من أفريقيا لأسيا وأوروبا.. مصر مركز المبادرات والقمم الدولية بعهد الرئيس السيسي

الرئيس عبد الفتاح السيسي
الرئيس عبد الفتاح السيسي

بعد عشر سنوات حافلة من تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في مصر، نجحت البلاد في استعادة دورها المحوري على الساحتين الإقليمية والدولية، فبعد مرحلة من الاضطرابات السياسية والأمنية الداخلية، تمكنت مصر من ترتيب أولوياتها وترسيخ أركان الدولة الوطنية مرة أخرى بفضل الإرادة السياسية الصلبة للقيادة المصرية، وسرعان ما تحولت الأنظار نحو المبادرات المصرية الخارجية التي حددت معالمها بوضوح وثبات.

مبادرات إقليمية

على الصعيد الإقليمي، حرصت مصر على لعب دور الراعي والوسيط في تسوية النزاعات التي تشهدها المنطقة وتعزيز جهود حفظ السلام والأمن في محيطها الإقليمي، معتمدة في ذلك على ثقلها التاريخي ومكانتها الدولية والإقليمية. ولعل أبرز التحديات التي واجهتها كانت الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية، حيث قادت مصر جهوداً حثيثة ودبلوماسية نشطة من خلال الاتصالات والمشاورات واللقاءات المكثفة لاحتواء التصعيد العسكري بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل والحيلولة دون اندلاع مواجهة مفتوحة بينهما. في هذا السياق، ترأس الرئيس السيسي اجتماع مجلس الأمن القومي المصري وعقد قمة قاهرة للسلام ضمت كلاً من مصر والأردن وفلسطين للتشاور وبحث سبل دفع العملية السلمية.

كما اضطلعت مصر بدور فاعل في ملفات إقليمية ساخنة أخرى مثل الأزمتين الليبية والسودانية، ففي ليبيا كانت القاهرة صاحبة مبادرة سياسية للخروج من الأزمة، حيث تؤكد على ضرورة التسوية الشاملة التي تحافظ على وحدة الأراضي الليبية وتعيد دور مؤسسات الدولة في محاربة الإرهاب.

أما في السودان، فقد ساهمت مصر في جهود الوساطة مع دول الجوار لحل الأزمة وتجنيب الشعب السوداني مزيدًا من الدماء والاقتتال الداخلي. 

 

التعاون الدولي

على الصعيد الدولي، كان لمصر دورًا رياديًا في مواجهة قضايا وتحديات عالمية هامة مثل الإرهاب والأمن الغذائي العالمي وتداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية.

ففي مواجهة خطر الإرهاب والتطرف، دعت القاهرة دائمًا إلى أهمية شمولية المواجهة سياسيًا وأمنيًا وفكريًا واقتصاديًا، أما فيما يتعلق بالأمن الغذائي فقد لعبت دورًا محوريًا في إبراز تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على أسعار المواد الغذائية العالمية خاصة للدول النامية، والدعوة لإيجاد تسوية سريعة تضمن سلامة صادرات القمح عبر البحر الأسود.

فضلاً عن ذلك، اتسمت السياسة الخارجية المصرية في عهد الرئيس السيسي بالانفتاح غير المسبوق على جميع الأطراف الدولية وإقامة علاقات متوازنة معها تقوم على أساس تحقيق المصالح المشتركة، بعيدًا عن المحاور والائتلافات المغلقة، فقد نجحت مصر في فتح آفاق تعاون جديدة مع شركاء تقليديين مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الخليج، وفي الوقت ذاته تأسيس آليات حوار استراتيجي مع دول مؤثرة أخرى مثل روسيا واليونان وقبرص وفرنسا وإيطاليا.

 

مصر في طليعة النمو

كما سعت القاهرة لبناء جسور تواصل مع قوى اقتصادية وسياسية صاعدة مثل الصين والهند ودول البريكس، إذ كان من اللافت أن مصر ارتكزت في ذلك على مبادئ أساسية مثل الندية والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وهو ما عزز مصداقية سياستها الخارجية وجعلها محط ثقة جميع الأطراف الفاعلة إقليميًا ودوليًا.

ولعل القمم والمنتديات الدولية التي ترأستها أو استضافتها مصر خلال السنوات الماضية خير دليل على المكانة المرموقة التي باتت تتبوأها على الساحة الدولية.

ففي عام 2019 وهي تتولى رئاسة الاتحاد الإفريقي، استضافت القاهرة عددًا من المحافل البارزة مثل القمة الأفريقية الروسية، والقمة الأفريقية الأوروبية، ومنتدى غاز شرق المتوسط، كما شاركت مصر بفاعلية في قمة مجموعة العشرين في الهند عام 2023.

 

كوب27

من أبرز الفعاليات التي ترأستها مصر في الفترة الأخيرة كانت تنظيم مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (COP27) في مدينة شرم الشيخ المصرية خلال الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر 2022.

شاركت في القمة ما يقرب من 197 دولة، بينها دول عربية ودول غربية مثل فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، في حين غابت عن المشاركة دول أخرى كالصين وروسيا والهند، رغم أهمية حضورها باعتبارها من أكبر الدول المنتجة للانبعاثات الكربونية.

هدفت القمة إلى وضع سياسات واستراتيجيات لمواجهة الآثار الضارة للتغييرات المناخية، والحد من الانبعاثات الكربونية بهدف الحفاظ على ارتفاع درجة حرارة الأرض بمعدل أقل من 1.5 درجة مئوية.

 

مؤتمر السلام

استكمالا لدورها الريادي في المنطقة ودعمها المتواصل للقضية الفلسطينية، استضافت مصر قمة القاهرة الدولية للسلام 2023 بالعاصمة الإدارية الجديد في أكتوبر الماضي بعد العدوان الإسرائيلي الدموي على  قطاع غزة في اعقاب عملية طوافان الأقصى .

سعى المؤتمر الى بحث تطورات ومستقبل القضية الفلسطينية، ومناقشة جذور الصراع التاريخى بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والدفع نحو تفعيل عملية السلام فى الِشرق الأوسط للشروع فى تسوية عاجلة وشاملة للصراع الممتد لعقود، وذلك وفق مبدأ حل الدولتين ومبادرة السلام العربية التى تبنتها قمة بيروت عام 2002، بمشاركة إقليمية دولية واسع وعدد من الشخصيات الاعتبارية فى العالم وفى مقدمتهم السكرتير العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش.

شارك في القمة 31 دولة و3 منظمات دولية، وزعماء كلا من قطر، تركيا، اليونان، فلسطين، الإمارات، البحرين، المملكة العربية السعودية، الكويت، العراق، إيطاليا، قبرص، بالإضافة إلى سكرتير عام الأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش، الذى أشاد بالدور المصرى فى الحرص على إيصال المساعدات لقطاع غزة عن طريق معبر رفح.

بفضل سياستها الخارجية الواضحة المعالم وتوازنها في علاقاتها الدولية، نجحت مصر خلال عشر سنوات في تحقيق قفزات نوعية على صعيد السياسة الخارجية فرضت من خلالها نفسها كلاعب إقليمي ودولي لا يمكن تجاهل دوره وأهميته في معادلات الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.