بعد حديث الرئيس أثناء أداء اليمين.. ننشر ما لا تعرفه عن الهيدروجين الأخضر في مصر

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، أهم ملامح ومستهدفات العمل الوطني خلال المرحلة المقبلة.

وأدى الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية المنتخب اليمين الدستورية الرئاسية أمام مجلس النواب اليوم الثلاثاء، وذلك في مقر مجلس النواب بالعاصمة الإدارية الجديدة، في أول انعقاد ونشاط رسمى لمبنى مجلس النواب الجديد بالعاصمة الإدارية الجديدة.

ورصدت «بوابة أخبار اليوم» بعد حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية عنه اليوم أثناء أداء حلف اليمين، ننشر ما لا تعرفه عن الهيدروجين الأخضر في مصر حسبما ذكر موقع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابعة لرئاسة مجلس الوزراءوهي كالتالي: 

-وقَّعت الحكومة المصرية مذكرات تفاهم متعددة مع أكثر من 14 جهة خلال العامين الماضيين، كلها تتعلق بسوق الهيدروجين الأخضر المتصاعدة. على سبيل المثال، أبرمت مصر في عام 2022 اتفاقية مع شركة هندية في مجال الطاقة تسمى "رينيو باور" (ReNEW Power)، وتضمنت الاتفاقية صفقة بقيمة 8 مليارات دولار لتركيب وبناء وتشغيل منشأة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لإنتاج الهيدروجين الأخضر.

وتنقسم هذه الصفقة الطموحة إلى عدة مراحل؛ حيث تبلغ قيمة المرحلة الأولى من خطة تطوير المنشأة 710 ملايين دولار وتغطي مساحة 600 ألف متر مربع. وتستهدف الصفقة توريد كمية إضافية صغيرة من احتياجات السوق الداخلية والتصدير إلى دول أخرى.


وتأتي هذه الخطط بالتوازي مع طموحات الدولة المصرية المتعلقة بالتوسع في سوق الهيدروجين الأخضر، والأهداف المتمثلة في إنتاج 100 ألف طن من الأمونيا الخضراء و20 ألف طن إضافية من الهيدروجين الأخضر الصديق للبيئة والأكثر استدامة بحلول 2025.

كل هذا سبق التخطيطُ له لخدمة مختلف القطاعات التي سيُستَغل مصدر الطاقة الجديد فيها، كقطاعات البنية التحتية والنقل. وبعد التوقيع على مذكرة التفاهم، ذكرت الحكومة أن الهدف النهائي هو إنتاج أكثر من مليار طن من الأمونيا الخضراء وما يقرب من ربع مليون طن من الهيدروجين الأخضر.

فهم الأساسيات

يصف مصطلح "الهيدروجين الأخضر" مصدر طاقة حديثًا ونظيفًا ومتجددًا وصديقًا للبيئة؛ إذ يُعَد منخفضًا من حيث انبعاثات الكربون. يحتوي الهيدروجين الأخضر على بصمة كربونية أقل بكثير مقارنة بأنواع الهيدروجين الأخرى، مثل الأنواع الزرقاء والرمادية، التي تُصنَّع من خلال عملية تعتمد على الوقود الأحفوري كالغاز الطبيعي. جدير بالذكر أن 99% من الهيدروجين، الذي أُنْتِجَ عالميًّا في عام 2020، جاءت من الوقود الأحفوري المشتق من مصادر قائمة على الكربون. ومع ذلك، فإن الهيدروجين الأخضر، الذي يمثل 1% فقط من سوق الهيدروجين، ناتج عن التحلل الكهربائي للماء.

وللهيدروجين الأخضر مزايا واضحة للحفاظ على البيئة، مثل تقليل حجم الانبعاثات، بجميع أنواعها وليس فقط الكربون، في الصناعات والأنشطة المختلفة التي تنتج انبعاثات ضخمة، كإنتاج الصلب والأسمنت، الأمر الذي يساعد في الحد من تغيُّر المُناخ.

وسائل استخدام مختلفة

يُستخدَم الهيدروجين الأخضر في العديد من القطاعات وله استخدامات مختلفة. على سبيل المثال: يمكن استخدامه في قطاع النقل والأنشطة المنزلية مثل التدفئة والعديد من الصناعات كالغاز الطبيعي أو إنتاج الأمونيا الخضراء. وهناك خطط حاليًّا لاستخدام الهيدروجين كوقود للمركبات المختلفة. وتعمل شركة إيرباص بالفعل على تصميم طائرات تعمل بالهيدروجين، ومن المقرر أن تُطرَح أول طائرة تجارية عام 2035. ومع ذلك، فلن تكون قابلة للتطبيق تجاريًّا ولن تُعتمَد في أسواق الطيران حتى عام 2050.

بالإضافة إلى ذلك، فقد ثبت أن الهيدروجين يُعَد بديلًا جيدًا للغاز الطبيعي للاستخدامات المنزلية، مثل: التدفئة، وخدمات المطبخ ودورة المياه، وغيرهما. ففي المملكة المتحدة، اقتُرِح استخدام الهيدروجين الأخضر لأغراض التدفئة على المستوى المحلي بحلول عام 2050، كما أعلنت المملكة المتحدة عن إطلاق العديد من مشروعات النماذج الأولية التجريبية لتوضيح كيف يمكن للوقود أن يزود مناطق تحتوي على مئات المنازل بالطاقة.

فضلًا عن ذلك، وفيما يتعلق الأمر بالأسمدة، فإن الأمونيا الخضراء تُنتَج باستخدام الهيدروجين الأخضر. وتُعَد الأمونيا الخضراء العنصر الرئيس لإنتاج الأسمدة بطريقة صديقة للبيئة بشكل أكبر. وبمعدل الأبحاث الحالي، أُعلن في عام 2021 أن استخدام الأمونيا الخضراء سيكون على قدر كبير من التنافسية من الناحية التجارية من حيث التكلفة بحلول عام 2030.

فوائد مالية

من الناحية النظرية، لا يتطلب هذا المورد الحديث والنظيف تطوير بنية تحتية ضخمة أو باهظة الثمن؛ حيث يُنقَل باستخدام نفس شبكات الأنابيب المصنوعة بالفعل لنقل الغاز الطبيعي في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، ما زالت هناك حاجة إلى تطوير الكثير من خطوط الأنابيب لنقل الهيدروجين، فقد اختبر برنامج تجريبي في فرنسا تشغيل شبكة الغاز لـ 100 منزل مع استخدام الهيدروجين المختلط وكانت النتائج ناجحة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تحويل محطات إنتاج الطاقة من الغاز الطبيعي بشكل عملي نحو حرق وقود الهيدروجين الأخضر وتصبح أحد الأصول المهمة لمساعدة شبكة الطاقة خلال فترات تزايُد الطلب.

فعلى الرغم من أن المشكلة الرئيسة بالنسبة للهيدروجين الأخضر هي ارتفاع تكلفة الإنتاج، وهو السبب الرئيس وراء انخفاض استخدامه، فإن تكلفة الإنتاج من المتوقع أن تنخفض من 6 دولارات لكل كيلوجرام، كما كان الحال قبل 8 سنوات، إلى ما يقرب من دولارين للكيلوجرام بحلول عام 2025. ويمثل هذا السعر المتوقع نقطة تحول محتملة من شأنها أن تجعل الهيدروجين الأخضر أكثر جاذبية عن ذي قبل. ومن ناحية أخرى، تجري البنوك الدولية مناقشات لتسهيل تمويل مشروعات الهيدروجين الأخضر في جميع أنحاء العالم.

وبالفعل صنَّعت شركة "سيمنز" طواحين الهواء المجهزة لخليط الهيدروجين، الأمر الذي ساعد على زيادة إنتاج الهيدروجين الأخضر. بالإضافة إلى ذلك، في عام 2020، عبَّرت كبرى الشركات الأوروبية عن تطلعاتها لجعل أساطيل الشحن الخاصة بها تستخدم الطاقة الهيدروجينية. وفي العام نفسه أيضًا، بلغت القيمة العالمية لسوق الطاقة الهيدروجينية 900 مليون دولار. وبحلول عام 2030، ستقفز بنسبة 10% ثم أكثر من 300% بحلول عام 2050. وفي ظل وجود 136 مشروعًا في عام 2021 في جميع أنحاء العالم بقدرة 121 جيجاوات تقريبًا، يمكن القول إن إمكانات الاستثمار موجودة بشكل كبير.

مبادرات ومشروعات الهيدروجين الأخضر المصرية

تُعَد الاتفاقيات التي أتمتها مصر مع كيانات وحكومات الإمارات والهند وألمانيا والنرويج والمملكة العربية السعودية وغيرها من الدول دليلًا على مدى جدية الدولة المصرية في المغامرة بسوق الهيدروجين الأخضر وحجز حصة كبيرة منها في أسرع وقت ممكن قبل أن تتشبَّع في المستقبل.

إن إطلاق مشروع شركة "رينيو باور" يُعَد إحدى الخطوات الواعدة من بين خطوات أخرى كثيرة اتخذتها مصر لتنويع سلة مصادر الطاقة المتجددة المنتجة؛ حيث وقَّعت الشركة الهندية اتفاقيتها مع كيانات مصرية كبرى، بما في ذلك صندوق مصر السيادي المصري، بالإضافة إلى العديد من الهيئات والجهات الحكومية المصرية، خاصة تلك المرتبطة بإمدادات الكهرباء وإدارتها، وأيضًا المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

وبموجب هذه الصفقة، تُعَد شركة "رينيو باور" مؤهلة لبناء محطات ومُجمَّعات الهيدروجين الأخضر، وتقع منشآتها على البحر الأحمر في مدينة العين السخنة بمحافظة السويس، ومن المتوقع أن يتجاوز إنتاجها من الطاقة مليون طن سنويًّا، كما أن الإنتاج المستهدف الذي يقدر بـ 1.32 مليون طن سيرفع ترتيبها في قائمة أفضل مصانع الهيدروجين الأخضر في مصر ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ومع ذلك، فإن الشركة الهندية ليست الشركة الأولى التي تطلق مشروعها، فقد أصبحت الشركة الثامنة لإنتاج الهيدروجين الأخضر المتجدد في مصر.

تجدر الإشارة إلى أن مصنع الهيدروجين الأخضر الذي أُنشِئ في العين السخنة يمر بعدة مراحل؛ حيث تضم مرحلته الأولى إنشاء منشأة يمكنها إنتاج الأمونيا الخضراء بمعدل سنوي يصل إلى 100 ألف طن. بالإضافة إلى ذلك، سيكون للمصنع حصة ضخمة من إنتاج الهيدروجين الأخضر بين عامي 2023 و2025؛ إذ من المتوقع أن تصل إلى 20 ألف طن.

ومن ناحية أخرى، من المتوقع أن تُنفَّذ المرحلة الثانية بين عامي 2025 و2029. ومن المخطط أن يصل الإنتاج في هذه المرحلة إلى مستوى جديد يقدر بـ 200 ألف طن من الهيدروجين الأخضر سنويًّا. ومن المتوقع أيضًا أن يصل المعدل السنوي لإنتاج الأمونيا الخضراء إلى مليون طن بتكلفة تقديرية 7.147 مليارات دولار.

فرص لزعامة المنطقة

تحاول مصر التحرك بخطوات كبيرة نحو ريادة المنطقة في مجال الهيدروجين الأخضر، مثلما سعت من قبل إلى ريادة قطاع الطاقة المتجددة، وذلك وسط منافسة مع دول الخليج واستثمارات عالمية تزيد على 10 مليارات دولار من اتفاقيات المشروعات الأولية التي وُقِّعت مع شركاء دوليين. بالإضافة إلى ذلك، أُعلِنَت خطوات أخرى في أثناء وبعد انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيُّر المُناخ (COP27) العام الماضي، إلى جانب إعداد الاستراتيجية الوطنية المصرية للهيدروجين الأخضر.

تتنافس مصر بشكل فعَّال مع أطراف دولية مختلفة فيما يتعلق بإطلاق مشروعات الهيدروجين الأخضر؛ حيث تتمتع بالعديد من نقاط القوة نتيجة توجهها نحو الاستثمار في مصادر الطاقة الخضراء الاقتصادية، كما لا تعاني الدولة من أي عجز من الشبكة الموجودة بالفعل حاليًّا. ولذلك، وجَّهت الحكومة جميع شركات الطاقة المتجددة في القطاع الخاص لتوجيه إنتاجها من المصادر المتجددة والطاقة النظيفة بشكل مباشر إلى مشروعات الهيدروجين وتحلية المياه الخضراء؛ مما يوفر ميزة تنافسية كبيرة.

ومن ناحية أخرى، وضعت الحكومة سياسات وتنظيمات على مدار السنوات الثماني الماضية ساعدت في خلق حوافز جديدة للقطاع الخاص بهدف تحفيز إنتاج الطاقة المتجددة، كما أدركت مصر حاجتها إلى إصلاحات في سياساتها الاستثمارية؛ ولذلك قامت بتعديل قانون الاستثمار لعام 2017 بحيث يمكن للشركات العاملة في جميع الأنشطة المتعلقة بسوق الهيدروجين والأمونيا الخضراء خصم ما بين 30% إلى 50% من تكاليف الاستثمار من فواتيرها الضريبية، ودفع نسبة ثابتة قدرها 2% على الآلات المستوردة، وكذلك الإعفاء من تكاليف التوثيق والدمغات على بعض بنود الإنفاق لمدة خمس سنوات.

ويمكن للدولة أيضًا الاستفادة من كونها موردًا عالميًّا رئيسًا للأسمدة من خلال تصدير الأمونيا الخضراء إلى عملائها الحاليين. وهذا يخدم الأهداف المُناخية للعالم، مثل: أهداف الاتحاد الأوروبي، وخفض الانبعاثات، والوفاء بالاتفاقيات الدولية.

ويبقى على مصر أن تعمل على تعزيز وإصلاح اللوائح التي يمكن أن تسهل المشاركة والتعاون بين أصحاب المصلحة في تلك السوق وكيفية تخصيص الأراضي لهم لتعزيز فرص الطاقة المنتجة من محطات الهيدروجين الأخضر الحالية والقادمة. ويمكنها أيضًا الاستفادة من الاهتمام الدولي الحالي بتغيُّر المُناخ والقضايا البيئية، واستغلال هذه الفرص لإزالة عوائق التصدير، بما يضمن جدوى استخدام التقنيات والمنتجات الصديقة للبيئة من الاتحاد الأوروبي وتسهيل مسارات أكثر لتصديرها.

اقرأ أيضاً | بحلول 2040.. البترول: نستهدف حصة من السوق العالمي للهيدروجين تصل إلى 8%