سلسلة «كلمات ربي وآياته في القرآن والكون».. معنى «أَكْنان»

الدكتور، أحمد فؤاد باشا
الدكتور، أحمد فؤاد باشا

تواصل «بوابة أخبار اليوم»، سلسلة (كلمات ربي وآياته في القرآن والكون)، للأستاذ الدكتور أحمد فؤاد باشا عضو مجمع اللغة العربية، وحلقة اليوم عن كلمة «أَكْنان».

 و«أَكْنان»، في اللغة العربية جمْع "كِنّ" وهو ما يُسْتكَنّ فيه كالغار والكهف عندما يكون وقاءً وستْرًا.

اقرأ ايضا|«التعليم»: الطالب المعفي من مادة اللغة العربية خارج قائمة أوائل الثانوية العامة

والكِنّ والكِنَان: كل شيء يقي شيئًا يستره.

قال تعالى: {وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا} (سورة النحل: 81).. وفي هذه الآية الكريمة يمنّ الله على عباده بتكوين الكهوف والمغارات في الجبال وفي صخور الأرض لكي يستتر فيها الإنسان قبل أن يكتشف صنعة الخيام أو بناء البيوت، فيحمي نفسه وأهله من حرارة الشمس صيفًا وبرودة الجو شتاء. كما تحميه من الأمطار والثلوج والأعاصير، ومن هجمات الحيوانات المفترسة، وغير ذلك من المخاطر البيئية.

وتتكون الكهوف بعمليات التعرية التي تؤثر على الأماكن الضعيفة في صخور الأرض، مثل مستويات التصدع والتشقق والفواصل المختلفة التي ينزل إليها ماء المطر فيذيب أو يفتت أجزاء منها، خاصة إذا كان الماء مذيبًا لبعض الغازات المكونة للأحماض بذوبانها في الماء، مثل ثاني أكسيد الكربون أو أكاسيد النتروجين، مما يعينه على إذابة الصخور، خاصة الكربوناتية منها مثل الأحجار الجيرية، والمتبخرات مثل ملح الطعام والجبس. كذلك تعمل المياه المختزنة في صخور الأرض على إذابة العديد من المسارب المتعددة في تلك الصخور، خاصة إذا تعددت بها مستويات التصدع والتشقق والطي الضعيفة والتي قد تؤدي إلى حدوث العديد من الانهيارات الأرضية.

ويمكن أن تتكون الكهوف بفعل الطفوح البركانية. وقد سكن الإنسان الأول معظم هذه الفجوات في صخور الأرض، خاصة كهوف الجبال، وترك آثارًا عديدة كشفتها بحوث الآثاريين تشير إلى ذلك. ومن الثابت علميًّا أن خلق الأرض سابق على خلق الإنسان بعدة بلايين السنين. وخلال هذه الفترة الزمنية الطويلة سخر الله مختلف عوامل التعرية من الرياح والمياه الجارية وغيرها لتهيئة الأرض لاستقبال الإنسان الذي كرمه ربه على كثير ممن خلق. وكان من صور إعداد الأرض لاستقبال الإنسان تكوين مأوى له قبل أن يعرف كيف يُعدّ لنفسه مأوى، وكان ذلك بتكوين الكهوف والمغارات المختلفة وغيرها من المسارب في الجبال وفي الصخور، والتي احتمى بها الإنسان الأول حتى تعلم فن صناعة الخيام، ثم فن البناء.