايلات لأطفال في سن مبكر فيصبحون اكثر ادمانًا، فلابد وان يكون هناك انشطة اجتماعية وثقافية ورياضية في المدرسة والمجتمع معها الطفل يشعر بأهميته بعيدا عن حب الظهور على السوشيال ميديا.

القانون

بالتواصل مع اشرف فرحات المحامي بدأ حديثه قائلاً: لا يجب تناوله إلا من خلال التوعية بمعنى أن المحاولة من خلال استغلال منصات التواصل الاجتماعي أن تصنع حدث ولكي تحدث به بلبلة أو تسليط الاضواء بشكل معين على الحدث الذي تنقله؛ فيجب أن يكون لديك وعي كافي في كيفية الاستعانة بالانترنت فإذا استخدمته في نقل جريمة تحدث في الشارع فاعلم انك تروج لشيء سلبي، فليس كل ما يمكن التقاطه يباح إذاعته او نشره مثال البنت التي ظهرت في فيديو تتحدث عن الانتحار نتيجة الضغوط التي مرت بها، فهذه الفتاة مدركة ومستوعبة تمامًا لما تنقله للآخرين؛ فلدينا قانون يواجه جرائم تقنية تكنولوجيا المعلومات عامة، ولكن لا يوجد قانون بعينه لإساءة استخدام التطبيقات في كل دول العالم، فالتواجد على منصات التواصل الاجتماعي ليس جريمة ولكن الجريمة هي التي يمكن ارتكابها من خلال ما ابثه وانشره على منصات التواصل الاجتماعي، وهي تخضع لنصوص قانون العقوبات.

اقرأ  أيضا : شوارع لندن مهددة بتحديات السرقة الجماعية على تيك توك


 

 

 

;